رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو

يرى محللون أن تقرير وكالة الطاقة الذرية حول إيران يضع إسرائيل في زاوية بتوثيقه اقتراب إيران من عبور ما دأبت إسرائيل على القول إنه خط احمر، أي القدرة على انتاج أسلحة نووية في منشأة محصنة ضد أي هجوم.


إعداد عبد الاله مجيد: جاء تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس، بنظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدًا موقفه القائل إن العقوبات الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية تلحق ضررًا بإيران ولكنها أخفقت في تعطيل برنامج طهران النووي بل إن البرنامج يُنفذ بوتائر متسارعة.

وإزاء تقرير الوكالة القائل إن إيران نصبت اكثر من 2100 جهاز طرد في مختبر تحت الأرض لا يمكن اختراقه عمليا وانها زادت انتاج الوقود النووي، يقول مسؤولون وخبراء إسرائيليون ان هذه المعطيات قد تجبر إسرائيل على توجيه ضربة الى إيران أو الاعتراف بأنها ليست مستعدة للتحرك بمفردها.

وما إذا كان هذا سيؤدي في نهاية المطاف الى تغيير استراتيجية إسرائيل أو ضربة احادية فان ذلك امر لا يستطيع حتى اركان القيادة الإسرائيلية ان يتفقوا عليه رغم اجماعهم على ان برنامج إيران قد يكون في وقت قريب بعيدا عن ذراع إسرائيل العسكرية.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع لصحيفة نيويورك تايمز طالبا عدم ذكر اسمه ان الموقف quot;يتركنا في طريق مسدود. فكلما طال الوقت دون تغيير على الأرض في ما يتعلق بالسياسات الإيرانية تصبح اللعبة لعبة صفريةquot;.

ويزيد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حدة التوتر بين إسرائيل وواشنطن خلال الأجواء المشحونة للانتخابات الرئاسية الاميركية. ويقول الرئيسان اوباما ونتنياهو ان لديهما تقييما مشتركا للمعلومات المتوفرة عن تقدم برنامج إيران النووي وان ما يختلفان عليه هو الوقت المتاح لوقف البرنامج.

وحاول المسؤولون الاميركيون مرارًا ان يطمئنوا الإسرائيليين الى دعم الولايات المتحدة وتذكيرهم بأن إسرائيل ليست لديها القدرة بمفردها على تدمير المنشأة الإيرانية التي بُنيت في باطن جبل قرب قم. ولدى الولايات المتحدة اسلحة تعتقد انها قادرة على تدمير المنشأة ولكن اوباما يرى انه ما زال هناك quot;وقت ومجالquot; للدبلوماسية والعقوبات وأعمال التخريب، في خلطة يقول الإسرائيليون إنها لم تكن كافية حتى الآن.

وقال مستشار سابق للرئيس الاميركي مؤخرًا ان الإسرائيليين لا يستطيعون انجاز المهمة على الوجه المطلوب من دون الولايات المتحدة quot;ونحن نحاول اقناعهم بـأن ضربة لا تفعل سوى دفع البرنامج اعمق تحت الأرض ليست هي الحل بل تثير مشكلة أكبرquot;.

ويأتي التقرير في مرحلة دقيقة تمر بها حملة إسرائيل لتحشيد دعم الغرب في سعيها الى منع إيران من امتلاك سلاح نووي يقول جميع القادة الإسرائيليين عمليا انه يشكل تهديد وجوديا لإسرائيل.

ويعترف قادة عسكريون بأن فاعلية الضربة الإسرائيلية تتناقص مع استمرار إيران في نقل عملياتها الى منشآت تحت الأرض. وهم يقولون ان اقصى ما قد تحققه إسرائيل بضربة عسكرية هو غلق مداخل النفق في محيط منشأة فوردو وليس تدمير ما في داخلها.

سياسيا يخشى القادة الإسرائيليون ان يفقدوا ما بيدهم من وسائل ضغط بعد انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر الرئاسية في الولايات المتحدة بصرف النظر عن نتيجتها ولكنهم يشعرون بالقلق ايضا بشأن توجيه ضربة قبل الانتخابات ستثير غضب واشنطن التي سيكون دعمها بالغ الأهمية في اعقاب توجيهها.

وبعد شهر من موجة زيارات قام بها مسؤولون امنيون اميركيون كبار هدأ الحديث الهستيري في إسرائيل عن هجوم وشيك. ولكن مسؤولين إسرائيليين عدة قالوا ان الدراسة والأخذ والرد والسجالات داخل الحلقة الضيقة لصانعي القرار الإسرائيليين ازدادت حدة، وان إسرائيل اتخذت خطوات لتعزيز الجبهة الداخلية وتهيئة مواطنيها.

ويرى كثيرون في الحكومة الإسرائيلية ومحللون إسرائيليون مستقلون ان الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر. وما لم يجد المجتمع الدولي طرقا جديدة لممارسة الضغط الدبلوماسي أو توجه الولايات المتحدة انذارا واضحا الى إيران بشأن نيتها في العمل العسكري فان احتمالات توجيه ضربة إسرائيلية هذا العام ستتزايد. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع لصحيفة نيويورك تايمز انه quot;إذا أوضحت الولايات المتحدة لإيران انها قد تخوض حربا لن تكون هناك حاجة لخوض حربquot;.

وردا على سؤال عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني ان الرئيس اوباما أوضح في احيان كثيرة quot;انه مصمم على منع إيران من امتلاك سلاح نوويquot;. ولكنه لم يحدد مواعيد وقال مسؤولون ان من المستبعد ان يحدد اوباما موعدا أو شروطا واضحة من شأنها ان تستثير ردا عسكريا.

ويعلق العديد من القادة والمحللين الإسرائيليين آمالهم على إمكانية عقد اجتماع بين اوباما ونتنياهو عندما يحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في اواخر ايلول/سبتبمر. ويتركز الاختلاف الجوهري بين التقييم الاميركي والتقييم الإسرائيلي للموقف على التوقيت. فان عقارب الساعة تدور متسارعة بنظر إسرائيل وبحسب تعبير مسؤول إسرائيلي quot;فان جميع الساعات تعمل بسرعة أعلىquot;.

وقال هذا المسؤول لصحيفة نيويورك تايمز طالبا عدم ذكر اسمه ان الإيرانيين كل اسبوع يزدادون قربا من هدفهم في حين يبدو ان إسرائيل تراوح في مكانها كل اسبوع. وتؤكد إيران ان برنامجها النووي ذو اغراض مدنية سلمية.

ورغم ان موقف نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك يتسم بأهمية بالغة في القرار النهائي فان الانظار تتجه الآن الى مجموعة من 14 وزيرا تعرف باسم مجلس الوزراء الأمني أو المطبخ الداخلي. وقال يوسي ميلمان الذي نشر كتابا عن تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية ان العمل العسكري يتطلب أغلبية قوية قوامها 12 أو 13 من اعضاء هذه المجموعة المنقسمة حاليا.

ويُعتقد ان 3 أو 4 وزراء في هذه المجموعة يعارضون توجيه ضربة إسرائيلية احادية فيما يبدو ان ستة وزراء آخرين يؤيدون مثل هذه الضربة. والمجهولان الكبيران هما نائب رئيس الوزراء موشي يعالون ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان اللذان رفضا التعليق.

وحاول نتنياهو كسب يعالون بضمه الى عشاء محدود خلال زيارة وزيرة الخارجية الاميركية الى إسرائيل في تموز (يوليو). وقال ليبرمان الذي كثيرا ما يختلف مع نتنياهو انه quot;لا يوجد وضع يمكن ان تقبل إسرائيل فيه بإيران نوويةquot;.

ولا تتوزع الانقسامات داخل مجلس الوزراء وإسرائيل عموما بين معسكرين من الحمائم والصقور، كما هو معهود، بل تدور الخلافات بالدرجة الرئيسة حول أفضل السبل لاقناع الولايات المتحدة. وقال ديفيد ماكوفسكي من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذي امضى عشر سنوات في إسرائيل quot;ان مركز الثقل السياسي يمكن ان يتغير بسرعةquot; إذا لم تفعل ادارة اوباما شيئا أكثر مما فعلته حتى الآن.

وقال مارتن اندايك السفير الاميركي السابق في إسرائيل ومدير السياسة الخارجية في معهد بروكنز انه فوجئ بإقدام إسرائيل مؤخرا على توزيع اقنعة الغاز وفحص الملاجئ وتفعيل نظام للانذار بالرسائل النصية.

وتذكر عوزي آراد مستشار الأمن القومي السابق في الحكومة الإسرائيلية مرافقته نتنياهو الذي كان زعيم المعارضة وقتذاك في اجتماع مع نائب الرئيس الاميركي دك تشيني عام 2007. إذ جادل الإسرائيليون قائلين ان الاجراء الوحيد الذي لديه quot;فاعلية كافيةquot; لمنع إيران من انتاج سلاح نووي هو عقوبات قاصمة بما في ذلك عقوبات ضد قطاع الطاقة quot;مقترنة بخيار عسكري واضح وحاضر، ذي مصداقية يؤكد ان استمرار البرنامج لن ينجح لأنه سيؤدي في النهاية الى عمل عسكريquot;.

وبعد خمس سنوات على ذلك اللقاء يقول المحيطون بنتنياهو الشيء نفسه من حيث الأساس ولعلهم بدأوا يتعبون من الانتظار، بحسب تعبير صحيفة نيويورك تايمز.