إيران ارسلت عناصر من الحرس الثوري لدعم نظام الأسد |
بعد العملية النوعية التي نفذها المعارضون السوريون في دمشق وحلب، وخاصة تفجير مبنى الأمن القومي، أصدرت طهران قرارًا بارسال قادة عسكريين وعناصر من الحرس الثوري لدعم قوات نظام الأسد في سوريا.
لندن: ترسل طهران قادة عسكريين وجنوداً من الحرس الثوري الإيراني إلى سوريا، كما كشف أفراد حاليون وسابقون في هذه القوة النخبوية الإيرانية.
ويأتي إرسال كوادر من الحرس الثوري بالإضافة إلى ما قال هؤلاء الأفراد إنها جهود مكثفة تبذلها إيران لدعم جيش الرئيس السوري بشار الأسد بالمال والسلاح. ويشير هذا إلى أن عواصم اقليمية تنجر أعمق فأعمق إلى النزاع السوري مؤكدًا ما يقوله معارضون لنظام الأسد بأن جيشه يواجه ضغطًا متزايدًا.
وقدم قائد عسكري في الحرس الثوري الإيراني ما يبدو أنه اول اعتراف صريح بتدخل إيران عسكريًا في سوريا.
واعلن الجنرال سالار ابنوش قائد وحدة quot;صاحب الأمرquot; في كلمة القاها الاثنين امام متدربين متطوعين: quot;نحن ننخرط اليوم في قتال كل جانب من جوانب الحرب، الجانب العسكري في سوريا والجانب الثقافي ايضًاquot;. ولم يتسنَ التوثق من اعلان الجنرال الإيراني الذي نقلته وكالة دانشجو الإيرانية للأنباء.
وتتولى إيران منذ زمن طويل تدريب عناصر الجهاز الأمني السوري في مجال الحرب الالكترونية والتجسس على المعارضين، بحسب مسؤولين اميركيين ومعارضين سوريين. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة أن قرار طهران إرسال كوادر عسكرية، اتُخذ بعد الهجمات النوعية التي نفذها مقاتلو المعارضة في دمشق وحلب، اكبر مدينتين سوريتين، وخاصة تفجير مبنى الأمن القومي في العاصمة ومقتل اربعة من كبار القادة الأمنيين والعسكريين في تموز/يوليو الماضي.
ويقول معارضون ومقاتلون سوريون إن نظام الأسد يعتمد بصورة متزايدة على نواة من الموالين لتنفيذ العمليات، وإن الجيش النظامي تلقى ضربات موجعة بالانشقاقات وفقدانه اراضي في المناطق الكردية وقرب الحدود التركية. وفي يوم الاثنين تحطمت مروحية عسكرية سورية هوت في كرة من النار فوق دمشق.
وكانت الانتفاضة السورية أوقعت إيران في مأزق على مستوى السياسة الخارجية. فعندما اشتعلت انتفاضات الربيع العربي في بلدان مثل ليبيا ومصر وتونس والبحرين، صورت الجمهورية الاسلامية ثورتها مصدر الهام لهذه الانتفاضات. ولكن إيران حجبت دعمها عن المحتجين في سوريا حليفتها الوثيقة في المنطقة. واتهم القادة الإيرانيون بمن فيهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قوى خارجية ومجموعات ارهابية بالمسؤولية عن أعمال العنف مرددين ما يقوله النظام السوري.
ولكن التأييد الذي تحظى به إيران في المنطقة، انحسر بسبب استمرارها في دعم الأسد. ويبدو أن بعض مراكز القوى في إيران أخذت تتروى وتتحوط في مواصلة هذا الدعم. وفي الأشهر القليلة الماضية تواصلت وزارة الخارجية الإيرانية مع معارضين سوريين عارضة التوسط بين الطرفين.
ويبدو أن هذه الجهود تراجعت الآن أمام دعم إيران للجيش السوري في حملته ضد المعارضة، كما يقول محللون وعناصر سابقون وحاليون في الحرس الثوري الإيراني.
وقال محسن سازكارة، احد مؤسسي الحرس الثوري الإيراني والناشط السياسي المعارض للنظام الإيراني حالياً في اتصال هاتفي مع صحيفة وول ستريت جورنال، quot;احد جناحي إيران سوف ينكسر إذا سقط الأسد، وهم يستخدمون الآن علاقاتهم من العراق إلى لبنان لإبقائه في السلطةquot;.
وكان وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي أشار مؤخرًا إلى حدوث تغيير. ونقلت صحيفتان إيرانيتان عن وحيدي قوله إن إيران ستمد يد العون بموجب اتفاقية الدفاع المشترك بين إيران وسوريا إذا لم يتمكن النظام السوري من إخماد الانتفاضة.
وأضاف أن سوريا لم تطلب المساعدة حتى الآن، معلنًا quot;أن سوريا تتعامل مع الوضع بصورة جيدة جدًا بمفردها وإذا لم تتمكن الحكومة من حل الأزمة بمفردها فاننا سننفذ حلفنا الدفاعي- الأمني المشترك بناء على طلب منهمquot;.
وستكون سوريا على رأس جدول أعمال قمة عدم الانحياز التي تُعقد في طهران هذا الاسبوع. وقال وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي يوم الخميس الماضي، إن إيران ستعلن خطة سلام لسوريا خلال المؤتمر الذي بدأ أعماله يوم الأحد. وفي طهران أعرب وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر عن الامتنان خلال محادثاته مع المسؤولين الإيرانيين. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن حيدر قوله quot;إن سوريا لن تنسى ابدًا دعم إيران خلال هذه الأوقات العصيبةquot;.
وقرر المرشد الاعلى آية الله خامنئي الذي له الكلمة الأخيرة في ادارة الدولة تعيين قاسم سليماني قائد فيلق القدس لتولي ملف التعاون العسكري مع الأسد وقواته، بحسب عضو في الحرس الثوري الإيراني في طهران مطلع على إرسال عناصر من الحرس إلى سوريا. وفيلق القدس هو الذراع الخارجية للحرس الثوري مسؤول عن تدريب مسلحين ينشطون بالوكالة خارج إيران، وتصدير ايديولوجيا الثورة الإيرانية.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن عضو الحرس الثوري الإيراني في طهران quot;أن سليماني اقنع خامنئي بأن حدود إيران تمتد أبعد من الحدود الجغرافية وان معركة سوريا جزء لا ينفصل من الحفاظ على الهلال الشيعيquot; الذي يغطي إيران والعراق ولبنان وسوريا.
وقال مصدران في الحرس الثوري الإيراني مطلعان على تحركاته إن إيران ترسل مئات من عناصر الحرس وميليشيا الباسيج التابعة للحرس إلى دمشق. واضاف المصدران أن العديد من الجنود الإيرانيين الذين يُرسلون إلى سوريا ينتسبون إلى وحدات من الحرس الثوري الإيراني تتمركز خارج طهران وخاصة في اذربيجان والمنطقة الكردية حيث اكتسبوا خبرة في التعامل مع حركات قومية انفصالية. وهم يحلون محل جنود سوريين انشقوا وانضموا إلى المعارضة، بحسب المصادر نفسها مشيرة إلى أن هؤلاء الجنود يمارسون أدوارًا غير قتالية مثل حراسة مستودعات السلاح والمساعدة في ادارة الثكنات العسكرية.
وترسل إيران قادة عسكريين من الحرس الثوري لتوجيه القوات السورية في مجال الاستراتيجية العسكرية وقادة من فيلق القدس للمساعدة في الاستخبارات العسكرية، كما قال سازكارة وافراد ما زالوا عاملين في الحرس الثوري الإيراني.
وبدأت إيران تنقل مساعدات عسكرية ومالية إلى سوريا عن طريق شركات إيرانية تعمل في العراق مثل شركة البناء التي يملكها عنصر سابق في الحرس الثوري الإيراني يعيش الآن في العراق وشركة سياحية تقدم خدماتها لزوار الأضرحة الشيعية، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن سازكارة وشخص في إيران مطلع على نشاط شركة البناء.
وتعمل قوات الحرس الثوري الإيراني والجيش السوري للافراج عن 48 إيرانيًا تحتجزهم وحدة تابعة للجيش السوري الحر رهائن، كما قال مسؤولان في الحرس الثوري الإيراني في طهران فضلاً عن تصريحات اطلقها برلماني إيراني في دمشق هذا الاسبوع.
ونفت إيران في البداية أن تكون للإيرانيين المخطوفين أي صلة بالحرس الثوري الإيراني، ولكن وزير الخارجية علي اكبر صالحي قال لاحقاً إن بعض الرهائن افراد متقاعدون في الحرس الثوري الإيراني. ونشرت وسائل إعلام إيرانية معارضة اسماء اربعة من الرهائن قائلة إنهم قادة عسكريون يخدمون حاليا في الحرس الثوري الإيراني من اقاليم إيرانية مختلفة.
وأعلن السفير الإيراني في سوريا مؤخراً أن مكان وجود الرهائن عُرف وأن إيران تتفاوض مع سوريا حول انقاذهم، كما افادت وسائل اعلام إيرانية. وقال السفير ايضاً إن إيران وسوريا شكلتا لجنة مشتركة تضم خبراء استخباراتيين وسياسيين وعسكريين في مهمة الإنقاذ. وقالت وسائل اعلام إيرانية يوم الاثنين إن اللجنة توافي الأسد بما تتوصل اليه من مستجدات.
التعليقات