يرّد البعض الاعتداء على شيخين من دار الفتوى في خندق الغميق وغيرها من الاعتداءات على شيخين آخرين في الشياح، الى الخطاب السياسي والديني الذي بلغ مستوى تحريضيًا كبيرًا لم نرَ مثيلاً له حتى في عزّ الحرب الاهلية.

بيروت: تحدث الباحث الفرنسي جان بول دو بوا عن تاريخ كلمة خطاب، حيث اعتبر أن الخطاب لغة انتاج اجتماعي، ثم عاد الباحث دومينيك ماغينو ليتحدث عن عدم فهم متبادل في اللغة والخطاب، وما اعلنه في تحليله هو تمامًا ما يعيشه لبنان اليوم فما يجري ليس سوى قتل للآخر من خلال الخطاب باحاجيج تنسف الآخر، فالحرب الكلامية الدائرة اليوم تجد متنفسها في الشارع كبديل عن الحرب الميدانية.
يقول النائب السابق بيار دكاش لـquot;إيلافquot; إن هناك 3 مشاكل في لبنان الاولى سياسية واقتصادية واخلاقية، والخطاب السياسي يقع ضمن مشكلة الاخلاق في لبنان بكل أسف.

ويتابع:quot; هناك أسباب لانحدار المستوى في الخطاب السياسي اللبناني ومنها عدم وعي الشعب اللبناني بكافة ابنائه في أي موقع كان، والى أي فريق انتمى لمسؤولياته، ولمعرفته لحقوقه، أتى بممثلين يوم الاستحقاق الكبير، ادى الى انقسام مريع تسقط فيه كل المبادىء والقيم.

بالاضافة الى مشاكل عدة في لبنان تجعل هذا الخطاب السياسي ينحدر الى هذا المستوى اولها الشخصانية وتأليهها، بمعنى أن مشكلة الناس أنهم يعبدون الاشخاص وليس المبادىء وهذا ناتج عن قلة الوعي على الرغم من الشهادات العالية والكفاءات التي يتميز بها اللبناني.

ثم العائلية أي لا نزال نمشي في الحياة القبلية العائلية، ثم الطائفية، والمذهبية، الوحدة تبدأ في أن الواحد ينضم الى الآخر، لا نزال بعيدين عن الوحدة في الجماعة، المصلحة الذاتية تقدم على المصلحة العامة، ونسأل هنا إن كان هناك تمويل لتلك الخطابات وهي ليست نابعة من إرادة ذاتية بل تقع ضمن الولاءات الخارجية التي تدفع بهذا الفريق أو ذاك الى أخذ المواقف.

ويلفت الى أن quot;الخطاب السياسي في لبنان لا يحتاج الى تقييم بل الى صمت اعمق منه، واذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، لان الصمت افضل من الكلام.quot;

عن خطابات السياسيين بالامس يقول في كل العهود كان هناك من يخرج عن اللياقات والآداب والقيم، ولكن بكل أسف في وقتنا الحاضر ونظرًا للمآسي التي مر بها لبنان، انحدر الخطاب السياسي الى مستوى مخجل محزن مبكٍّ وجارح، اما ضوابط هذا الخطاب فتكون من خلال توعية الشعب اللبناني، ويجب أن يعرف حقوقه وواجباته، وأن يختار جيدًا الطقم السياسي، يكون فعلاً وليد إرادة الشعب اللبناني، ومع وجود الوعي الذي يرفض التدخل الخارجي من الشرق او الغرب، حينها يصبح الخطاب السياسي منسجمًا مع ارادة الشعب اللبناني وحقه في الاختيار.

ويتابع:quot;نعرف أن هذه الفوضى الموجودة في لبنان مدمِّرة هي بسبب كل كلمة تخرج من فم الخطيب، وقبل أن تخرج الكلمة من فمه يكون ملك الكلمة وبعدها يصبح عبدها. والانفجار العسكري ممكن أن يسببه خطاب غير موزون أو ممحص.

خطاب تنقصه الثقافة

بدوره يقول النائب مروان فارس لـquot;إيلافquot; إن الخطاب السياسي ينقصه الكثير من الثقافة واصبح يدخل بالمهاترات اكثر من المصالح الفعلية للمجتمع، والسياسة بقدر ما تعبر عن مصالح المجتمع بقدر ذلك يكون خطابها على مستوى المجتمع، اما اذا كان الخطاب فرديًا وانانيًا، يعبر حينها عن مصالح حزبية.

ومقارنة مع الخطاب الماضي يقول فارس لا نستطيع قياسه بالماضي، ودائمًا للخطاب السياسي مقاييسه وهي الحياة الديموقراطية، وبما أن لبنان يتمتع بالحرية الكاملة للاعلام فمفترض الحياة الديموقراطية تكون على مستوى الاعلام، ولكن المشكلة في لبنان أن القصة الديموقراطية تشوبها المسائل المذهبية والطائفية، ولبنان لا يرتفع الى مستوى خطاب لائق بالنسبة للحضارة التي ينتمي اليها الا اذا ارتفع فوق الخطاب الطائفي.

ويضيف quot;نحتاج في لبنان الى اعادة صياغة الحياة السياسية بمعنى أن نرتفع من الطائفية الى المواطنية.quot;