قادة وممثلو الكتل العراقية في اجتماع لهم

شهدت الأزمة السياسية العراقية المتفاقمة ومحاولات كتل سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي اليوم تداعيات أخرجتها عن نطاقها البرلماني والدستوري بدخول مراجع شيعية والادارة الأميركية على خط تطوراتها، في وقت نفى مسؤول برلماني وجود خطط لعقد جلسة طارئة للتصويت على سحب الثقة، بينما يدقق الرئيس طالباني بصحة أسماء نواب طلبوا ذلك وحيث تم الطلب مجددا من التحالف الشيعي الإسراع بإعلان بديل من المالكي.


لندن: في الوقت الذي ينتظر أن يبدأ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة الى بغداد غدا الثلاثاء للبحث مع كبار المسؤولين والقادة السياسيين في الازمة السياسية الناتجة من مطالب سحب الثقة من الحكومة، فقد دخل على خط الأزمة ايضا اليوم مراجع شيعية في دعم واضح لرئيس الوزراء نوري المالكي ورفض محاولات إضعاف حكومته. فقد أفتى المرجع الشيعي الشيخ محمد مهدي الآصفي بعدم جواز إضعاف حكومة المالكي مؤكدا أنه لا يجوز المساهمة بأي مشروع سياسي يضعف الحكومة ويشغلها عن أداء دورها في خدمة الناس على حد قوله.

وأضاف الآصفي أن الحكومة القائمة اليوم في العراق جاءت نتيجة معاناة طويلة ودماء وجهود كثيرة للشعب العراقي وأن إضعافها بأي طريقة سيكون إهدارا لتلك الدماء والجهود والمعاناة . وأشار الى ان الدستور أوضح كل شيء يرتبط بهذا الاختلاف داعياً جماهير الشعب إلى الوقوف إلى جانب حكومتهم التي انتخبوها، والدعوة إلى الحوار في إطار الدستور. وكان الآصفي وهو احدى القيادات السابقة لحزب الدعوة بزعامة المالكي قد تولى ايضا مهمة المتحدث باسم الحزب لسنوات طويلة قبل أن يقرر اعتزال العمل السياسي والتفرغ للعمل الديني.

وتأتي دعوة الآصفي بعد ثلاثة أيام من فتوى أخرى للمرجع الشيعي المقيم في قم في إيران آية الله كاظم الحائري، يحرم فيها التصويت لصالح quot;انسان علمانيquot; في العراق وقالquot;يحرم التصويت في اي مرفق من مرافق الحكم العراقي الى جانب انسان علمانيquot;. وكان الحائري يرد على سؤال حول جواز التصويت لصالح قوى سياسية علمانية في الأزمة السياسية الحالية التي يمر بها العراق. ويعد الحائري الذي يتخذ من قم في ايران مقرا له بين المراجع الشيعة البارزين وينتشر مقلدوه وأبرزهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في وسط وجنوب العراق.

وتعصف بالعراق منذ ستة اشهر أزمة سياسية حادة على خلفية اتهامات للمالكي بالتفرد بالسلطة حيث بلغت الأزمة في الأسابيع الأخيرة منحى أكثر جدية مع مطالبة قائمة quot;العراقيةquot; بزعامة اياد علاوي الخصم السياسي العلماني الابرز للمالكي ودعم مقتدى الصدر والتحالف الكردستاني للتصويت في البرلمان على سحب الثقة من رئيس الوزراء.

مواقف وتصريحات متناقضة من الأزمة

في الوقت الذي دعت الكتلة العراقية اليوم التحالف الوطني quot;الشيعيquot; الى الإسراع بترشيح بديل من المالكي، فقد نفى مقرر مجلس النواب العراقي وجود خطط لعقد جلسة برلمانية طارئة للتصويت على سحب الثقة من الحكومة.

فقد دعت الناطقة الرسمية باسم العراقية النائبة ميسون الدملوجي في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot; اليوم الشركاء في ائتلاف التحالف الوطني للإسراع في إيجاد البديل للمالكي بما يجنب العراق المزيد من الأزمات والتي قد تفتح المجال لقوى الشر والجريمة بالتسلل للنيل من المواطنين وإحداث الفتنة بين الناس. وقالت إن تعميق المسار الديمقراطي والالتزام بالدستور والتبادل السلمي للسلطة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتحقيق المصالحة الوطنية، كلها مطالب مشروعة للشعب العراقي وان على التحالف الوطني تحمل المسؤولية التأريخية والعمل بجدية وبأسرع وقت لإيجاد البديل من داخلهلرئاسة مجلس الوزراء على أن يكون قادراً على تعزيز اللحمة الوطنية وبناء الدولة المدنية والديمقراطية واحترام الدستور والعمل بمفرداته وتقديم الخدمات والقضاء على الفساد.

ومن جهته، نفى مقرر مجلس النواب محمد الخالدي ان يكون رئيس المجلس اسامة النجيفي بصدد الدعوة لعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب من اجل طرح موضوع سحب الثقة من الحكومة. وقال الخالدي في تصريح صحافي للمركز الاعلامي العراقي الحكومي إن quot;الكتل السياسية هي الان في مرحلة جمع التواقيع وإن هذا الامر في حال اكتماله يصبح من صلاحية رئيس الجمهوريةquot; في اشارة منه الى إرسال طلب حجب الثقة عن الحكومة.

وأوضح الخالدي وهو عضو في القائمة العراقية أن quot;الرئيس جلال طالباني لم يقم حتى الآن بتوجيه اية دعوة لعقد جلسة لمجلس النواب...وخيارنا (العراقية) هو سحب الثقة طالما لا توجد جدية على صعيد تنفيذ المطاليب التي تقدمنا بهاquot;.

وأعلنت كتل العراقية البيضاء والعراقية الحرة وتصحيح والمجلس الاعلى الاسلامي والتغيير الكردية وحزب الفضيلة عن رفضها لتوجه سحب الثقة من الحكومة وأيدت عقد الاجتماع الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية جلال طالباني لكن الاطراف السياسية المنادية بسحب الثقة من الحكومة وهي العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري أكدت استمرارها بجمع تواقيع لتسليمها الى الرئيس طالباني لاستحصال طلب منه لحجب الثقة عن الحكومة.

وفي هذا الاطار، أكد فرياد راوندوزي القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ان طالباني يقوم حاليا بعملية تدقيق في صحة مواقف النواب الذين وصلت قوائم باسمائهم تفيد بأنهم يؤيدون سحب الثقة. واوضح ان quot;قضية جمع التواقيع المطلوبة لسحب الثقة من رئيس الحكومة لم تحسم بعدquot;. واشار إلى أن quot;الموضوع خطر ومعقد وأن الرئيس يمتلك حق سحب الثقة من المالكي من دون الحاجة إلى تأييد أي نائب، لكنه لن يقوم بذلك من دون حصول إجماع وتوافق وطني. مرجحا أن يعلن طالباني موقفه خلال أيام.

وتشير آخر المعلومات حول عدد تواقيع النواب ان الكتل السياسية التي حسمت أمرها لسحب الثقة من حكومة المالكي هي العراقية حيث جمعت 76 توقيعا والتيار الصدري 40 والقوى الكردستانية 50 اضافة الى 10 جاءت متفرقة من اطراف التحالف الوطني و 4 من ممثلي الاقليات .

وشهدت الأيام الماضية سجالاً بين مؤيدي المالكي ومعارضيه حول حصول تزوير لتواقيع بعض النواب في اللائحة التي قدمت إلى طالباني، واتهم أعضاء في دولة القانون بعض قيادات العراقية بتزوير تواقيع نواب وسط مطالبات بإجراء تحقيق جنائي حول التواقيع.

وتحدد المادة 61 من الدستور العراقي آليات سحب الثقة من رئيس الحكومة عن طريقين إما بطلب يتقدم به رئيس الجمهورية لمجلس النواب أو بناء على طلب خُمس (1/5) اعضائه سحب الثقة من رئيسالوزراء ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجوابٍ موجهٍ الى رئيس مجلس الوزراء وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب ويقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه.