في أحدث تحدٍّ له لخصومه، فقد أكّد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رفضه دعوات كتل سياسية باستجوابه أو سحب الثقة منه راميًا بالكرة في ملعبهم حيث اشترط لذلك إصلاح أوضاع المجلس الذي يطالب نوابه بإقالة رئيسه اسامة النجيفي في وقت أكد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني أن مساعي سحب الثقة من المالكي ماضية إلى حين تحقيق هدفها.
خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; إبراهيم الجعفري، أكد رئيس الوزراء العراقي المالكي أنه quot;لا استجواب ولا سحب ثقة إلا حينما نصحّح وضع المؤسسة التشريعيةquot;.. ودعا خصومه إلى الجلوس إلى مائدة المفاوضات من أجل الحوار الذي يفضي إلى حل المشاكل السياسية التي تعانيها البلاد. واتهم المالكي خصومه باختطاف السلطة التشريعية في إشارة إلى رئيس البرلمان أسامة النجيفي القيادي في الكتلة العراقية التي تعتبر من أكبر خصومه الداعين لإقالته.
وأضاف المالكي عقب مباحثاته مع الجعفري التي تناولت مستجدات الوضع السياسي والسبل الكفيلة بإنهاء الأزمة السياسية الحالية في البلاد حيث أكدا ضرورة الحوار بين جميع الأطراف من دون استثناء والانفتاح على كل المشاكل التي تواجه العملية السياسية ومناقشة جميع المبادرات والأوراق التي طرحت سابقاً وفق ما يتلاءم والدستور.
وقال المالكي quot;نريد أن نبني بلدنا، ونريد أن نطوّع كل التحدّيات؛ حتى ننهض بخدمة المواطن ونوجد دولة قوية متينة تحمي، وتخدم مواطنيها؛ فكان هدف اللقاء هو تناول بعض القضايا ذات الطابع التنفيذيّ باعتبار أني في السلطة التنفيذية، وأرى الكثير من التحدّيات والمشاكل، ولم يكن الجعفري بعيداً عنها، ولكن في كل يوم تستجدّ لدينا مشكلة، في تقديري كل المحاولات التي أطلقها التحالف، وأطلقناها في الحكومة بنيناها على مبدأ الجلوس إلى طاولة الحوار، والتفاهم على أساس الدستورquot;.
وأكد بالقول quot;نحن نؤمن بما لا يقبل الشك، ولا التراجع بأننا شركاء في العملية السياسية، يحكمنا الدستور وليس غير.. نحن نرحب بكل الاتفاقيات التي حصلت، وكل الأوراق التي قـُدّمت، وكل المبادرات، ولكن لينظر من ينظر في هذه المبادرات والأوراق أنها جميعاً بُدِئت بالالتزام الكامل بالدستور، أي إن مرجعنا الأخير أن نلتزم بالدستورquot;.
وقال quot;هناك عملية انتهاك للدستور صريحة وواضحة لا مجرّد مخالفات، ويؤسفني أن صاحب الصوت العالي هو أكثر الناس انتهاكاً للدستور، وأوضحت أننا لا نستطيع أن نمضي بهذه الحالة إلى ما لا نهاية، وهذه التفاعلات المقصودة التي يُراد منها عرقلة عمل الحكومة والعملية السياسية. اليوم استجواب، وغداً سحب ثقة، وسحب ثقة متبادلة، وإدخال البلد كل يوم في أزمة، والشارع العراقي يلتهب.. أقول: كل هذه الممارسات ليست هي الحلول، لم يبقَ أمامنا إلا حل واحد فقط ليس غير، هو القبول بالحوار والدستور والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وإذا امتنع كما يمتنع الآن الكثير من الشركاء فإنما يدل ذلك على أن بعض الناس يجدون أنهم يخسرون بالحوار؛ لذا يرفضونه، ويريدون الإملاءاتquot;.
وشدد بالقول quot;نحن نرفض الإملاء، ونرفض أن يدخل في مؤسساتنا الدستورية الشرعية وبالذات البرلمان. والبرلمان يجب أن يأخذ دوره كأخطر سلطة في البلد، وهو السلطة التشريعية، وهناك مخالفات كبيرة فيه، هناك اختطاف للبرلمان، وهناك سكوت عن هذه المخالفات.. أين البرلمان من المخالفات التي تحصل كانتهاك الدستور في أكثر منطقة من العراق سواء كان في موضوع النفط، أو موضوع الحدود، أو موضوع العلاقات الخارجية؟.. هناك نواب عليهم في البرلمان قضايا تتعلق بالإرهاب، وتتعلق بالتزوير.. لماذا لا ينتظم البرلمان، وينظف صفوفه من هؤلاءquot;.
وانتقد عمل البرلمان قائلا quot;يبدو أن البرلمان لا يستطيع أن يصحّح وضعه؛ لذا نقول: أمامنا خياران لا ثالث لهما إما الحوار والانفتاح على كل المشاكل، أو إن القضية لا تتحمّل استمرار سلطة تشريعية مختطفة، وعلينا أن نذهب باتجاه آخر إما تجميد وانتخابات مبكرة وإما أن تستمر هذه الحالة التعويقية والتعطيلية، ولا أعتقد أنها ستخدم المواطن والبلدquot;.
وحول المطالبة لاستجوابه قال المالكي quot;في موضوع الاستجوابات لدينا ما نستطيع أن نقوم به والطرف الآخر يمكن أن يتعرّض لها، لكن البلد سيدفع الثمن. فلا استجواب، ولا قضية سحب ثقة إلا حينما نصحّح وضع المؤسسة التشريعيةquot;.
وأضاف ان من يريد أن يقوم بمثل هذا العمل عليه أن يصحّح وضعه القانونيّ التشريعيّ، وأن يتصدّى للمخالفات الموجودة داخل البرلمان وفي داخل الكتل التي يتشكّل منها البرلمان؛ حتى يذهب لاستجواب أو طرح قضية أخرى من هذه القضايا.
وأوضح المالكي ان معارضيه quot;رفضوا الحوار - وهم يرفضونه قطعاً - ويخافون أن يأتوا للحوار؛ لأن من يأتِ للحوار يجب أن يكون سليم الملف؛ حتى لا يُواجَه، وإذا رفضوه فلنذهب إلى البرلمان، ونجلس فيه، وأمام البرلمانيين وأمام العالم، ونقول من الذي خالف الدستور، ومن الذي تجاوز على الدولة، ومن الذي تجاوز على النظام، ونقول: يا برلمان، يا دستور، يا مواطنون انظروا الواقع الحالي الموجود.
إذا لم يأتوا إلى الاجتماع الوطنيّ، فلنذهب إلى البرلمان، ونناقش قضايانا برلمانياً، وهذه أفضل وسيلة لمعالجة الأمورquot;. ومن جهته قال الجعفري ان مباحثاته مع المالكي تناولت تقييم العملية السياسية بصورة عامة، وفيها برزت مفردة أهمية الحوار، وأثبتت واقعاً عاماً وهي البوّابة الأوسع للالتقاء بالقطاعات السياسية كافة.
وقال quot;كل الأطراف التي اختلفت، أو اتفقت، وكل الأوراق التي قـُدّمت والنقاط التي طـُرحت سابقاً منذ مبادرة التحالف الوطنيّ إلى النقاط التي طرحها السيد رئيس الجمهورية إلى كل الأوراق دون استثناء بما فيها ورقة أربيل يمكن الاتساع لها بالحوار الوطنيّ.. الحوار يجعل الباب مفتوحاً أمام كل المستجدّات؛ لتداول هذا الأمرquot;.
وأضاف quot;نحن نعتقد أن الأجواء الآن أصبحت أكثر واقعية وقريبة لإنجاح عملية الحوار، والحوار يشكل نقلة وطنية وعلامة فارقة في طريق تجاوز المشاكل التي طفحت على السطح مؤخراً، وكذلك السيد رئيس الوزراء أيضاً طرح وجهات نظر ومبادرات جيدة على هذا الصعيدquot;.
وأكد الجعفري قائلا quot;نحن لا نعتقد أن سحب الثقة أسلوب صحيح وسابقة صحيحة للتعامل مع هذه الحالة... من يمارس دوراً في السلطة التنفيذية يدرك جيداً أن طبيعة العمل التنفيذيّ تختلف من جملة ما تختلف عن العمل التشريعيّ أن السلطة التنفيذية تتعامل مع متحرّكات ومصالح متشابكة وتعقيدات وموروثات من النظام السابق والكثير من اختراقات الفساد، وهذه يتحمّلها كل الأطراف؛ لأن تشكيلة الحكومة هي تشكيلة توافقية، وكل وزير ليس بالضرورة يمثل، وينصاع كلياً لإرادة رئيس مجلس الوزراء. وفي خضم هذه التعقيدات من غير الصحيح حين نضع يدنا على مشكلة أن نتحدث بسرعة عن سحب الثقة إنما الطريقة الصحيحة هي الحوارquot;.
ويأتي رفض المالكي استجوابه او سحب الثقة منه بعد ساعات من تأكيد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني خلال لقائه وزراء خارجية السويد وبولندا وبلغاريا مساء امس الاحد استمرار مساعي سحب الثقة من المالكي.
وقال بارزاني في مؤتمر صحافي مشترك في اربيل مع وزراء خارجية كل من السويد وبولندا وبلغاريا، إن quot;هناك لجنة قانونية من البرلمانيين تعمل على التحضير لاجل استدعاء المالكي إلى مجلس النواب والبدء باجراءات سحب الثقة عنهquot;. وأضاف البارزاني أن quot;المسألة الآن في البرلمان ونحن بانتظار ما سيفعله بهذا الشأنquot;.
وأكد الحزبان الكرديان الرئيسان، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني السبت الماضي تمسّكهما بإجراءات سحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكي، وأكدا أن مساعيهما هذه تجري بالتنسيق مع الأطراف الأخرى مع مراعاة المسؤوليات الدستورية لرئيس الجمهورية جلال الطالباني.
وكشفت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي عن تشكيل لجان قانونية وسياسية لاستجواب رئيس الحكومة نوري المالكي تمهيداً لسحب الثقة منه، مؤكدة أنها تسعى إلى توسيع التحالف الذي شكل مؤخراً مع الكرد وتيار الصدر ليشمل أطياف الشعب كافة.
يذكر أن الرئيس طالباني الذي يخضع لفحوصات طبية حالياً في ألمانيا هدد، في 16 حزيران من الشهر الحالي بالاستقالة في حال أجبر على تغيير قناعاته مؤكداً أن منصبه يقتضي الحيادية وتوحيد الصف، في حين أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في العشرين من الشهر الحالي أنه ليس هناك بديل من توقيع رئيس الجمهورية على طلب سحب الثقة من المالكي، وأكد أنه لن يشارك في أي مشروع غير ذلك.
ويشهد العراق أزمات سياسية أبرزها مطالبات عدد من الكتل وهي التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني بسحب الثقة من رئيس الوزراء في حين يحذر نواب عن دولة القانون التي يتزعمها المالكي من تبعات هذه الخطوة على العملية السياسية.
التعليقات