الثوار السوريون في لبنان على تواصل مع المعارضة في الداخل لإسقاط النظام

يؤكد ناشطون سوريون في لبنان أنهم على تواصل دائم مع المعارضة في الداخل، وأنهم يساعدون في إيصال الإمدادات الطبية إلى بلادهم، عبر مناطق لبنانية أبرزها قرية وادي خالد الشمالية، كما يعتبر المعارضون اليوم أن الحدود لم تعد رادعا أمامهم نظرا لوجود الانترنت.


لندن: كثف ناشطون سوريون في لبنان جهودهم لمساعدة المعارضة السورية في الداخل بتهريب الإمدادات الطبية والهواتف الفضائية والأسلحة الى سوريا، وتهريب اللاجئين والمقاتلين الجرحى منها. ويبقى الناشطون على اتصال دائم مع المعارضين في الداخل من بيوت آمنة في بيروت، وطرابلس وقرية وادي خالد الحدودية، كما افادت صحيفة واشنطن تايمز في تقرير من بيروت.

وأوضح الناشط محمد الذي اكتفت الصحيفة باسمه الأول حفاظا على سلامته، ان الحدود لا تعني شيئا بعد الآن بسبب شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت والطرق الجديدة لصنع الثورة. واضاف quot;نحن على اتصال دائم مع المعارضة في الداخلquot;. واكد ان العلاقة بين الداخل والخارج علاقة عضوية.

وتابع انه يستطيع ان يهرب نفسه الى الداخل quot;ولكن فائدتي اكبر هنا على هذا الجانب لأني أساعد في ايصال أشياء الى الداخلquot;.

وفي طرابلس، يتلقى المعارضون الدعم من جمعيات محلية مثل quot;البشائرquot; وهي منظمة سنية مناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد، تبرّعت بملابس وأدوية ومعونات مالية لمئات العائلات السورية في طرابلس، كما قال وسيم بشير المتحدث باسم الجمعية. وأضاف بشير quot;نحن كلنا عانينا من هذا النظامquot;.

كما تساعد جمعية البشائر الجرحى السوريين الذين يُهرّبون عبر الحدود الى لبنان. وقال بشير إن مصابا أو اثنين يصلان كل يوم.

وتعلم الحكومة اللبنانية بعمليات التهريب هذه، ولكن المسؤولين يمتنعون عن الاعتراف بها علنا. واقامت السلطات اللبنانية عددا من حواجز التفتيش ولكن الجيش اللبناني غير قادر بحجمه الصغير على ضبط الحدود البالغ طولها 320 كلم مع سوريا.

ومن انشط مناطق التهريب في لبنان، قرية وادي خالد التي تبعد نحو 5 كلم عن الحدود السورية، ويعتمد سكانها تقليديا على الزراعة وعمليات التهريب، التي كانت تتركز عادة على المحروقات والمواد الغذائية الأرخص على الجانب السوري.

ولكن منذ اندلاع الانتفاضة السورية تغيرت المواد المهربة وانتعشت السوق السوداء بالسلاح. وقال لبنانيون من سكان وادي خالد ان اسعار السلاح ارتفعت بحدة. وتباع اسلحة مثل البنادق والرشاشات الخفيفة للثوار السوريين وتُهرب عبر الحدود الى سوريا بصورة منتظمة. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن مهربين ان سعر الكلاشنكوف تضاعف مرتين تقريبا الى نحو 2000 دولار منذ اندلاع الانتفاضة.

ويبيع تجار السلاح اللبنانيون بضاعتهم الى مَنْ يدفعون سعرا أعلى والكثير من هؤلاء هم الآن ثوار سوريون لم يعودوا يؤمنون بالاحتجاجات السلمية.

وقال ناشط سوري قدم نفسه باسم عبد الحكيم quot;ان النصر سيحالفنا ليس بمساعدة المجتمع الدولي بل بشعبنا وببنادقناquot;.

واتخذت السلطات السورية إجراءات امنية مشددة على الحدود بزرع الألغام ونشر قوات اضافية. ولكن الحدود اللبنانية ما زالت مفتوحة مثلها مثل حدود سوريا الشمالية مع تركيا والجنوبية مع الاردن. وتقول مصادر المعارضة انها تتلقى السلاح الآن من تركيا والاردن ايضا.

وكان تهريب السلاح نشاطا محدودا في السابق ولكن مع تصاعد اعمال العنف شهدت تجارته رواجا واسعا واصبحت تجارة مربحة اكثر من غيرها، بحسب قرويين من سكان المنطقة.

وقالت الناشطة السورية ايمان التي وصلت الى قرية وادي خالد منذ شهر ان الحرب الأهلية بدأت بالفعل في محيط مدينة حمص، حيث ما زال زوجها، وان المدينة محاصرة بحواجز التفتيش والقناصة المنتشرين في أنحائها.

ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن ايمان ان السلطات السورية quot;قسمت المدينة الى منطقتين، السنة على جانب والعلويون على الجانب الآخر فيما تقف الدبابات مصوّبة مدافعها باتجاه الجانب السنيquot;.

وفيما كانت ايمان تتحدث اطلقت سيارات اسعاف صفاراتها عابرة عبر قرية وادي خالد لمساعدة محتجين سوريين جرحى أُصيبوا بنيران القوات السورية عبر الحدود.

وارتفع عدد القتلى والجرحى باطراد خلال الشهر الماضي نتيجة تصاعد حملة النظام السوري ضد اللاجئين والمنشقين الهاربين. ولا يُعرف عدد الضحايا على وجه التحديد ولكن ناشطين يقولون ان ستة اشخاص على الأقل قُتلوا على الجانب اللبناني من الحدود خلال الأشهر الأربعة الماضية.

ورغم تصاعد حملة البطش، أكد ناشطون ولاجئون انهم سيواصلون مساعدة المقاتلين ضد النظام في الداخل. وقالت ايمان quot;نحن عائلة واحدة، ونريد الحريةquot;.

وكثيرا ما يتواصل المعارضون والناشطون عن طريق الانترنت. وقال الناشط محمد في بيروت إن الانترنت أكثر أمانا quot;اما الهواتف فتعلمنا ان نكون حذرين في استخدامها. إذ لا يعرف المرء مَنْ يتنصت عليهquot;.

ويغيِّر محمد عنوانه وارقام هاتفه باستمرار. ولا يستخدم إلا وسائل النقل العامة ويتفادى عادة منطقة السفارة السورية ومقر الحزب السوري القومي الاجتماعي. وقال ان هذه المنطقة quot;منطقة مخابراتquot; في اشارة الى اجهزة الأمن السورية.

واعتاد الناشطون السوريون الذين لجأوا الى لبنان ان يعيشوا في قلق دائم من خطر الاعتداء عليهم بالضرب أو الخطف أو الابعاد. وتقول المعارضة السورية ان اكثر من 12 ناشطا تعرضوا للاعتقال أو الخطف أو اعادتهم الى سوريا.

واشاعت هذه quot;الاختفاءاتquot; اجواء من الاستنفار بين الناشطين السوريين في لبنان وأجبرت بعضهم على الفرار الى تركيا او مصر. ولكن محمد لا يريد ان يغادر بيروت. فهو بوصفه ناشطا يعمل مع التنسيقيات في الداخل عليه ان يبقى قريبا من وطنه قدر الامكان. ولا تبعد العاصمة اللبنانية إلا ساعتين بالسيارة عن العاصمة السورية دمشق.

وقبل ان تندلع الانتفاضة في سوريا في آذار (مارس) كان محمد شاعرا يكتب ضد النظام. وقال محمد لصحيفة واشنطن تايمز انه بعد التظاهرات التي خرجت في دمشق ودرعا بدأ مع اثنين من اصدقائه توثيق الاحتجاجات ونقل المعلومات الى الخارج. وعندما اكتشف الأمن السوري نشاطهم هربوا الى لبنان. وقال محمد انه صُدم عندما عبر الحدود الى لبنان ليرى ان اللبنانيين يخافون من الشرطة السورية اكثر من السوريين أنفسهم.

ويلتقي محمد بانتظام في بيت آمن في مدينة طرابلس بثلاثة ناشطين الكترونيين جميعهم في العشرينات من العمر. وفي غرفة المعيشة يعمل الناشطون مستخدمين الترسانة المعهودة لدى ثوار الربيع العربي، وهي الهاتف الخلوي والكومبيوتر المحمول ويوتيوب وسكايب.