خطة أنان دخلت حيز التنفيذ صباح الخميس

قال محللون، إن خطة السلام التي هندسها مبعوث الأمم المتحدة كوفي أنان، هي الوسيلة الأخيرة لاقناع روسيا بممارسة الضغط على الأسد لوقف الأعمال الوحشية. ولم يبلِّغ ناشطو المعارضة عن وقوع اشتباكات بعد دخول وقف إطلاق النارحيز التنفيذ، منذ صباح الخميس.


لندن: يرى عدد مناللاعبين الكبار في الأزمة السورية أن خطة السلام التي بلغت موعدها النهائي صباح يوم الخميس، هي المحطة الأخيرة على طريق البحث عن وسيلة لحمل روسيا على القبول بممارسة ما يكفي من الضغط على الرئيس بشار الأسد لوقف سفك الدماء.
وكانت عواصم العالم لم تفعل قبل ذلك، إلا الاختصام بشأن الأزمة أو التهرب منها. وقال كوفي أنان، مهندس الخطة باسم الأمم المتحدة والجامعة العربية، بلا مواربة لدى اقتراب الموعد، إن الخطة ما زالت حية متسائلاً quot;بماذا تستعيضون عنها؟quot; إذا أُبعدت عن الطاولة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسيين ومحللين أنه من الضروري أن تفشل خطة أنان، كما هو مرجح، لإقناع روسيا والصينكي لا تستخدما حق الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن حول سوريا مثلما فعلتا مرتين من قبل.
وقال دبلوماسي في مجلس الأمن طلب عدم ذكر اسمه، إن محاولات متكررة بُذلت في المجلس من أجل تنفيذ خطة أنان واتخاذ إجراء معتدل، ولكن بلا جدوى.

وكان أنان زار طهران يوم الأربعاء لإقناع حليف سوريا الرئيسي الآخر بدعم الخطة، وأعلن أنه تسلم رسالة من وزارة الخارجية السورية تقول إن دمشق ستحترم وقف اطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في الساعة السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي. ولكن الرسالة قالت أيضًا إن الحكومة السورية تحتفظ quot;بحق الرد المناسب على أي هجمات تنفذها مجموعات إرهابية مسلحة ضد المدنيين أو القوات الحكومية أو الممتلكات العامة والخاصةquot;.

من الجائز أن تصمت المدافع لبعض الوقت، ولكن رسالة الحكومة وضعت شرطاً واسعًا بما فيه الكفاية، لدفع دباباتها الى المدن من جديد. ورغم التزام المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر بالخطة، فليس معروفًا إن كانت لديهما سيطرة على كل مجموعة من مجموعات المقاتلين.

ولم يبلِّغ ناشطو المعارضة عن وقوع اشتباكات بعد دخول وقف إطلاق النارحيز التنفيذ، وقال الناشط ابو رامي في حديث لصحيفة نيويورك تايمز عن طريق سكايب من مدينة حمص، إن المدينة لم تشهد اطلاق نار أو قصفاً أو هجمات أخرى منذ ساعات. وأضاف أن هذا جاء بعد ليلة دامية quot;ولكن ساعات الصباح الأولى كانت هادئةquot;، لافتًا إلى أن الوضع كثيرًا ما يكون هادئًا ساعة الفجر، وبالتالي فإن المطلوب المزيد من الوقت للتوثق من أن هناك وقفًا حقيقيًا لاطلاق النار. وقال أبو رامي إن حواجز التفتيش وقوات النظام ما زالت منتشرة في المدينة. ولكن سيكون من المتعذر التأكد بأي قدر من الثقة من صمود وقف اطلاق النار لعدم التوصل الى اتفاق بين النظام السوري وفريق أنان على نشر مراقبين دوليين. وقال دبلوماسيون في مجلس الأمن إن النظام طالب بنشرهم فورًا وأجهض في الوقت نفسه محاولة التفاوض بشأن آليات عملهم.

وكان خصوم النظام توقعوا فشل الخطة من البداية متهمين الأسد باستغلال سلسلة من مبادرات السلام التي قدمها أولا أصدقاء فرّط بصداقتهم، ثم الجامعة العربية والآن الأمم المتحدة، للمماطلة والتسويف، محاولاً في الوقت نفسه إبادة اعدائه. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خبراء أن لا أحد يتوقع أن تترسخ خطة السلام لأن بنودها التي تجيز التظاهرات السلمية والتغيير الديموقراطي ستحكم على نظام الأسد بالسقوط في نهاية المطاف.

وأخذ دبلوماسيون كبار يفكرون في الخيارات لمرحلة quot;ماذا بعدquot;. وحتى قبل اجتماع مجموعة الثماني في واشنطن يوم الأربعاء، راحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون تتحدث عن الخطوة التالية.
وقالت كلنتون إن اليومين القادمين سيكونان صعبين في محاولة اتخاذ القرار بشأن الذهاب الى مجلس الأمن لكي يتحرك من دون موافقة روسيا.

وأضافت كلنتون quot;أن الروس دأبوا على القول إنهم يريدون تفادي اندلاع حرب أهلية، وإنهم يريدون تفادي اشتعال نزاع إقليمي لكن رفضهم الانضمام الينا في تحرك بناء يُبقي الأسد في السلطة، مدججًا بالسلاحquot;.

وهكذا، فإن عبارة quot;ماذا بعدquot; تعني عمليًا quot;ماذا يريد الروس أن تكون الخطوة التاليةquot;، بحسب نيويورك تايمز مشيرة إلى أن الخبراء المختصين بالسياسة الخارجية الروسية، يتفقون على أن موسكو لا تتأثر كثيرًا بحجم الضحايا بين المدنيين الذين زاد عددهم على 9000 قتيل وبالرأي القائل إن هناك التزامًا اخلاقيًا للتدخل. ومن الواضح أن روسيا تعتز بلحظة عودتها الى الساحة الدولية كلاعب حاسم، وبالتالي فإن دبلوماسيين في مجلس الأمن ومحللين آخرين يعتقدون أن المفتاح هو التعاطي مع ثقة روسيا بأنها قادرة على حسم قضية دولية كبرى.

ويرى محللون أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يعتقد أن بلاده تمكنت من تغيير الحديث عن سوريا برفض التدخل والإصرار على أن المعارضة تتحمل قسطًا من المسؤولية عن العنف. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المحلل في شؤون السياسة الخارجية فيودور لوكيانوف، أنه من الضروري بالنسبة لوزير الخارجية أن يستمر هذا النجاح وأن يبين أن روسيا قادرة على تغيير الخطاب المعتمد بشأن سوريا. وأضاف لوكيانوف أن روسيا quot;من اجل تدعيم سمعتها تحتاج الى نجاح دبلوماسيquot;.

ويعتقد بعض المحللين أن عواصم عديدة وخاصة واشنطن في سنة الانتخابات الرئاسية كانت سعيدة بالاختفاء وراء ظل التعنت الروسي لأن الخيارات المطروحة لمعالجة الأزمة السورية خيارات محفوفة بالمخاطر.
فإن انقسامات سوريا الطائفية تمثل حقل ألغام يمتد خارج حدودها الى الشرق الأوسط الأوسع، وأن التدخل العسكري فيما بدأ حركة سلمية يبدو أنه قفزة في المجهول.

وتساءل شادي حميد من مركز بروكنز الدوحة في قطر :quot;هل الولايات المتحدة مستعدة للقيادة من موقع الصدارة أو من الخلف؟ إن الاجابة عن هذا السؤال حتى الآن هي كلاquot;.
ومع الإنهيار المتوقع لخطة أنان ستعود مسألة التدخل العسكري الى الواجهة. وأشارت تركيا مراراً إلى إقامة منطقة عازلة أو ممرات انسانية على حدودها مع سوريا. وأعاد مسؤولوها الكبار احياءهذه الفكرة خلال الأيام الماضية بعد مقتل اثنين من اللاجئين السوريين قرب الحدود ونزوح آلاف في غضون ايام.

وتعتبر الحدود التركية المتفجرة، المصدر الرئيسي لقلق الروس من انهيار خطتهم ضد التدخل الخارجي. وقال ماثيو روجانسكي الخبير بالشؤون الروسية في مؤسسة كارنغي للسلام الدولي، إنها quot;قد تقوض ما أنجزته روسيا برسم خط في الرملquot; لا يجوز عبوره.
وسيكون أقصى ما يمكن توقعه من مجلس الأمن، فرض عقوبات دولية وحظر على السلاح وإحالة أركان النظام السوري على المحكمة الجنائية الدولية.

ولكن الأرجح أن تكون الخطوة التالية مزيدًا من الدعم اللوجستي وبعض التدريب لعناصر المعارضة، كما ترى صحيفة نيويورك تايمز.
وفي اسطنبول قال معارضون سوريون يطلبون السلاح بعد اتصالهم بالمجلس الوطني السوري إنهم تلقوا وعوداً بتوفير المال لشرائه في السوق السوداء في الداخل لأن إمكانية تهريبه عبر الحدود التركية تُعد إمكانية مشكوكًا فيها.

وقال المحلل التركي المختص بشؤون العالم العربي جنكيز جندر، إنه من الضروري الاعتماد على تصميم المقاومة وقوتها داخل سوريا. واضاف أن لدى المقاومة مثل هذا التصميم والقوة ولكنه ليس كافيًا لاسقاط النظام، وبالتالي فإن العملية ستحتاج الى وقت.