بينما يترك الرئيس العراقي جلال طالباني البلاد خلال ساعات متوجهًا إلى المانيا للعلاج ما يعني تعليقًا لمؤتمر حل الأزمة السياسية في البلاد الذي دعا له أربع مرات، أكدت قوى تحالف أربيل الساعية إلى سحب الثقة من الحكومة أنها ستقاضي رئيسها لوصفهلها بالمتآمرين في وقت أكد الصدر أنه يرفض ولاية ثالثة للمالكي.
ردًا على وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للقوى الساعية الى سحب الثقة منه وهي التحالف الكردستاني والكتلة العراقية والتيار الصدري بالمتآمرة، أكد المتحدث باسم العراقية النائب حيدر الملا في تصريح صحافي عبر الانترنت إلى quot;إيلافquot; أن quot;الموقعين على سحب الثقة يمثلون مرجعيات دينية وسياسية وعشائرية وشعبية مثل quot;سماحة السيد مقتدى الصدر الذي يمثل بعداً دينياً وشعبياً كان وما زال محل اعتبار وتقدير الجميع والسيد مسعود بارزاني بالاضافة إلى كونه رئيساً لاقليم كردستان فإنه يعدّ رمزاً وطنياً وعشائرياً قدم آلاف الشهداء على طريق الحرية والديمقراطية والدكتور اياد علاوي رئيساً لاكبر كتلة انتخابية وما يمثله من رمزية وطنية حظيت باعجاب الشارع العراقي والمجتمع الدولي ومن خلف هذه الرموز الوطنية وقع على سحب الثقة 176 نائباً كل واحد منهم يمثل مئة الف مواطن عراقي من مختلف شرائح المجتمع العراقي حسب النص الدستوريquot;.
وأضاف الملا quot;أن الموقعين على سحب الثقة، المتآمرين من وجهة نظر المالكي، قد مارسوا حقهم الدستوري وأن وصفه quot;ان دل على شيء فإنه يدل على ثقافة لا تؤمن بالدستور ولا بجوهر العملية الديمقراطيةquot;.
وأشار إلى أنّ اتهام المالكي عبر وسائل الاعلام للموقعين على سحب الثقة يعد جنحة يحاسب عليها قانون العقوبات العراقي، ولذلك فان الموقعين يؤكدون أن هذه الاتهامات من قبل المالكي لا تزيدهم الا اصراراً وعزماً على المضي قدماً في عملية سحب الثقة، وأن جريمة التشهير والاتهام التي مارسها رئيس مجلس الوزراء تضعه تحت اطار المساءلة القانونية التي بدورنا سنقيم دعوى قضائية ضده امام المحاكم العراقية quot;لنثبت للعالم اجمع أن التضحيات التي قدمها العراقيون في محاربة دكتاتورية النظام السابق وفي سبيل أن ينعم الشعب بعملية سياسية مبنية على مفاهيم الحرية والعدل والمساواة لن تذهب سدىquot;.
وعلى الصعيد نفسه، انتقد التحالف الكردستاني وصف المالكي الموقعين على سحب الثقة منه بالمتآمرين مؤكدًا المضي باجراءات سحب الثقة وفق ما نص عليه الدستور من خلال استجوابه داخل البرلمان. وقال النائب عن التحالف محما خليل إن quot;من الغريب والمستغرب أن تصدر تصريحات من رئيس وزراء عراقي منح ثقة تشكيل الحكومة برلمانيًا ويصف ممثلي الشعب بالمتآمرين، متسائلاً هل تآمر البرلمانيون عندما اعطوا اصواتهم ومنحوه الثقة، أم اختلفوا عن الرأي؟، الذي يعد ظاهرة حضارية وديمقراطية نص عليها الدستور العراقي الذي سمح للنائب أن يدلو بدلوه وبما يؤمن بالتغييرات التي تطرأ على العملية السياسيةquot;.
وأضاف خليل أن quot;المرحلة الحالية تتطلب التغيير لأن الحكومة الحالية الفيدرالية لم تكن موفقة في ادائها وفشلت في برامجها المتفق عليها ولم تستطع أن تحافظ وتحترم التوافقات والاتفاقات السياسية التي ابرمت بين الكتل، مبينًا quot; لذا كان هناك اصطفاف وطني شامل من كافة مكونات الشعب العراقي في اربيل والنجف ومن ثم اربيل بغية التغيير الديمقراطي السلميquot;، كما نقلت عنه quot;وكالة البغدادية نيوزquot;.
وقال quot;اذا كانت الاغلبية راغبة ببقاء رئيس الوزراء فنحن نقول إنها خطوة ديمقراطية ودستورية، ولكن نقول إنها تعد سابقة خطيرة أن يتهم البرلماني الذي يعدّ اعلى سلطة في الدولة بالتآمرquot;، مؤكدًا مضي جميع الكتل السياسية المتفقة على مشروع سحب الثقة داخل قبة البرلمان في تنفيذ هدفها.
وكان المالكي أكد الجمعة الماضي في مقابلة مع قناة ميادين الفضائية التي تبث من بيروت أنه لو كان ديكتاتورًا كان بإمكانه تصفية quot;المتآمرينquot; الذين جمعوا تواقيع لإقالته quot;مرة واحدةquot; وإنهاء الأزمة. وقال: quot;لو كنت ديكتاتوراً كما يقال لما أبقيت على السلطة التشريعية والتنفيذية وما كانت المؤامرة تحوم حولي يوميًا من هؤلاء الذين يجمعون التواقيع ويتآمرون في هذه المدينة أو تلك، وأنا بإمكاني أن أزيلهم مرة واحدة وأنهي الأزمةquot;.
ويواجه المالكي محاولات لسحب الثقة منه تقودها كتل سياسية أبرزها التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني الذين قدموا بداية الشهر الحالي إلى الرئيس جلال طالباني خطابًا يحمل تواقيع 176 نائبًا يطالبون بسحب الثقة إلا أن طالباني قال في التاسع من الشهر الحالي أن رسالته بشأن سحب الثقة من المالكي لم تبلغ إلى البرلمان لعدم اكتمال النصاب بعد تراجع عدد من النواب عن تواقيعهم التي قدموها ليصبح العدد 160 أي اقل بثلاثة تواقيع عن النصاب المطلوب لتغيير المالكي.
طالباني يغادر البلاد معلقًا مؤتمر حل الأزمة
وفيما يغادر الرئيس العراقي جلال طالباني البلاد إلى المانيا للعلاج خلال ساعات معلقًا بذلك مؤتمر حل الأزمة الذي دعا له مرات عدة، فإنه لم يعد أمام القوى المعارضة لرئيس الحكومة غير التوجه إلى مجلس النواب لاستجوابه ومن ثم التصويت على الثقة به من عدمها.
وتمنى طالباني للعراق في رسالة إلى الشعبلمناسبة ليلة الإسراء والمعراج quot;ترسيخ الأمن والسلام والتقدم والرفاه وتعزيز اواصر الأخوة والتلاحم بين جميع مكوناته وتوطيد سبل التفاهم والتعاون والعمل المشترك من أجل تجاوز العقبات والمشاكل التي لا مجال لتجاوزها من دون ذلك التفاهم والعمل المشترك الذي يضع العراق نصب العين دائماquot;.
وقد تلقى طالباني اتصالاً هاتفيًا من رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اطمأن خلاله على صحة الرئيس متمنيًا أن تكون زيارته الى المانيا للعلاج زيارة ناجحة معربًا عن امله في أن يعود إلى البلاد بصحة افضل لممارسة المهام الملقاة على عاتقه.
كما هاتف رئيس كتلة العراقية اياد علاوي طالباني معبرًا عن تمنياته له بموفور الصحة والعافية متمنيًا له عودة موفقة من رحلته العلاجية quot;مجددًا له اعتزازه بالصداقة التاريخية والتآخي النضالي التي تجمعهما على طريق بناء العراق الجديد والمسيرة السياسية والديمقراطية في البلاد.. فيما عبر طالباني من جانبه عن شكره لعلاوي على مكالمته الهاتفية واحاسيسه الاخوية متمنيًا له النجاحquot;، كما قال بيان رئاسي.
ومن جهتهم، أعلن ممثلو أطراف اجتماع اربيل في اللجنة القانونية في مجلس النواب أنهم سيبدأون اليوم الأحد لقاءاتهم التمهيدية المخصصة لجمع الملفات المتعلقة باستجواب المالكي. وقال نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب عضو كتلة الأحرار الصدرية امير الكناني إن quot; ممثلي الكتل السياسية الداعية الى حجب الثقة عن المالكي في اللجنة القانونية البرلمانية سيبدأون الأحد لاستجوابه من خلال جمع الملفات التي ستطرح في الجلسة المخصصة لهquot;. وبخصوص النائب الذي سيكلف بالاستجواب أوضح الكناني quot; لم يتم الاتفاق حتى الآن بين الإطراف التي تنوي سحب الثقة على النائب المكلف باستجواب رئيس الوزراءquot;.
الصدر مصمم على الاستمرار بتغيير المالكي
إلى ذلك، أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر معارضته لترشيح المالكي لولاية ثالثة، وقال: quot;لا نريد أن يرشح مرة ثالثة لرئاسة الحكومةquot;. جاء ذلك في رد للصدر على سؤال لاحد اتباعه أشار فيه إلى تصريح النائب عن دولة القانون عزت الشابندر الذي قال فيه إن قضية سحب الثقة من المالكي شخصية والدليل أن التيار الصدري لا يريد ترشيح المالكي لولاية ثالثة، مضيفًا أن على التيار الصدري الالتزام باغلبية التحالف الوطني أو مغادرته.
وقال الصدر في نص إجابته على السؤال: quot;نحن لا نريد أن يرشح (المالكي) مرة ثالثة لاسباب عدةquot;.. مضيفًا أن هذا الموقف سببه quot;أن لا يكون (المالكي) نصف (صدام) مدة.. فارجو منه أن يحفظ هيبتهquot;.
وأشار إلى أنّ على المالكي quot;أن يعطي الفرصة لبناء العراق كما اراد هو لأن الديمقراطية يجب ان لا تكون بابًا للتسلطquot;. وقال: quot;إنه (المالكي) سعى الى خدمة العراق وكفى.. وانه اذا اراد الترشيح فبعد حين وليس على التواليquot;. وأكد الصدر أن المشروع الذي انخرط به لسحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكيquot;عراقي إلهيquot;.
وقال في رد له على سؤال حول quot;اتهامات نقلتها وسائل إعلام تابعة لائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بأن طلب سحب الثقة من رئيس الحكومة مشروع خارجي تقوده السعودية وتركيا وأن الصدر ضحية لهquot;.. قال إن quot;المشاريع تعددت فبعضها شرقية وبعضها غربية وبعضها مجهولةquot;.. وأضاف quot;أما مشروعنا فعراقي إلهيquot;. وشدد على اتباعه بالقول quot;اثبتوا ولا تزلواquot;.
وازاء مواقف الصدر هذه فقد قلل ائتلاف دولة القانون من أهمية الاتصال الهاتفي الذي جرى الاربعاء الماضي بين المالكي و الصدر. وقال القيادي في الائتلاف سامي العسكري إن هذا الاتصال الهاتفي لم يحقق انفراجًا في الأزمة أو تقريبًا في وجهات النظر. وأضاف أن الصدر ماضٍ بمشروع سحب الثقة من المالكي على الرغم من تصدعه وتكشف أبعاده المحلية والإقليمية.
يذكر أن البلاد تشهد أزمة سياسية في تصاعد مستمر في ظل حدة الخلافات بين الكتل السياسية بعد أن تحولت من اختلاف بين القائمة العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني والتيار الصدري وغيرهما من التيارات والأحزاب السياسية.
التعليقات