تحشد الجالية الإسلامية في فرنسا حالياً أصوات ناخبيها للإعلان عن رفضها للرئيس نيكولا ساركوزي في انتخابات يوم الأحد المقبل، كشكل من أشكال الرد على النبرة المناهضة للمهاجرين والمناهضة للإسلام التي ينتهجها الرئيس الفرنسي المحافظ.

وقال فرنسواز لورسيري، عالم الاجتماع لدى معهد الدراسات عن العالم العربي والإسلامي بالقرب من مرسيليا :quot; لم يعد بمقدور مسلمي فرنسا أن يتحملوا أكثر من ذلك. فقد سئموا من تلك النقاشات الدائرة بشأن الهوية القومية أو اللحم الحلال أو النقاب أو الأصولية في كل مكان. ويتم استخدام مصطلحات ( الإسلام والهجرة والأصولية ) بشكل متبادل، دون اهتمام، مع أناس مستهدفين ومتهجمين ومستغلين في الانتخاباتquot;.

وأشارت في هذا السياق اليوم صحيفة quot;واشنطن تايمزquot; الأميركية إلى أن تلك النقاشات لطالما كانت حاضرة بالحملات الانتخابية السياسية في فرنسا طوال العقد الماضي.

وأوردت عن محللين قولهم إن المرشحين يداعبون أحياناً هؤلاء المسلمين، وبخاصة الذين يعيشون في الضواحي التي يقطنها فقراء مهاجرين، بوعدهم بوظائف وظروف معيشية أفضل، لكنهم يوصَمون في الغالب باعتبارهم تهديد على الهوية الفرنسية.
ثم نوهت الصحيفة إلى تصاعد حدة الأحداث هناك خلال الشهر الماضي، بعد أن قام الشاب المسلم فرنسي المولد، محمد مراح، بقتل سبعة أشخاص خلال عملية إطلاق نار.

حيث دعا بعدها الرئيس نيكولا ساركوزي، المنتمي لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، إلى تشديد قوانين الهجرة نظراً لوجود عدد كبير للغاية من الأجانب في فرنسا. كما تحدثت مارين لوبان، مرشحة الرئاسة الفرنسية عن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، عن quot;الفاشية الخضراءquot; ( في إشارة من جانبها إلى لون الإسلام) وتساءلت عن عدد الأشخاص المشابهين لـ quot;محمد مراحquot; الذين يصلون فرنسا كل يوم على متن قوارب وطائرات، ويملؤون البلاد بأعداد متزايدة من المهاجرين.

ومضت الصحيفة الأميركية تؤكد على أن تلك التصريحات قد تسببت في إثارة غضب المسلمين الفرنسيين، وجددت النقاش بشأن الأصول والهوية. ونوهت إلى أنهم وباعتبارهم الجالية الإسلامية الأكبر في أوروبا، فإن المسلمين الفرنسيين يشكلون نسبة تصل إلى 10 % من سكان البلاد الذين يقدر عددهم بـ 65 مليون نسمة.

وأضاف محمد مشماشي، رئيس جمعية AC Le Feu التي تعمل على تحسين الظروف المعيشية في الضواحي الفقيرة :quot; ولد محمد مراح في فرنسا، ولم يأت إلى هنا على متن قارب أو طائرة، لكن الجميع يتحدث عن أصوله، رغم أنه فرنسي. ويمكنني القول إن الجمهورية الفرنسية غير منصفة : لأنها نست بعض من أبنائهاquot;.
وتابع مشماشي بتأكيده أن ما يحتاجه سكان الضواحي الفقيرة بالفعل هو التعليم والوظائف، وليس عراكاً بشأن الإسلام. ومن الجدير ذكره أن تلك الجمعية التي يترأسها مشماشي قد أطلقت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي مبادرة لتنبيه المرشحين لانتخابات الرئاسة الفرنسية بضرورة مواجهة ومعالجة الموقف في تلك الأماكن.

وأضاف مشماشي quot; هناك قدراً كبيراً من خيبة الأم، والخداع، والوعود التي لم يتم تنفيذها، وهو ما تسبب في خلق مناخ عام من عدم الثقة في أحيائناquot;. هذا وقد بدأ يطلب اتحاد الأسر المسلمة في إقليم بوش دي رون الفرنسي من أعضائه أن يعاقبوا مشعلي الحرائق، ودون أن يحدد أسماء أي من المرشحين، اتهم الاتحاد بعض الساسة بتقسيم البلاد وخيانة الميثاق الجمهوري، وحذر من هؤلاء الذين يأملوا الفوز أو الاحتفاظ بالسلطة عبر إذكاء نيران الخوف وكراهية الأجانب ورفض الآخرين.

وعاود لورسيري ليقول في الأخير :quot; يعتزم الناس الذين سبق لهم أن صوتوا للوسط أو لليمين أن يصوتوا هذه المرة ضد نيكولا ساركوزيquot;. وختمت الصحيفة بقولها إن المسلمين الفرنسيين يبدو أنهم يفضلون، حتى الآن، التصويت لفرانسوا هولاند.