فرضت علامات استفهام عدة نفسها على الملياردير الاميركي اليهودي رون لاودر، الذي زار انقرة مؤخراً للتوصل إلى مصالحة بين تركيا وإسرائيل، وقالت معطيات عبرية إنه رغم فشل لاودر في مهمته الاخيرة، إلا أن نتنياهو اعتمد عليه في الماضي لبلورة اتفاق سلام مع السوريين، لكن مفاوضاته باءت بالفشل.


رون لاودر

في وقت تشهد العلاقات التركية الاسرائيلية جموداً غير مسبوق، تنطلق خلف كواليس المشهد القاتم، محاولات غير رسمية، لإعادة تلك العلاقات إلى سابق عهدها، ولعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ألمح إلى هذه المحاولات غير ذي مرة، كان آخرها ما ادلى به لقناة NTV التركية، حينما أكد أنه تلقى مبادرات من الرئيس الأميركي باراك اوباما، ونظيره الروسي فلادمير بوتين، لاستئناف العلاقات بين انقرة وتل ابيب، غير أن اردوغان وضع امام هذه المبادرات شروطاً، رأى أن التزام اسرائيل بها يُعد مؤشراً على رغبتها في عودة العلاقات إلى دفئها السابق، وكان في طليعة تلك الشروط، رفع الحصار الذي تفرضه اسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، والاعتذار الرسمي لأنقرة على مقتل تسعة نشطاء أتراك، كانوا على متن سفينة المساعدات التركية quot;مرمرةquot;، التي كانت في طريقها لتقديم مساعدات انسانية لسكان القطاع المحاصر في أيار (مايو) 2010، بالاضافة إلى تقديم اسرائيل تعويضات لأهالي قتلى السفينة التي يدور الحديث عنها.

مبعوث نتنياهو لبلورة اتفاق سلام مع السوريين

إلى ذلك كشف اردوغان في حديث للقناة التركية عينها، أنه استقبل خلال الايام القليلة الماضية موفداً عن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعرض الموفد رغبة اسرائيل في استئناف العلاقات الاسرائيلية التركية، وقال رئيس الوزراء التركي إن الموفد الذي يدور الحديث عنه، هو رجل الأعمال اليهودي الأميركي quot;رون لاودرquot;، الذي يشغل منصب رئيس الكونغرس اليهودي العالمي في الولايات المتحدة، وخلال لقاء دام ساعات طوال، حاول لاودر استخدام كافة خبراته في التواصل مع رئيس الوزراء التركي، إلا أن الأخير اصر على موقفه، حينما قال إنه لا عودة للعلاقات بين انقرة وتل ابيب، إلا بعد تنفيذ اسرائيل للشروط، التي يعلمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عينه، بحسب صحيفة هاآرتس العبرية.

لم تعترف اسرائيل رسمياً بما كشف عنه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، إلا أن علاقة رئيس الوزراء الاسرائيلي برجل الأعمال الأميركي اليهودي، ازاحت العديد من علامات الاستفهام حول القضية برمتها، إذ تشير صحيفة هاآرتس إلى أن لاودر من اكثر الشخصيات في عالم رجال الاعمال اليهود، اقتراباً من بنيامين نتنياهو، فإلى جانب امتلاكه للقناة الاسرائيلية العاشرة، التي تساند في خطها الاعلامي العام سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي، كان لاودر من اكثر الداعمين لحملة نتنياهو الانتخابية، وينسب له الفضل في صعود نتنياهو لمنصب رئيس الوزراء مرتين، ورغم أن العلاقة بين الرجلين شهدت فتوراً ملحوظاً خلال العامين الماضيين، إلا أنها عادت لدفئها مؤخراً.

وتشير المعطيات العبرية إلى أن لاودر، فتح خط اتصال سري بين اسرائيل وسوريا خلال تولي نتنياهو منصب رئيس الوزراء في تسعينيات القرن الماضي، كما اضحى الملياردير اليهودي الاميركي عينه موفداً عن نتنياهو في المحادثات الاسرائيلية السرية مع الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، واعتماداً على كونه رجل أعمال، وذا علاقات سياسية متشعبة، كلفه نتنياهو بإدارة مفاوضات مع السوريين، كما نقل اقتراحات من نتنياهو الى دمشق، تفيد باستعداد تل ابيب الانسحاب من معظم هضبة الجولان.

ولد رونالد quot;رونquot; ستيفن لاودر في السادس والعشرين من شباط (فبراير) عام 1944، وهو رجل اعمال يهودي اميركي، وسياسي محنك، ويشغل منصب رئيس الكونغرس اليهودي في الولايات المتحدة، كما أنه يهوى جمع التحف الثمينة، ويعد من أبرز الداعمين مالياً لاسرائيل، ويمتلك لاودر القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي، فضلاً عن امتلاكه للعديد من القنوات الاعلامية على مستوى العالم، ويحتل المركز 362 في قائمة اثرياء العالم، إذ قدرت ثروته عام 2011 بـ 3.3 مليارات دولار، بحسب مجلة فوربس.

نائب مساعد وزير الدفاع الاميركي للشؤون السياسية

ولد لاودر في نيويورك وهو ابن جوزيف واستي لاودر، تخرجمن مدرسة quot;BAquot; وهي مدرسة quot;فيرتونquot; لإدارة الاعمال وتتبع في ادارتها جامعة بنسلفانيا، درس بعد ذلك في جامعة باريس، كما حصل على اجازة في دراسة الصفقات الدولية من جامعة بروكسيل.

تزوج لاودر عام 1967 وبعدها بخمس سنوات اصبح احد محافظي البنك الفيدرالي الاميركي لمدة خمس سنوات تقريباً، وفي نيسان/ ابريل عام 1985 صدر كتابه الاول عن الحرب والجريمة والعنف في الولايات المتحدة، وقبل هذا التاريخ بعام دخل عالم السياسية، حينما تم تعيينه نائباً لمساعد وزير الدفاع الاميركي للشؤون السياسية ذات الصلة بالقضايا الاوروبية وحلف الناتو، وفي عام 1986 عينه الرئيس الاميركي رونالد ريغان سفيراً للولايات المتحدة في فيينا، وفي ايلول/ سبتمبر عام 1989، نافس رود جولياني كمرشح عن الحزب الجمهوري لرئاسة مدينة نيويورك، إلا أنه مني بخسارة كبيرة، غير أنه بخلاف المتعارف عليه استمر في المنافسة ولكنه في هذه المرة كمرشح عن الحزب المحافظ، وفاز بنسبة ضئيلة من الاصوات، غير أن جولياني خسر في الانتخابات امام ديفيد دينكينس مرشح الحزب الديمقراطي.

في عام 1987 اقام لاودر صندوقاً يحمل اسمه quot;لاودرquot; لتنمية الطائفة اليهودية، والثقافة اليهودية في الولايات المتحدة وشرق اوروبا، وبلغت افرع الصندوق حالياً 62 فرعاً في 15 دولة، وقبل تسلمه رئاسة الكونغرس اليهودي العالمي في العاشر من حزيران/ يونيه عام 2007، شغل لاودر منصب رئيس كونغرس الطوائف اليهودية، ورئيساً للإدارة المالية في الكونغرس اليهودي العالمي، وخلال رئاسته للكونغرس اليهودي العالمي، ابدى لاودر العديد من وجهات نظره النقدية لمؤسسات الطاقة الاوروبية التي تتعاون مع ايران، كما دعا الامم المتحدة إلى فرض عقوبات جادة على ايران، لما تشكله من تهديد على اسرائيل بحسب تقديره، وبسبب تطلعاتها النووية.