فجّرت استقالة أحمد معاذ الخطيب من رئاسة الائتلاف السوري المعارض أمام مؤتمر أصدقاء سوريا سجالًا سوريًا داخليًا بين مكونات الائتلاف، ما أظهر التشتت الكبير الذي تعاني منه المعارضة السورية، خصوصًا في مسألة تقديم هذه المكونات أجنداتها الخاصة.


لندن: في انقلاب غير مفاجىء من أعضاء الائتلاف الوطني، تتابعت خطوات استقالة الشيخ أحمد معاذ الخطيب في الأروقة الاعلامية من دون انتظار اجتماع الهيئة العامة للائتلاف، وتم تعيين جورج صبرا رئيسًا، فمارس نشاطاته سريعًا في مؤتمر صحافي ثم في اتصالات مع قادة لبنانيين لبحث تدخل حزب الله في سوريا.

واعتبر مراقبون أن رئيس المجلس الوطني سابقًا والائتلاف المعارض حاليًا، عضو امانة اعلان دمشق، حليف للاخوان المسلمين، لذلك جاء قبول استقالة الخطيب طبيعيًا، نتيجة تحالف الاخوان مع رياض الترك، القيادي التاريخي في حزب الشعب الديمقراطي، وعضو قيادة إعلان دمشق.

بينما رأى معارضون أن الموضوع لا علاقة له بهذا التحالف، ولكنه نتيجة طبيعية لتغريد الخطيب خارج السرب في موضوع الحوار مع النظام. ومن المعروف أن حزب الشعب الديمقراطي السوري حزب يساري، عرف سابقًا بالحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي حتى العام 2005.

استقالة طبيعية

اعتبر كمال اللبواني، عضو الائتلاف الوطني المستقيل، أن لا علاقة لتحالف الاخوان المسلمين مع اعلان دمشق أو حزب الشعب باستقالة الخطيب. وقال لـquot;إيلافquot; إن الخلاف اساسًا هو بين الخطيب وبين الدول التي صنعت الائتلاف وجاءت به رئيسًا، ولا خلافات جذرية بين الاخوان والخطيب، وهذا الائتلاف تشكل أساسًا لمفاوضة النظام ووضع على رأسه من يقبل بالحوار.

أضاف: quot;مبادرة الخطيب لم تكن بريئة، أساسها أن تقنع روسيا النظام بالحوار، وأن تقنع الولايات المتحدة المعارضة بالحوار نفسهquot;.

واتهم اللبواني الخطيب بتنفيذ مخطط أميركي، وعندما شعر أن مبادرته للحوار فشلت قدم استقالته إلى الدول التي عينته، ولم يقدمها إلى الهيئة العامة للائتلاف، مشيرًا إلى أن الحجج التي ساقها الخطيب للاستقالة كانت انتهازية، وجاءت لاكتساب شعبية على حساب الدم السوري.

قال: quot;الجميع يعلم أن هذا النظام قاتل وكاذب ويلعب على الوقت ولن يقبل بالحوار، والهدف من المبادرة ديماغوجي للعب على المشاعر ومحاولة من الخطيب لتصوير نفسه ضحيةquot;.

ائتلاف مرتهن

وكشف اللبواني أنه خلال عمله في الائتلاف، كان يخشى أن يجد الخطيب على طاولة واحدة مع النظام، ولفت إلى دعوة هيئة التنسيق الوطنية الخطيب لتشكيل كيان جديد. وأضاف: quot;المطلوب أن تكون سوريا دولة فاشلة، وجوهر المشكلة هو أن الحوار ليس على أساس وطني بل أن الحوار على اساس تقسيم سوريا كانتونات طائفية ومربعات أمنية، لأن من سيقود الحوار لن يتفق مع النظامquot;.

وعبّرت ريم تركماني، العضو القيادي في تيار بناء الدولة السورية، عن اعتقادها بأن الخطيب اصطدم بعدة عراقيل في محاولته لايجاد حل وطني للأزمة السورية. وأكدت لـquot;ايلافquot; أن احدى هذه العراقيل هي ارتهان الائتلاف لقوى اقليمية ودولية، الأمر الذي عززه وجود تكتل في الائتلاف يدعم هذا الارتهان.

تكتل آخر

قال ديلاور السباهي، عضو تيار التغيير الوطني، لـquot;ايلافquot;، إن الخطيب لا يريد أن يحط من شأنه، فهو يعمل للثورة، لكنّ هناك ضغوطًا عليه من أجندات خارجية ليحيد عن مسار الثورة، فرأى من الافضل أن يستقيل.

ورأى السباهي أن الخطيب لم يخطىء في الاستقالة من الائتلاف، quot;ورغم أننا يجب ألا نخوّن، ولكن أرجو ألا يكون استقال بغية زيادة شعبيتهquot;، متمنيًا ألا يتم انشاء تكتل آخر يرأسه الخطيب لتنفيذ أجندة مختلفة، وتكريس وتسويق هذه الشعبية، وفضّل التريث لما بعد الائتلاف والمجلس الوطني، ورؤية ما دور الخطيب فيه.

إلى ذلك، اعتبر بسام الملك، عضو المكتب التنفيذي المستقيل من هيئة التنسيق الوطنية، تعيين صبرا موضوعًا مفهومًا، وخروجًا عن اطار الاسلاميين، وقال إن هذا تعيين موقت.

وأضاف لـquot;ايلافquot;: quot;لا يمكننا أن نطعن في قرار استقالة الخطيب لأنه قرار نابع من دوافع وطنية، ولكن الخطيب لا يتمتع بالخبرة السياسية، وأيقن أن العالم كله متآمر على الشعب السوري، وأنا نصحته ليستعين بخبراء سياسيين وألا يكثر من التصريحاتquot;.

وقال الملك إن تحالف الاخوان المسلمين ورياض الترك لن ينجح اليوم، ولكن نتيجته ستكون لصالح الكتلة المعتدلة في سوريا.

يغرد منفردًا

قال غزوان الاكتع، نائب رئيس التحالف الوطني الديمقراطي، لـquot;ايلاف: quot;قد تكون للخطيب أخطاء، الا أنه عمل لسوريا، ورفض أن يكون غطاءً لأحد، وسجل موقفًا لافتًا في عدم تمسكه برئاسة الائتلافquot;.

أما منذر أقبيق، الناطق الاعلامي باسم التحالف الوطني الديمقراطي، فأشار في تصريح لـquot;ايلافquot; إلى الرأي القانوني للائتلاف. قال: quot;كان من الافضل انتظار اجتماع الهيئة العامة لانتخاب من ينوب عن الخطيبquot;.

واعتبر أقبيق أن الائتلاف ملتزم بوثيقة تأسيسية وليس من المعقول أن يكون لرئيس الائتلاف رأي مختلف عن بقية الاعضاء. ورأى أن واجب الرئيس وأي عضو في الائتلاف ألا يغرد منفردًا، بل من المفروض أن التصويت الديمقراطي هو الفيصل، مع التأكيد على أن تمثيل الاطراف السياسية منقوص، وهناك غلبة لتيار معين، ولا بد من توسيع الائتلاف على الاقل 25 مقعدًا.

وشدد على أن الخطيب لا يستطيع أن يجبر احداً من الاعضاء على مبادرة الحوار، والامور يجب ألا تؤخذ بشكل عشوائي، وكان عليه العودة إلى الائتلاف.

أخطأ أمام أصدقاء سوريا

أما برهان غليون، عضو الائتلاف الوطني، فتحدث في مقالة له عن الضغوط المتقاطعة التي يتعرض لها من يتسلم موقع المسؤولية في القضية السورية، من خارج الإئتلاف ومن داخله على السواء، quot;بسبب الشللية التي تحكم عمل المعارضين السوريين، والتي تدفع كل فريق إلى شد البساط نحوه، غير عابىء بأية مصلحة عامة، ويفتقر لروح المسؤولية، بل لأي مفهوم للعمل العامquot;.

وعتب غليون على الخطيب بسبب طريقة تقديم استقالته في مؤتمر اصدقاء سوريا، quot;فأن ترمي باستقالتك أمام الدول الأجنبية، حتى لو سمت نفسها أصدقاء سوريا، يعني أنك تتصرف كما لو كنت موظفًا في شركة تابعة لهم، ولا تريد أن تستمرquot;.

وأضاف: quot;وبالمثل، أن تقدم استقالتك لأنهم لم يقوموا بما تطلبه منهم كما لو أنك تفترض أن القضية قضيتهم، وأن تقصيرهم بحقك يمنعك من الاستمرارquot;.

واعتبر غليون أن استقالة الخطيب بهذه الطريقة أضعفت الثورة والمعارضة، quot;فالثائر لا يستقيل، لأن خصمه أو حليفه لم يعترف به، أو لم يتعامل معه كما كان ينبغي، والثائر يظل يطرق الباب حتى تحقيق الهدف، ويطرقه بقوة أكثر لكن لا ينسحب ولا يضعف ولا يقرف من سلوك خصومه، أو حتى حلفائه المفترضينquot;.

قطع ووصل

في سياق متصل، قالت مصادر لموقع زمان الوصل إن الخطيب اعتبر القرار الذي اتخذته الهيئة الرئاسية بتعيين صبرا رئيسًا موقتًا باطلًا، وصلاحيات الرئيس ليست من حق أحد حتى الانتخابات القادمة للهيئة.
ولم توضح المصادر أين قال الخطيب ذلك ومتى، لكنها نوّهت بأن الخطيب عندما أعلن استقالته على هامش مؤتمر أصدقاء سوريا كان في غاية العصبية وربما راجع نفسه بعدها.

ونقل المصدر عن الخطيب قوله: quot; لست مهتمًا بأن يقطعوا عليّ الطريق، وبارك الله لهم في القطع والوصل، هناك استحقاقات مخيفة كنت أُحذر منها وأطالب بمبادرة سياسية قبل الدمار، لكن لم يستجب أحد، حتى الرؤية السياسية لم تناقشها الهيئة العامةquot;.

وحذر الخطيب قائلًا: quot;ستتحملون المسؤولية، فالبلد في خطر عظيم، والدولة ستنهار خلال أشهر قليلة، ويبقى النظام كعصابات لفترة لا يعلمها إلا الله، وستتوسع دائرة الحرب لتدخل فيها دولة مجاورة، يمكن أن نخرج بحد أدنى من الخسائر لو اتفقنا.quot;

ذبحوني

ونقل المصدر نفسه عن الخطيب قوله أيضًا: quot;المستعجلون وجدوها فرصة وارتكبوا مخالفة قانونية غير مسبوقة، إن كان هناك أحدمن أبطال الشاشات، يتمتع بالشجاعة، ممن ذبحوني عندما قمت بالمبادرة التي أفشلها إخواننا المحترمون، وكان يمكن أن تكون جسرًا لانقاذ البلد، ليخرج على الشاشات ويتحدث عن الخطأ القانوني في تعيين صبراquot;.

أما المكتب القانوني للائتلاف، فقال إن الهيئة العامة قد انتخبت الخطيب بالإجماع رئيسًا للائتلاف، كما انتخبت نوابه والأمين العام، وهي بالتالي الجهة الوحيدة التي لها قبول الاستقالة. وحتى انعقاد هذه الهيئة، فإن الرئيس مستمر في عمله حتى تتم مناقشة استقالته أمامها في ما إذا أصر على ذلك، وإن الشبكة العنكبوتية لا تعتبر مرجعية للاستقالة ولا لقبولها.