بعدما ظنّ الجميع أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي غارق بما يكفي في مستنقع فضائح الفساد، أطلت فضيحة جديدة مدويّة برأسها. وتتمثل هذه في أن زعيمة laquo;الحزب الديمقراطي المسيحيraquo; كشفت أنه وعدها بقرابة مليون يورو في حال امتنعت عن منافسته.


كريستين بوتان مع ساركوزي في حملة الانتخابات الأخيرة

صلاح أحمد: كشف فصل جديد عمق الماء العكر الذي يغمر خشبة المسرح السياسي الفرنسي، وأضاف إلى مسلسل اتهامات الفساد الذي تورِّط فيه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي تحديدًا.

فقد أوردت تقارير صحافية بريطانية - على صحيفة laquo;تايمزraquo; خاصة - نقلاً عن الفرنسية، إنه وعد مرشحة اليمين المسيحي ، كريستين بوتان، بمبلغ 800 ألف يورو في حال سحبت اسمها من قائمة منافسيه على الرئاسة.

وقالت هذه التقارير إن بوتان نفسها رفعت النقاب عن هذا الأمر، بقولها إن هذا الوعد هو الذي أقنعها بتغيير موقفها السياسي 180 درجة، من الهجوم العنيف على ساركوزي وسياساته إلى تأييده والوقوف من خلفه بين عشية وضحاها.

يذكر أن laquo;رابطة دافعي الضرائبraquo; الفرنسية تشير إلى أنه بسبب أن الأحزاب السياسية تتلقى دعمًا ماليًا من الدولة، فقد وظّف ساركوزي الخزانة العامة عمليًا من أجل laquo;شراءraquo; منافسته بوتان. وقال مصدر طلب حجب هويته لـlaquo;تايمزraquo; البريطانية إن هذا النوع من الممارسات laquo;قانوني في فرنسا، لكنه عرضة لأبشع أنواع الاستغلال في ممارسات سريّة شائعةraquo;.

خرج هذا الأمر إلى العلن عندما شكت بوتان (68 عامًا)، وهي مؤسسة laquo;الحزب الديمقراطي المسيحيraquo;، من أنها تلقت 660 ألف يورو فقط من حزب laquo;الاتحاد من أجل حركة شعبيةraquo; الذي يتزعمه ساركوزي. وقالت إن هذا المبلغ يقلّ بـ140 ألف يورو عن ذلك الذي وعدها به الأخير في حال امتنعت عن منافسته.

وقال دومينيك دور، أمين خزانة laquo;الاتحاد من أجل حركة شعبيةraquo;، أولاً إنه لا يحيط علمًا بهذا الترتيب. لكنه عاد وأقرّ - بعد مراجعة حسابات الحزب كما قال - بأن اتفاقًا كهذا حدث فعلاً بين ساركوزي وبوتان. وأضاف أن جان - فرانسوا كوبيه، أمين عام الحزب، أكد لزعيمة laquo;الحزب الديمقراطي المسيحيraquo; أنها ستتلقى تلك الأموال، وأن هذا التحرك laquo;مبرر بقوة القانونraquo;.

ووفقًا للتقارير الصحافية فقد جاء الاتفاق بين ساركوزي وبوتان قبل ثمانية أشهر عندما وجد الأول أنه يقف بمواجهة التهديد الحقيقي الذي صار يمثله مرشح الاشتراكيين، فرانسوا هولاند.

ورغم أن laquo;الحزب الديمقراطي المسيحيraquo; لا يمثل عمليًا أكثر من 1 في المئة فقط من عدد أصوات الناخبين الفرنسيين، فقد كان ساركوزي بحاجة إلى أي صوت إضافي من لدن اليمينيين والكاثوليك بأي ثمن كان.

لهذا أقدم على إسكات بوتان برشوة هائلة عن مهاجمة سياساته على الأقل. وكان له ما أراد، إذ قالت الزعيمة الحزبية لأنصارها: laquo;قررت أن يدخل حزبنا في تحالف مع رئيس الجمهورية. فلنقف إلى جانبه حتى تصبح فرنسا هي الفائزةraquo;. وغني عن القول إن هذه الفضيحة كان لها أن تظل في طيات الكتمان لو أن حزب ساركوزي - الذي دفع 660 ألف يورو لبوتان - أكمل مشوار الـ140 ألف يورو الباقية الضئيلة بالمقارنة، فيكون قد أوفى بوعده كاملاً.

ساركوزي خاض الانتخابات وهو ملوث اليدين

تأتي هذه الفضيحة بمثابة ضربة قاسية جديدة للرئيس السابق، الذي أعلن في الأسبوع الماضي فقط، أن laquo;الواجب الأخلاقيraquo; يحتّم عليه خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2017 laquo;من أجل إنقاذ فرنسا. هذا الواجب يملي عليَّ ألا أتخلى عن الفرنسيين في وقت الشدة التي يذوقون الأمرين من جرائهاraquo; كما قال وكما أوردت laquo;إيلافraquo; قبل أيام قليلة.

يذكر أن ساركوزي يغوص أصلاً في اتهامات بالفساد حدت بالشرطة للإغارة على داره الباريسية التي يخصصها لنفسه وعقيلته الأخيرة كارلا بروني وطفلتهما في وقت سابق من العام الحالي. وأبرز هذه التهم تتعلق بليليان بيتانكور، وريثة امبراطورة laquo;لوريالraquo; لإكسسوارات التجميل، والتي قيل إنها قدمت إلى ساركوزي شخصيًا وبشكل غير قانوني مبلغ 800 ألف يورو على دفعتين لدعم حملته الانتخابية الناجحة في 2007.

وهناك أيضًا ما يقال عن تسلم ساركوزي ملايين الدولارات من العقيد معمّر القذافي، أيضًا لدعم حملته الانتخابية في 2007. وتتصل بهذه اتهامات له بإصداره الأمر شخصيًا لشخص ليبي يقال إنه كان يعمل للمخابرات الفرنسية باغتيال القذافي بعد اعتقاله في سرت حتى يسكته عن البوح بالأموال التي قدمها إليه.