المناهضون لنظام الرئيسالأسد يواجهون أعمال عنف من القوات الأمنية السورية

انقضى نحو 11 شهرا على اندلاع الثورة المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، من مدينة درعا حيث انطلقت الاحتجاجات حتى تتوسع لتصبح في ما بعد انتفاضة على مستوى الوطن. إلا أن الدولة أعادت سيطرتها على هذه المدينة فارضة وجودا أمنيا مكثفا فيها.


بيروت:منذ نحو 11 شهراً، اندلعت الاحتجاجات ضد السلطات المحلية في هذه البلدة الجنوبية الصغيرة وسرعان ما اجتاحت سوريا لتصبح انتفاضة شعبية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد.

اليوم، وقد أعادت الدولة سيطرتها بالقوة على مدينة درعا وفرضت وجوداً أمنياً كثيفاً، لا يزال السكان على قناعة بأن الأسد سوف يسقط، داعين إلى إعدامه يومياً في تظاهراتهم التي يحتشدون لتنظيمها عندما تتاح لهم الفرصة.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن أحد السكان الذي رفض الكشف عن اسمه خشية من العقاب، قوله: quot;نظام الأسد سوف يسقط وسوف نعيش بحرية وديمقراطيةquot;، مضيفاً ان ابنه قد قتل على يد جندي في 25 نيسان (أبريل)، عندما دخلت الدبابات العسكرية إلى المدينة للمرة الأولى، للقضاء على الاضطرابات التي بدأت بعد أن تم القبض على مجموعة من تلاميذ المدارس على خلفية كتابة شعارات معادية للنظام على الجدران.

على الرغم من تسليط الأضواء على موجة المعارضة العنيفة، خصوصاً في شمال البلاد، بما في ذلك الهجوم العسكري يوم الجمعة على أحياء مناهضة للحكومة في حمص، تبقى درعا نقطة انطلاق لثورة غيّرت مجريات الأحداث في سوريا.

quot;قبل الأحداث، لم يكن باستطاعة أي أحد أن يتلفظ بكلمة واحدة، فكان الأمن السياسي تحت سيطرة الأمن العسكري، لذلك كانوا يعتقدون أن شيئاً لن يحدثquot;، قال أبو عقيل، أحد المعارضين من مدينة درعاً، رافضاً كشف هويته، مشيراً إلى أنه شارك في كل التظاهرات منذ بدء أعمال الاحتجاج.

في الأشهر التي تلت ذلك، ارتفعت وتيرة التظاهرات، ليرتفع معها عدد القتلى، فيقدر سكان درعا ان نحو ألفي شخص من المدينة لقوا حتفهم أو اختفوا. وعلى الرغم من انه من غير الممكن تأكيد هذا الرقم، إلا أن منظمة الأمم المتحدة تقدر عدد الوفيات بنحو 54000 قتيل منذ بدء الثورة في سوريا.

العودة للوراء مستحيلة

استعادت قوات الأمن تدريجياً اليد العليا في درعا، وتبدو البلدة اليوم وكأنها تحت احتلال طويل الأجل، انما يرافقه روتين عمل عادي. تفتح المتاجر والمدارس أبوابها، فيما يتنقل الناس بين قوات الأمن الحكومية التي تحرس المباني العامة، فيما يتوقف السائقون عند نقاط التفتيش العسكرية المتكررة.

الجدران التي كتبت عليها في السباق عبارات مناهضة لنظام الأسد، طليت اليوم بشكل فج لتخفي أي مظهر يشير إلى وجود المعارضة. أما المسجد العمري، الذي اعتبر نقطة تجمع لانطلاق المسيرات الاحتجاجية، أصبح محاطاً بالأسلاك الشائكة وأكياس الرمل.

وقال ابو عقل إن المعارضة سوف تستمر على الرغم من هذه الاجراءات القاسية، وأضاف: quot;الناس لا يستطيعون العودة إلى الوراء، لأنهم فقدوا الكثير من الشهداءquot;، مشيراً إلى أنه يخشى أن تقاصص الحكومة الآلاف بقتلهم أو احتجازهم عقاباً لهم على المطالبة بإسقاط حكم الأسد.

واتهمت السلطات السورية العصابات المسلحة والمتطرفين بتنفيذ الأعمال الإرهابية والإضطرابات. وقال الجنرال محمد أسعد، رئيس الشرطة في محافظة درعا، إن المدينة تحت سيطرة الدولة، وأن quot;ما تبقى هو عدد قليل من الرجال المسلحين الذين هم قطاع طرقquot;.

لكن لم يتم العثور على المدنيين المسلحين والمنشقين الذين يعرفون بـ quot;الجيش السوري الحرquot; في درعا، وذلك وفقاً لعفيفي عبد اللطيف، المراقب من جامعة الدول العربية الذي زار المدينة مؤخراً، مشيراً إلى أن هناك نحو 50 إلى 200 مجموعة منهم تتمركز في البلدات الصغيرة والمناطق الريفية المجاورة.

وقال عبد اللطيف، إن سبب عدم وجود أفراد من الجيش السوري الحر في درعا، هو أن قوات الأمن السورية تحيط بالمدينة. أما في المدن الصغيرة، فيستطيع المقاتلون الفرار والاختباء في أريافها، إذا لزم الأمر.

حالة ذعر مسيطرة

quot;نحن نعيش حالة من الذعرquot;، قالت امرأة من سكان درعا، رفضت الكشف عن هويتها خوفاً على أبنائها، مشيرة إلى أن quot;قوات الأمن يأتون إلى المنازل، ويفتشون كل زاوية منه، حتى في الوساداتquot;.

واضافت ان هناك اشتباكات متكررة بين قوات الأمن والجيش السوري الحر، الذين فرّوا من المدينة بعد أن شاهدوا باصات تقل قوات أمنية بالقرب من المنطقة.

وقالت امرأة في منزل مجاور إن ابنها (30 عاماً) قتل قبل يومين عندما حاصرت قوات الأمن والدبابات منزلها عند الفجر. وأضافت: quot;ابني كان ينظم الاحتجاجات، وبكلمة منه كان يستطيع جمع كل الناس للمشاركة في التظاهراتquot;.