المواطن : يدخل غاضبا إلى مكتب المسؤول ويطلب منه بصوت مرتفع أن يقف على رجليه قائلا: قف يا لص!
المسؤول : يقف بسرعة بعد أن تعثر واصطدم بطاولة مكتبه وسقطت بعض الأشياء التي تزين مكتب المسؤول.
المواطن : ليش تسرق.. وتخل بأمانتك يالص... هاه؟!
المسؤول : يرتعش.. يرتبك... لايجيب.
المواطن : أليس عيبا.. يا قليل الأدب..(ياللي ما تستحي ) أن تسرق أموال الشعب وتسيء استخدام السلطة...هاه؟!
المسؤول : يحمر وجهه خوفا... ويستمر في الصمت..مصدوما ومدهوشا.
المواطن : من يكون مدير مكتبك؟
المسؤول : مرتعدا.. من عصابتي!
المواطن : ومن يكون هذا السكرتير؟
المسؤول : من شلتي!
المواطن : اعطن أسماء مدراء الإدارات والأقسام لإدارتك
المسؤول : عفوا كلهم محسوبون علي.
المواطن : أين الكفاءات؟
المسؤول : طردتهم... حاربتهم... كذبت عليهم وكتبت تقارير ضدهم؟
المواطن : لماذا.. يا خائن؟
المسؤول: كي يصفو الجو لي وعصابتي وشلة أنسي!
المواطن : وماذا قلت في تقاريرك ضدهم؟
المسؤول: مالا يخطر على بالك !
المواطن : ومن صدق كذبك وزيفك؟!
المسؤول: صدقني الذي يشبهني... عفوا..الذي أشبهه أنا!
المواطن : من يشبه من فيكم؟
المسؤول : كلانا يشبه بعض... ينتج بعض... يتآمر مع بعض على بعض آخر..ثم نتآمر على بعض!
المواطن : حقا أنكم عصابة يا خونة
المسؤول : بالضبط..طال عمرك.. نحن عصابة لا تشبع ولا ترتوي... تلوثت أرواحنا بالقبح وحب قاذورات الدنيا!
المواطن : الم تسموا أرواحكم.. أم أن تربيتكم هي التي خلقتكم هكذا؟!
المسؤول : وهل نحن تربينا؟... لا يكون اللص إلا إفرازا لواقع مشرد وتربية مفقودة وقيم سافلة!
المواطن : لكن بعضكم يتقمص شكل الفضيلة.
المسؤول : في مجتمع ساذج وبسيط وليس لديه قوانين تحميه وتعاقب كل من يسيء استخدام المسئولية..تحتاج أن تكذب عليه وتتقمص دور الفضيلة كي تسرقه وتظلمه وتدوسه بجزمة التقى والفضيلة!
المواطن : وما تخافون الله يا لصوص.. ياللي ماربوكم أهلكم؟!
المسؤول : لو كنا أصلا نؤمن في الله ما ظلمنا ولا كذبنا، الحديث يقول أنهم سالوا الرسول هل يسرق المؤمن قال نعم، وهل يزني قال نعم، وهل يكذب قال لا. بينما نحن نحن نكذب في كتابة التقارير التي تسيء للشرفاء والتي تكتب أرقاما صرفناها كذبا والتي تشوه كل حقيقة وتقف بجانب الباطل ضد الحق.
المواطن : أيعني هذا أنكم حقا غير مؤمنين بالله؟
المسؤول : تطبيقا لقول الرسول... مادمنا نكذب..فنحن حقا لانؤمن في الله.. نحن نؤمن في ذواتنا المريضة ونعبدها ونعمل كل شيء من أجل أن نؤمن لها كل المال والسلطة.
المواطن : غاضبا ورافعا صوته وملوحا بيده بحثا عن وجه المسئول... حقيقة ما ألومك ولا ألوم الظالمين واللصوص أمثالك لأنه من امن العقوبة أساء الأدب.. يا قليل الأدب.. لكن عقابكم سيكون في الدار الآخرة...
المسؤول : مخاطبا المواطن بضعف... الله يخليك يا طويل العمر لاتغضب علي.. لا تصفعني.. سأتوب.
المواطن : اسكت.. يالص.. يا قليل الحيا.. ويصفعه كفا على وجهه.
المسؤول: يتقبل الكف مطأطأ رأسه... في الوقت الذي يهرب سكرتيره ومدير مكتبه.. ويغلق بعض مدراء الإدارات والأقسام من أعوان المدير مكاتبهم وقد سمعوا الخصام وصوت الكف.
المواطن : أنت وأمثالك من اللصوص والخونة وفاقدي الضمير وبائعي الذمم وآكلي المال الحرام..لا تستحقون إلا الكفوف المتوالية على خدودكم التي لا تخجل عن ممارسة كل ما يسيء للوطن والمواطن في ظل غياب القوانين التي تجرم فعلكم وكذبكم وسرقاتكم... يا خونة.
المسؤول: يسقط أرضا مقبلا رجل المواطن... قائلا : أبوس رجليك ارحمني!
المواطن صارخا : ارفع راسك يا قليل الأدب... أترفع أن أرى إنسانا يسقط عند قدمي.. أنا حر أيها العبد واكره أن يخنع الناس من اجلي.
المسؤول: أنا لست إنسانا طال عمرك... أنا اقل مرتبة من الحيوان الله يكرمك... وهل يكون إنسانا من باع صدقه وأمانته وكرامته؟ أنا طال عمرك..ظلمت الكثير من الشرفاء واسأت لهم.. وسرقت الكثير من المال المخصص لخدمة المواطن..وتآمرت على هذا الوطن الذي أعطاني الخير وأعطيته الخيانة.... اصفعني.. بيدك... بقدمك.. فانا استحق كل ما يهين كرامتي!
المواطن : وهل لديك كرامة.....؟ إن قدمي تتأفف أن تدوسك.. انهض.. انصرف.. لا أريد أن أراك مسؤولا هنا بعد اليوم... خذ كل لصوصك معك..
ثم صاح المواطن بأعلى صوته مناديا : أيها الشرفاء الغائبون المبعدون..أين انتم..؟!
عودوا إلى مكاتبكم..تعالوا نعيد صياغة المسئولية ونخلق عملا جديدا منتجا لنبني وطنا جديدا يستحق أن يعيش حضارة القرن الواحد والعشرين...
وطنا : لاظلم فيه
وطنا : لافساد فيه
وطنا : يتساوى فيه الجميع.. في الحقوق والواجبات
نحلق جميعا أحرارا.. رجالا ونساء.. في سماءه الصافية من كل نكد وكراهية
أيها الشرفاء.. أين انتم!!

[email protected]