يوجد صنف من البشر يشعر بالفرح والسعادة من جراء ممارسة عمل الخير ومساعدة الناس، فهو من خلال قيامه بالأعمال الأنسانية يخرج من أطار سجن الذات والتمحور حولها الى فضاء رحاب الانسانية وممارسة الكرم الروحي والشعور العميق بمعنى الحياة.

حدثني أحد الأصدقاء العراقيين المقيميين في الولايات المتحدة الأميركية عن صديقته الأميركية التي تستحق لقب المرأة القديسة عن جدارة، أخبرني صديقي أن عددا من الأشخاص وضعوا حياتهم أمانة بيد هذه المرأة ووقعوا أوراقا رسمية لدى المستشفى يعطيها الصلاحيات الكاملة في تقرير مصير نهاية حياتهم في حال تعرضهم للغيبوبة ودخول غرفة الأنعاش لمدة طويلة ويصبح البت في أمر سحب أجهزة الأنعاش بحاجة الى موافقة شخص مخول رسميا.

صديقي هذا رغم وجود أفراد عائلته يعيشون معه في نفس الولاية وعلاقته الجيدة معهم، إلا انه كتب تخويلا رسميا لدى المستشفى خول بموجبه هذه المرأة الأميركية حق التصرف بأنهاء حياته في حال تعرضه لطاريء صحي ودخل في غيبوبة.

فأي أمرأة أسطورية هذه، وماهي الصفات الأنسانية الخارقة التي تمتلكها بحيث تشيع كل هذه الثقة والطمأنينة في نفوس الأخرين.. وكم تحمل من مشاعر الأمومة الرائعة تفيض بها على الناس؟

صديقي أخبرني كذلك أن لدى هذه المرأة العديد من الأصدقاء الرجال تربطها بهم علاقة أنسانية فكرية وروحية متحضرة، وقال أنها أحيانا تأتي الى بيته وتنام عنده دون أن يمارسا الجنس لأن علاقتهما محصورة في نطاق الصداقة الفكرية والروحية فقط، سألته : ماذا سيقولون عن هذه المرأة القديسة في المجتمعات العربية لو شاهدوها تنام في بيت رجل يعيش وحده، وهل ستصدق عقولهم وجود علاقة صداقة بريئة ومجردة من الجنس؟

هذه المرأة تمتد نشاطاتها الأنسانية الى خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية، فهي تسافر احيانا للمشاركة في بعض أنشطة المجتمع المدني لنصرة بعض القضايا الدولية.

تصوروا حال هذه المرأة صاحبة القلب الذي تتدفق منه المحبة والحنان والسعي لعمل الخير وخدمة الناس... تصوروا لو وقعت بيد التنظيمات الإرهابية في العراق أو لبنان أو فلسطين أو اليمن أو أفغانستان وغيرها.. تخيلوا المعاملة الوحشية الهمجية التي ستُعامل بها من قبل جراثيم الإرهاب؟!
[email protected]