مناورة بحرية إيرانية في مضيق هرمز

فيما تشهد المنطقة حالة من الاحتقان السياسي، يختلف الخبراء حول احتمال نشوب حرب جديدة. ففيما يرى البعض أن الحرب الناعمة بدأت على خلفية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، أشار آخرون إلى وجود توترات بين أطراف إقليمية، ولكنها لن تصل إلى حالة حرب.


تشهد المنطقة حالياً احتقانًا سياسيًا وطائفيًا وشدًا وجذبًا وتهديدات متبادلة بين أطراف إقليمية عدة، وغضبًا شعبيًا تموج به بعض دول المنطقة من خلال الربيع العربي، الذي أطاح بأنظمة فاسدة لرؤساء تونس ومصر واليمن، وفي الطريق سوريا، وتأثيرات سلبية على اقتصاديات دول الربيع العربي، ومناورات وتدريبات عسكرية في مياه الخليج العربي، وتجريب لبعض أنظمة الصورايخ، ومؤشرات ومعطيات سياسية وعسكرية لمقدمات حرب جديدة تشهدها المنطقة.

رغم كل ذلك، إلا أن المراقبين والمحللين العسكريين والسياسيين استبعدوا نشوب حرب جديدة في المنطقة على الأقل خلال هذه الفترة، واعتبرها البعض بالونات اختبار وتدخلاً في نطاق التصريحات الإعلامية، بينما في المقابل اعتبر أحد المحللين العسكريين أن الحرب الناعمة بدأت بالفعل.

لكن ما هي أطراف هذه الحرب في حال وقوعها؟، وما هي quot;السيناريوهاتquot; في حال تنفيذ إيران لتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز؟، وما هو دور أميركا وإسرائيل في هذه الحرب لو اندلعت؟، وما موقف دول الخليج في حال نشوب حرب بين إيران من ناحية وأميركا وإسرائيل من ناحية أخرى؟، وما موقف كل من مصر والأردن من هذه الحرب في حال نشوبها، وهما دولتان موقعتان على اتفاقيتي سلام مع إسرائيل؟... كل هذه التساؤلات وغيرها طرحتها quot;إيلافquot;على بعض الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين.

إيران لن تغلق هرمز

quot;هرمزquot;... كلمة السر في اشتعال حرب الخليج quot;الرابعةquot;

في البداية يستبعد الخبير الإستراتيجي لواء نبيل فؤاد quot;نشوب حرب جديدة يشهدها الشرق الأوسط أو بين العرب وإسرائيل، فهذا -على حد تعبيره- غير متوقع، لسبب بسيط، وهو أن هناك خللاً في توازن القوى بين العرب وإسرائيل.

أما بالنسبة إلى إيران، فإنه رغم التهديدات المتصاعدة، سواء الأميركية أو الإسرائيلية، فإن الشرق الأوسط لا يحتمل حربًا جديدة، تستخدم فيها وسائل متطورة، مثل الصواريخ وخلافه، وأيضًا إسرائيل لا تحتمل، وكذلك إيران، التي لن تغلق مضيق هرمز، لأنها تعلم مدى صعوبة ذلك بالنسبة إليها، وبالنسبة إلى دول الخليج على وجه الخصوص، كما يقول فؤاد.

إستراتيجية أميركا الجديدة

وتابع quot;الحرب لن تبدأ من أميركا، وخاصة بعدما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أخيرًا عن الإستراتيجية الأميركية الجديدة، وهي أن الاهتمامات العسكرية ستتجه إلى آسيا، وهناك بوادر ومؤشرات إلى ذلك بأنه أقام قاعدة عسكرية في أستراليا لإحاطة الصين، وهذا يعني أن الشرق الأوسط بات في الدرجة الثانية لدى أميركاquot;.

مضيفًا أنه quot;لا يتوقع أن يحدث صدام في الشرق الأوسط، خاصة بعد فرض عقوبات اقتصادية على إيران، فضلاً عن اغتيال علماء في المجال النووي، بهدف عرقلة المشروع النووي الإيراني، الذي هو سبب المشكلةquot;.

إسرائيل أكثر حرصًاعلى السلام من العرب

يشدد فؤاد على أن إسرائيل أكثر حرصًاعلى السلام من العرب، وأن الوضع الراهن هو أنسب وضع لها، ولم تكن تحلميومًا بأن تكون لديها اتفاقيتا سلام مع كل من مصر والأردن. ورأى أن مصلحة إسرائيل في السلام أكثر من مصلحة مصر والأردن، لذا فهي تحرص عليه كل الحرص، نافيًا وجود أهداف لإسرائيل ستحققها من خلال الحرب.

ولفت إلى أن تهديدات رئيس الأركان الإسرائيلي الأخيرة حول سيناء تأتي في إطار التصريحات الإعلامية في حال تعرّض بلده لهجوم من مصر، وفي المقابل لن تقف مصر مكتوفة الأيدي في حال تعرّضها لاعتداء من إسرائيل، وهذا تصريح طبيعي.

وأكد فؤاد أن خيار الحرب العسكرية هو آخر خيار في السياسة الدولية، لو كانت له ضرورة، بينما هناك خيارات أخرى، مثل التلاسن في التصريحات، والضغوط الاقتصادية، وفرض العقوبات، وغيرها من الوسائل الأخرى.

توترات لن تصل إلى حالة حرب

من جهته، يتفق عبد الله الأشعل أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي في الجامعة الأميركية في القاهرة والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية في الرأي مع نبيل فؤاد في استبعاده نشوب حرب جديدة تشهدها المنطقة، غير أنه يشير إلى وجود توترات واضطرابات ومكونات حالة حرب واحتقان بين دول الخليج وإيران، وبين إيران وإسرائيل، وبين إيران والإتحاد الأوروبي، ولكن لن تصل إلى حالة حرب، على الأقل خلال الشهور الستة المقبلة.

ضغوط على إيران لتتآكل من الداخل

وأشار الأشعل إلى أنإيران يتم الضغط عليها بطريقة منظمة، حتى تتآكل من الداخل، من خلال عقوبات اقتصادية وعمليات تخريب داخلية، واغتيال لعلماء الذرة، والعالم النووي، الذي اغتيل هذا الأسبوع هو الرابع خلال عامين، وقد اعترف الموساد الإسرائيلي بمسؤوليته عن ذلك، مؤكدًا أن هناك تنسيقًا تامًا وتعاونًا بين إسرائيل وأميركا، وأن المعلن هو تمثيلية بينهما للرأي العام العالمي.

إيران أولى الدول المتضررة من إغلاق المضيق

وأضاف: quot;كل نفط دول الخليج المصدر إلى الخارج يتم من خلال مضيق هرمز، وأن إيران هي أول من ستتأثر في حال تنفيذ تهديداتها بإغلاقها المضيق، لأن نفطها المصدر إلى الخارج يمر عبر هذا المضيق، وبذلك سيتأثر اقتصادها ودخلها القومي بتوقف حالة تصدير النفط إلى الخارج.

في المقابل فإن كل دول الخليج العربي لديها مصادر دخل لها واحتياطاتها واستثماراتها الخارجية، فضلاً عن وجود بدائل أخرى لمضيق هرمز بالنسبة إلى دول الخليج لنقل نفطها المصدر إلى الخارج، ولن تتوقف حالة التصدير في كل الظروف.

هجمة جديدة على التحالف الرباعي

ويكشف الأشعل عن السيناريو الحاصل على الساحة في المنطقة قائلاً: ما يحدث حاليًا في المنطقة هو هجمة جديدة على التحالف الرباعي، الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله وحماس، وأنه محاولة تفكيك للعلاقة ما بين إيران وسوريا تحديدًا، معتبرًا أن الأزمة في سوريا ساهمفي إشعالهاالعرب وإسرائيل -على حد تعبيره - لأن سوريا من quot;الدول الممانعةquot;.

وأضاف quot;إلى جانب سوء العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فإن هناك مؤامرة على سوريا وتساهلاً في فتح الثغرة، أدى إلى استحكام المؤامرة، وبالتالي يؤدي إلى ضعف النظام، ومشددًا على أن النظام السوري أصبح عبئًا حاليًا على إيران وحماس، لذا أصبح دعم النظام السوري أهم من عمل المقاومةquot;.

الحوار والعقوبات الاقتصادية

من جانبه، استبعد سفير دولة الكويت في القاهرة رشيد الحمد إمكانية نشوب حرب جديدة تشهدها المنطقة، لأن الحرب ليست سهلة -على حد قوله- بما لها من تأثيرات سلبية على شعوب المنطقة في الاقتصاد، غير أنه رجّح خيار الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات بين كل الأطراف، مشيرًا إلى أن العقوبات الاقتصادية قد تحقق نتائج إيجابيةبالنسبة إلىالأطراف الأخرى.

الحرب الناعمة بدأت... وليست العسكرية

من ناحيته، رأى لواء علي حفظي... قائد سلاح حرس الحدود السابق ومحافظ شمال سيناء سابقًا: أن الحرب بدأت بالفعل، بمعنى أن الحرب الناعمة بدأت، لأنها أكثر تأثيرًا بأقل الخسائر، ومنها إفساد أنظمة السيطرة على الكمبيوتر، وإثارة القلاقل الداخلية والتفجيرات والاغتيالات والضغوط الاقتصادية، وتحريك قوى المعارضة، وبذلك يحقق الخصم أو الطرف الآخر أهدافه من دون تدخل مباشر.

مؤكدًا أن هناك خطة إعادة رسم خريطة المنطقة من جانب أميركا، لأن لديها أجندة مستقبلية، وتعمل دائمًا على التخطيط لأكثر من عشر سنوات، ولافتًا إلى أن أميركا توجد فيها إدارة، تدير الإستراتيجية الموضوعة من جانب المؤسسات المتخصصة انطلاقًا من رؤية وتخطيط ومصالح أميركا، وعلينا أن نعي ذلك في المنطقة.

مصالح أميركا وإسرائيل أولاً

وتابع: quot;تضع أميركا مصالحها أولاً، وتقضي بأن تكون هناك أوضاع معينة في المنطقة، وهي تحرص على أن تكون إسرائيل -الولاية رقم 51- في مقدمة دول المنطقة، وهذا هو هدفهم.

ووفق الأجندة الأميركية لإستراتيجيتها في المنطقة، فقد بدأت الدول العربية تأخذدورها، ووفق الترتيب، فأضعفوا العراق، وقسموا السودان، ويأتي الدور على سوريا، والبقية تأتي من الدول العربية، وذلك لأن إسرائيل وأميركا واحد، ومن المنتظر بعد ترتيب الأوضاع في المنطقة أن نجد أنأميركا أصبحت على علاقة طيبة مع إيران، لاارتباط المصالح، ولأن التي تحكم الأمور هي السياسة، التي هي فن الممكن في تحقيق المصالح والأهداف.

قرار الإغلاق حالة يأس

وبشأن إمكانية إغلاق إيران لمضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، رأى حفظي: أن إيران قد تتخذ هذا الخيار، في حال مرورها بحالة من اليأس، لأنها ستضرّ بمصالحها بالدرجة الأولى، وبالآخرين، وهو ما يعارض مصالحها، ومؤكدًا أن الحرب هي أداة من أدوات السياسة لتحقيق المصالح والأهداف السياسية، ولا يتم اللجوء إليها إلا في حالة استنفاد كل الأدوات والوسائل الأخرى، وأن يكون هناك خطر على الأمن القومي، فيتم اللجوء إلى الحرب، التي إن لم تحقق الأهداف السياسية، فلا داعي منها، لأنها ستكون أكثر ضررًا.