قال كريس هارمر، مهندس الضربة العسكرية لسوريا، إن الخطوات التكتيكية في غياب أهداف استراتيجية لا تجدي بل تكون ذات مردود عكسي، وإن العمل التأديبي اكثر الأعمال غباءً، مشككًا في القدرة على تغيير النظام السوري.


تبدو الولايات المتحدة أقرب من أي وقت مضى إلى توجيه ضربات quot;جراحيةquot; ضد أهداف محددة في سوريا. لكن مخططين استراتيجيين يشكون في أن تذهب هذه الضربات بعيدًا لإنهاء معاناة الشعب السوري، بعد ما يربو على عامين من التنكيل والبطش على يد نظام الرئيس بشار الأسد.

وكان مسؤولون في الادارة الاميركية سربوا خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى منافذ اعلامية مختلفة خططًا لإطلاق صواريخ توماهوك كروز على منشآت عسكرية سورية، تكون بمثابة انذار للنظام بألا يكرر فعلته باستخدام اسلحة كيميائية ضد شعبه مرة أخرى. وأعلن عضو مجلس الشيوخ بوب كروكر، الذي اجتمع مرتين في غضون يومين مع مسؤولين في الادارة، أن الرد الاميركي بات وشيكًا. وقال: quot;اعتقد اننا سنرد بطريقة جراحيةquot;.

غير مجدية

لكن الباحث العسكري، المسؤول عن إعداد خطة متكاملة لمثل هذه الضربات الجراحية، اعترف بأن لديه شكوكًا عميقة في جدوى خطته. واضاف أن هناك رهانًا مفرطًا على فاعلية الضربات الجراحية ضد قوات الأسد، من دون إيلاء اهتمام كاف للأهداف التي يُفترض بمثل هذه الضربات أن تسهم في تحقيقها.

وقال كريس هارمر، المحلل البحري في معهد دراسة الحرب، لمجلة فورين بوليسي: quot;إن الخطوات التكتيكية في غياب اهداف استراتيجية تكون عادة بلا جدوى، وتكون في احيان كثيرة ذات مردود عكسيquot;. وأضاف أن الهدف من خطته لم يكن ذات يوم الاكتفاء بضربات صاروخية حصرًا، كما ظن البعض.

وأوضح هارمر أن هذا النمط من الضربات خيار زهيد الكلفة، لكن القضية الأكبر تتمثل في أن الخيارات زهيدة الكلفة لا تُجدي نفعًا ما لم ترتبط بأولويات وأهداف استراتيجية. وأكد أن أي قبطان يستطيع أن يطلق 30 أو 40 صاروخ توماهوك، quot;فهذا ليس صعبًا، لكن الصعوبة في أن تشرح للمخططين الاستراتيجيين كيف يخدم هذا مصالح الولايات المتحدةquot;.

لا مخاطرة

كان هارمر أعد في تموز (يوليو) دراسة لاقت اهتمامًا واسعًا تبين كيف يمكن للولايات المتحدة أن تُضعف قدرات عسكرية استراتيجية لدى النظام السوري بكلفة منخفضة، وعمليًا دون المخاطرة بأرواح جنود اميركيين.

واقترح هارمر توجيه ضربات بصواريخ توماهوك من سفن حربية اميركية ترابط في البحر المتوسط. ولاقت الدراسة تأييدًا واسعًا في الكونغرس، حيث أبدى اعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على السواء شعورهم بالاحباط إزاء الخيارات التي طرحها رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في افادة امامهم، قائلًا إنها خيارات تتطلب زج قوات أميركية كبيرة بكلفة تبلغ مليارات الدولارات.

وقال عضو مجلس الشيوخ البارز جون ماكين انه يوصي بالخيار العسكري الواقعي الذي يقترحه بحث نشره معهد دراسة الحرب في اشارة إلى دراسة هارمر. واعرب عن اقتناع بأن هذه الدراسة quot;تؤكد ما قلناه من البداية، وهو أنه من الممكن عسكريًا أن تضعف الولايات واصدقاؤنا وحلفاؤنا بدرجة كبيرة قوات الأسد الجوية بكلفة زهيدة نسبيًا، ودون مخاطرة بأرواح جنودنا، وفي وقت قصير جدًاquot;.

التأديب الغبي

وبصرف النظر عن نطاق الضربات الجراحية، إذا قررت ادارة اوباما اعتماد هذا الخيار، فإن هارمر يشك في أن تتمكن أي ضربات جراحية من تحقيق النتائج المنشودة، خصوصًا إذا كان الهدف معاقبة نظام الأسد على استخدام اسلحة كيميائية. ونقلت فورين بوليسي عن هارمر قوله: quot;إن العمل التأديبي أشد الأعمال غباء، ولا أعتقد أن لدينا الشجاعة على القيام بعمل عقابي يكفي لأن يكون رادعًاquot;.

كذلك اعرب هارمر عن شكه في فاعلية ضرب قدرات الأسد الكيميائية، وقال: quot;إذا بدأنا ننتقي اهدافًا من الأسلحة الكيميائية في سوريا فان الرد المنطقي إذا بقي شيء من هذه الأسلحة في المستودعات هو قيام الأسد بنشرها بين قواته، إذا لم يكن قد نشرها فعلًا، وبذلك نكون وصلنا إلى المعركة متأخرينquot;.