وزيرة الخارجية الأميركية في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في تونس

تتّجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتقديم المساعدة المباشرة للمعارضة الداخلية في سوريا بشكل رسمي للمرة الأولى، ما يشكل تحولاً في سياسة الولايات المتحدة تجاه خطة أكثر جرأة للمساعدة على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.


في الأسبوع الماضي، اجتمع عدد من كبار المسؤولين في إدارة أوباما لوضع اللمسات الأخيرة على مجموعة من الخيارات المتاحة لمساعدة كلّ من المعارضة الداخلية والخارجية السورية، لتشمل تقديم المساعدات الإنسانية المباشرة والاتصالات للمعارضة السورية.

ويهدف هذا الاجتماع الذي يعرف باسم لجنة النواب من مجلس الأمن القومي إلى وضع استراتيجية جديدة وحازمة لتوسيع مشاركة الولايات المتحدة مع الناشطين السوريين وتزويدهم بالوسائل اللازمة لتنظيم أنفسهم، لكن من دون الإنخراط في تقديم أية مساعدة عسكرية مباشرة الى المعارضة المسلحة.

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن إدارة أوباما ما زالت تستبعد quot;الخيارات الخطرةquot; مثل إنشاء منطقة حظر الطيران في سوريا، اللجوء إلى القوة العسكرية الاميركية، أو الانخراط مباشرة مع الجيش السوري الحر. لكنّ الإدارة قرّرت عدم معارضة قرارات، سواء في العلن أو في السرّ، تنصّ على تسليح الثوار من قبل دول أخرى.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول مطلع في إدارة أوباما قوله: quot;هذه التّحركات سوف تجعل الولايات المتحدة منخرطة بمعنى أعمق بكثير مع المعارضةquot;، مشيراً إلى أن سياسة الولايات المتحدة المنحازة الآن مع تمكين المعارضة من إسقاط نظام الأسد تشير إلى تغيير كبير في السياسة الاميركية تجاه سوريا.

وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعة من الخيارات ستكون على جدول النقاش في مجلس الوزراء على مستوى المسؤولين، في ما يعرف بـ quot;اجتماع لجنة المديرينquot; في أقرب وقت بعد ظهر هذا اليوم. وقال المسؤول إن اللجنة قد تصادق على الحزمة بأكملها أو تجري بعض التغييرات، على الرغم من أن الحزمة حظيت بإجماع كل الوكالات خلال اجتماع لجنة النواب الاسبوع الماضي.

وتخطط الإدارة الأميركية لتوسيع نطاق تفاعلها مع المعارضة السورية الخارجية وعلى رأسها المجلس الوطني السوري، إضافة إلى هيئات المعارضة الداخلية لتشمل المنظمات غير الحكومية السورية، ولجان التنسيق المحلية، والمجالس الثورية التي أصبحت بمثابة quot;الممثل الواقعيquot; للمعارضة السورية.

وعلى الرغم من ان الجيش السوري الحر يعمل بالتنسيق مع هذه المجموعات، إلا أن الإدارة ليست مستعدة للإنخراط مع الثوار المسلحين في الخارج بشكل مباشر، ويعود السبب في ذلك إلى تخوفها من أن تكون للمجموعة علاقات مع عناصر متطرفة.

كجزء من الخطة الجديدة لدعم المعارضة، تم تكليف وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية USAID بوضع خطة لتسريع تقديم المساعدات الإنسانية والاتصالات للمعارضة الداخلية المدنية السورية، والعمل من خلال مؤسسات الدولة ومكتب مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI).

لكن الـ quot;فورين بوليسيquot; أشارت إلى عدم وجود خطة محددة حتى الآن حول كيفية إدخال المساعدات إلى سوريا إذا كان نظام الأسد لا يسمح بالوصول إلى المناطق المتضررة.

وفي الوقت نفسه، تريد الإدارة دعم لجنة الدفاع الجديدة التي أعلن عن تأسيسها المجلس الوطني السوري الاسبوع الماضي، أملاً في ترسيخ أهمية هذه الهيئة باعتبارها نقطة الاتصال لتنسيق المساعدات العسكرية والفنية للثوار، في حال تم اتخاذ قرار في وقت لاحق بالتحرك في هذا الاتجاه. ورفض الجيش السوري الحر لجنة الدفاع التابعة للمجلس الوطني باعتبارها تابعة لسلطته. وفي الوقت الحالي، تعتبر إدارة أوباما أن المجلس الوطني السوري هو المنظمة الأكثر مصداقية التي قد تنظر في خيارات تزويدها بمساعدات عسكرية.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع في الإدارة الأميركية قوله إن quot;الرواية السائدة هي المرور بمرحلة انتقالية مع إبقاء الخيارات مفتوحة وصولاً إلى المعارضة المسلحة. وهناك اعتراف بأن المساعدة العسكرية للمعارضة قد تكون ضرورية، إنما ليس في الوقت الحاليquot;.

ووفقاً لأحد مسؤولي الإدارة في إطار التحضير للاجتماع المقبل لأصدقاء سوريا في تركيا في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن إدارة أوباما قررت عدم معارضة قرار تقديم المساعدة العسكرية المباشرة للثوار، quot;طالما أن هذا الدعم يأتي من بلد آخر، وليس من الولايات المتحدةquot;.

داخل الادارة، لا يزال هناك إجماع على أن تدخل الولايات المتحدة العسكري في سوريا لن يكون بالقرار الحكيم في هذا الوقت، وما زالت هناك أصوات تعرب عن أملها في حدوث انتقال سياسي في سوريا من دون حرب أهلية شاملة.

البعض في الادارة ما زال يحدوه الأمل في إقناع الروس بلعب دور أكثر فائدة في الأزمة السورية، لكن المسؤول في إدارة أوباما أكد أن شحنات الأسلحة الروسية إلى سوريا مستمرة وتشمل كميات كبيرة من القذائف المضادة للطائرات، والتي تهدف إلى مساعدة سوريا على صد أي محاولة لإقامة منطقة حظر جوي.

أما من جهة منتقدي سياسة أوباما تجاه سوريا، فيعتبر هؤلاء ان التحركات المزعومة تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تزال أقل مما هو مطلوب بالنسبة إلى الولايات المتحدة لوقف العنف.

ويقول السيناتور الاميركي جوزيف ليبرمان إنquot;دراسة إدارة أوباما الخطوات اللازمة لتقديم المساعدة المباشرة للسوريين داخل وطنهم أمر مشجع، لكنّ اتخاذ إجراءات تدريجية لا يتوازى في التعامل مع الواقع الأساسي في سوريا، وهو أن بشار الأسد الذي يحظى بالدعم والامدادات من ايران وروسيا، يخوض الآن حرباً صريحة ضد الشعب السوري، وهذا يفرض الحاجة إلى تدخل دولي حاسم وعلى وجه السرعةquot;.

واعلن ليبرمان، جنبا إلى جنب مع السيناتور جون ماكين و ليندسي غراهام، يوم الاثنين عن تأييدهم لتدخل أميركي فوري في سوريا. وقال quot;بالنسبة لي ينبغي أن نبدأ بتقديم المساعدة الطبية والعسكرية للمعارضة، بما في ذلك الاستخبارات التكتيكية والأسلحة، وفي نهاية المطاف ينبغي أن تشمل المساعدات ضربات جوية تستهدف قواعد الأسد وقواتهquot; معتبراُ انه quot;يجب على الولايات المتحدة المساعدة في دعم المعارضة السورية، على أن يكون هذا الدعم دوليا ويشمل جامعة الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، منظمة حلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبيquot;.

وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن ليبرمان، ماكين، وغراهام ستكون لديهم فرصة للتشكيك في تحركات الإدارة الاميركية يوم الاربعاء عندما تعقد لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ جلسة استماع بحضور وزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي.