زيارة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية إلى باريس أخيرًا اعتبرت أنها تدخل في إطار بحث القيادة الفلسطينية عن دعم فرنسي في شخص الرئيس الاشتراكي المنتخب حديثًا، لمطالب الشعب الفلسطيني الكبرى وممارسة نوع من الضغط على الحكومة الإسرائيلية بغرض جرها إلى مفاوضات السلام.


بوعلام غبشي من باريس: أكد عباس بموجب زيارته الأخيرة إلى العاصمة الفرنسية أنه سيتوجّه إلى الجمعية العامة بالأمم المتحدة لتقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية من دون أن تكون عضوًا فيها، كما هو شأن الفاتيكان، إن لم تستأنف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، علمًا أن فلسطين تتمتع اليوم بكامل العضوية في اليونسكو.

عباس أثناء استقباله من طرف الرئيس الفرنسي

الملاحظون لا يختلفون حول شرعية المطلب الفلسطيني، إلا أن الكثير منهم يؤكدون على ضرورة إشراك الجانب الإسرائيلي، ويفضلون تجنب تبني سياسة ليّ اليد مع الحكومة الإسرائيلية، باعتبار أن ذلك لا يمكن له أن يحقق مكاسب كبرى على هذا المستوى للشعب الفلسطيني في غياب دعم دولي يسترعي الموقف الأميركي المعروف بمسايرته للموقف الإسرائيلي.

باريس لا تخرج عن هذا الإطار، وإن كانت تبحث عن أن يكون لها دور مهم في القضية الفلسطينية، كما عبّر عن ذلك الرئيس الفرنسي بمناسبة زيارة عباس، فهي تحترم هذه المعادلة، ويتضح أنها تحاول أن تراهن بدورها على العودة إلى المفاوضات بين الجانبين لإعطاء دفعة جديدة لعملية السلام في المنطقة.

قال هولاند في هذا الشأن، quot;سنقوم بكل ما يلزم لاستئناف الحوار الإسرائيلي الفلسطيني. وسيكون من الأحسن أن يحصل ذلك في أقرب وقتquot;، مؤكدًا على أن فرنسا تريد أن يكون لها دور في مسلسل السلام.

ماجد: يضيع الوقت في لحظة عربية استثنائية
يفسر زياد ماجد، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في باريس هذه الزيارة، في تصريح لـ إيلاف، بكونها quot;محاولة من الرئيس الفلسطيني لإبقاء القضية الفلسطينية في الضوء، خاصة أن القيادة الفلسطينية لم تقم منذ المعركة الأولى في الأمم المتحدة قبل 7 أشهر بخصوص الدولة بأي جهد دبلوماسي جدي أو فاعل للمحافظة على حضورها السياسيquot;.

ويتابع محاورنا في السياق عينه أن هذه القيادة quot;لم تقدّم كذلك أي تصوّر جديد لرؤيتها للوضع الراهن ولسبل تفعيل المصالحة الوطنية مع حماس التي ما زالت أيضاً تائهة سياسياً بين سيطرتها على قطاع غزة وبين علاقتها بما يجري في الدول العربية وبين مساعي المصالحةquot;.

وعبّر بالتالي عن quot;أسفه للوقت الذي يضيع في لحظة عربية استثنائية ذات أهمية، وفي لحظة تطرّف إسرائيلي منفّرة لا تُواجه بالأشكال السياسية والإعلامية والقانونية والميدانية المناسبةquot;.

من جانب آخر لا يعتقد quot;أن تغييراً سيطرأ على السياسة الخارجية الفرنسية في الشرق الأوسط، لأن الأولويات لم تتبدل، وهي اليوم ترتبط بالوضع السوري، حيث الموقف حاد ضد النظام وجرائمه، وبالملف الإيراني، حيث الرغبة هي في حل دبلوماسي، وبالوضع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ إن قرارات الأمم المتحدة وما بُني على المفاوضات هو ما يراه الفرنسيون مدخل التسوية. وطبعاً هناك الاعتبارات الاقتصادية والمالية المهمة مع تركيا والخليج العربي. لذلك لا أرى تبديلاً مهماً في المرحلة المقبلةquot;، يقول ماجد.

لا يتفق هذا المتخصص في شؤون الشرق الأوسط مع من يشكك في كفاءة الرئيس الفرنسي المنتخب حديثًا بشأن إشكالات الشرق الأوسط، حيث يوضح أن quot;من يردّد هذا الكلام يظن أن الأفراد يحكمون وحدهم، في حين أن حقيقة الأمور تقوم على عمل المؤسسات، وللمستشارين والخبراء أدوار مهمةquot;.

ويزيد موضحًا أن quot;فريق عمل السياسة الخارجية المحيط بفرانسوا هولاند كفؤ، وأعتقد أنه سيقدم للرئيس المعلومات والمشورات التي تساعده، تماماً كما ستساعده أشهر الخبرة وسنواتها المقبلة في الأليزيهquot;.

عباس يطالب إسرائيل بتسليح الشرطة الفلسطينية
عباس حصل على دعم مالي فرنسي قدر بعشرة ملايين يورو، والذي يعد الدفعة الأولى لمساهمة فرنسا المالية للسنة الجارية، وهذا في إطار اتفاقية وقعها مع وزير الخارجية الفرنسي لورون فابيوس.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية عبر إثر لقائه مع ممثل الاتحاد الأوروبي في المنطقة أن القيادة الفلسطينية مستعدة لاستئناف المفاوضات شريطة وقف إسرائيل للاستيطان والاعتراف بحل الدولتين على حدود 1967، كما كشف عن الرسائل السياسية المتبادلة مع الحكومة الإسرائيلية، وأكد له في الوقت نفسه على أهمية المصالحة الوطنية خدمة لمصالح الشعب الفلسطيني العليا.

وكتبت صحيفة إسرائيلية أن الشروط التي لا يتحدث عنها بكثرة إعلاميًا، والتي تضعها اليوم القيادة الفلسطينية ضمن أولويات مطالبها عند محاورتها لإسرائيل، إطلاق سراح 120 أسيرًا فلسطينيًا يوجدون خلف القضبان الإسرائيلية قبل انطلاق مفاوضات أوسلو سنة 1993 زيادة على الملف الشائك للمستوطنات.

كما تحدثت هذه الصحيفة عن مطلب الرئيس الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي بتزويد الشرطة الفلسطينية بالأسلحة، مطلب يندرج ضمن السياسة الأمنية الجديدة للسلطة الفلسطينية، والتي يسعى عباس إلى تقويتها لمحاربة ما اعتبره انفلاتات أمنية، خصوصًا بعد الاعتداء المسلح الذي تعرّض له بيت المحافظ السابق قدوره موسى، وفارق بعده الحياة على إثر سكتة قلبية.