مسؤولون في البنتاغون يحذرون من تدخل عسكري في سوريا

حذّر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية quot;البنتاغونquot; من أن أي تدخل عسكري في سوريا قد يكون محفوفاً بالمخاطر ويتطلب أسابيع من الغارات الجوية التي تشنها القوات الأميركية، ما يهدد بوقوع عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين ويجرّ سوريا أكثر فأكثر نحو الحرب الأهلية.


بيروت:نقلت صحيفة الـquot;نيويورك تايمزquot; عن مسؤولين في البنتاغون، قولهم إن سوريا تشكل quot;مشكلة أكبر بكثير من ليبياquot; حيث تطلب الأمر 7 أشهر من الغارات الجوية من حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; ألقت فيها مئات الطائرات نحو 7700 صاروخ وقنبلة.
وعلى الرغم من أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ديمبسي قال الأسبوع الماضي أمام مجلس الشيوخ إن الولايات المتحدة تمتلك القدرة لشن غارات جوية مستمرة في سوريا، إلا أنّ مسؤولي الدفاع عبّروا عن قلقهم من 4 تحديات.

التحديات الأربعة، وفقاً للصحيفة هي: خطر مهاجمة الدفاعات الجوية الروسية التي تمتلكها سوريا، والموجودة بالقرب من المناطق الكثيفة سكانياً، الأمر الذي سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا حتى لو كانت الغارات دقيقة، تسليح المعارضة المنقسمة، احتمال بدء حرب بالوكالة مع إيران وروسيا - الحليفين الرئيسين لسوريا - وغياب حلف دوليّ، حتى الآن، يرغب في العمل العسكري ضد سوريا.
وقال أحد المسؤولين إن إنشاء quot;ملاذات آمنةquot; للمدنيين في سوريا عملية معقدة جداً إلى درجة أن المخططين العسكريين يدرسون احتمال إرسال قوة برية أميركية للمساهمة في إقامة هذه الملاذات والحفاظ عليها في حال إقامتها.

وقالت الصحيفة إن الخطط تأتي في إطار طلب وجهه الرئيس الأميركي باراك أوباما، لإجراء تقييم حول الخيارات العسكرية الأولية من البنتاغون على الرغم من أن الإدارة الأميركية لا تزال ترى أن الأسلوب الدبلوماسي والضغوط الاقتصادية هي الطريقة الأفضل لوقف العنف الذي يمارسه النظام السوري.
وتشمل الخيارات التي تتم دراستها حالياً: إنشاء جسر جوي إنساني، فرض المراقبة البحرية على سوريا وإقامة منطقة حظر جوي.
وأشار ديمبسي الأسبوع الماضي إلى أنه يتعين البدء بغارات جوية أميركية حصراً للقضاء على الدفاعات الجوية السورية، كما حصل في ليبيا وتمكنت بعدها المقاتلات الأوروبية من العمل بحرية.

بعد أن تؤمن الولايات المتحدة السيطرة الجوية سيصبح بالإمكان ايجاد ملاذات آمنة أو ممرات إنسانية، لمرور اللاجئين إلى تركيا مثلاً.
ونقلت الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن السيناتور جون ماكين وبعض المشرعين الجمهوريين، اعتبارهم أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية إشراك نفسها في الثورة السورية. قال ماكين في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الاسبوع الماضي: quot;هل من المفترض أن يموت المزيد من السوريين؟quot;، في اشارة الى تقديرات الامم المتحدة عن أن 7500 شخص قتلوا في أقل من عام خلال الأحداث السورية.

وقال السناتور ليندسي غراهام، الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، في مقابلة إن الولايات المتحدة لديها مصلحة استراتيجية في سوريا quot;أكثر بكثير مما كانت عليه في ليبياquot;، معتبرة أن مخاطر العمل العسكري يمكن أن تستحق كل العناء.
وأثار ماكين، وهو طيار حربي متقاعد أُسقطت طائرته وتم أسره خلال حرب فيتنام وخاض انتخابات الرئاسة ضد أوباما في العام 2008، غضب العديد من المخططين العسكريين الذين يعتبرون تعليقاته quot;ردة فعل عاطفيةquot;.
ويقول هؤلاء إنهم بحاجة إلى المزيد من التوجيه من قبل كبار المسؤولين في واشنطن، بشأن أهداف الإدارة والطريقة التي يفضَّل اعتمادها لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري بارز مطلع على الأعمال العسكرية التي اتخذت في ليبيا، قوله: quot;سبق وأن تمّ استدراجنا إلى هذا النوع من التدخلات المفتوحة، ونحن لن ندخل فيها مجدداًquot;، مشيراً إلى أن التدخل العسكري في ليبيا تطلّب المئات من صواريخ كروز التي تم إطلاقها من السفن الأميركية والغواصات - لإخراج الدفاعات الجوية في ليبيا، حتى تتمكن الطائرات الحربية الأوروبية من العمل بحرية. حتى ذلك الحين، واصلت الولايات المتحدة توريد الذخيرة وتزويد الطائرات بالوقود جواً والقيام بالمهام القتالية.

ويعتبر المسؤولون في البنتاغون أن إنشاء الممرات الإنسانية والملاذات الآمنة في سوريا، لن يكون قراراً مؤكداً، لأن هذه الممرات ستكون عرضة لهجمات قوات الأسد المؤلفة من نحو 330 ألف جندي.
وقالوا إن المعارضة السورية لا تفرض سيطرتها على منطقة محددة في سوريا مثلما كانت تفعل في ليبيا، وأشاروا إلى أن المعارضة منقسمة ومؤلفة من نحو 100 مجموعة ولم يظهر قائد واضح حتى الآن.
وتبحث واشنطن احتمال تزويد المعارضة بمساعدات تقنية من ضمنها وسائل الاتصال، لكنها لم تنجح بعد في توحيد هذه المجموعات تحت إشراف مجلس واحد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البنتاغون اعتبارهم أن القلق الأكبر الذي يواجهونه هو إيران التي تدعم النظام السوري، بعد أن قالت مصادر استخبارية إنها زودت دمشق بأسلحة متطورة.
ويشار إلى أن روسيا هي المزود الأساسي للأسلحة إلى سوريا، ولديها قاعدة بحرية في طرطوس، وهذا يقلق واشنطن، إضافة إلى مخزون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التي تملكها سوريا.
في غضون ذلك، تستمر إدارة أوباما بالنظر في جميع الخيارات العسكرية التي يمكن اتخاذها في سوريا. ويقول الجنرال المتقاعد ديفيد ديبتولا، مسؤول استخباراتي سابق في سلاح الجو الأميركي: quot;هل نستطيع اعتماد خيار التدخل العسكري في سوريا؟ الجواب هو نعم، لكن الأمر لن يكون نزهةquot;، مشيراً إلى أنه قرار دقيق وصعب للغاية.