کل الخيارات متاحة في جنوب السودان! کلام يردد على أعلى المستويات في السودان، والکلام هذا مصاغ و موجه بصورة إنتقائية و يتضمن في طياته نبرة تهديد واضحة جدا، ولاريب من أن الدافع الذي يکمن وراء هکذا کلام تأليبي هو ذلك الاستفتاء الذي سيجرى من أجل حق تقرير المصير و الذي تشير و تٶکد معظم الدلائل و الاتجاهات الى أن سکان جنوب السودان سيحسمون أمرهم بالانفصال عن السودان واعلان دولتهم المستقلة.

ولسنا هنا نقلل او نستهين بتلك العبارات التأليبية الصادرة من جانب کبار المسٶولين السودانيين، لکننا واثقون من ان الارادة الحرة الابية للشعوب هي التي ستنتصر في النهاية وانه ليست هنالك من قوة في العالم کله تتمکن من لوي إرادة الشعوب للأبد ذلك أنه الحق ومهما کانت للباطل من جولات فإن للحق في النهاية دولته التي ستعلو على کل الخيارات الاخرى، وان قضية جنوب السودان التي عانت و تعاني من جرائها السودان ومنذ عقود طويلة، لم تفلح معها کل خيارات القوة و القسر و الاکراه ولم تجدي لغة الحروب من نتيجة سوى المزيد من تجويع و تخلف و عرقلة تقدم السودان، وفي المقابل فإن القضية تقدمت و تتقدم على مر الايام وهو أمر کان لابد أن تنتبه إليه الانظمة المتعاقبة على حکم السودان وليس أن تتجاهله عنوة او ترفضه بمنطق تغلب عليه العنجهية و الغطرسة.

ويقينا بأن إعلان دولة في جنوب السودان قد بات أمر مفروغ منهquot;بالاستناد على معظم المعطيات و آراء المراقبين السياسيينquot; وليست المسألة إلا مسألة وقت لاأکثر و لاأقل، وقطعا فإن إستقلال جنوب السودان سوف يلهب حماس جنوب اليمن و سوف يدفعه لتسخين درجة حرارة حراکه السلمي بإتجاه تحقيق مطلبه الاساسي وهو الانفصال عن دولة(علي عبدالله صالح)المختصرة في اليمن الموحد قسرا، وقطعا فإن الحراك السلمي في جنوب السودان سوف لن يستمر للأبد ولن يسکت الجنوبيون عن الاوضاع التي تسير من سئ الى اسوأ في مختلف مناطقهم التي تعاني من فقر و حرمان و تخلف مريع ليس بوسع نظام حکم الرئيس صالح إخفائه او إظاهر خلافه، ومن هنا فإن إحتمالات أن يسير هذا الحراك بإتجاهات جديدة غير مسبوقة(خصوصا بعد إعلان إستقلال جنوب السودان) ستکون واردة جدا وسوف يشکل ذلك عبئا جديدا على کاهل نظام حکم الرئيس صالح الذي هو اساسا في غنى عن تعميق المشاکل او دفعها بسياقات تصعيدية ومن المٶکد جدا ان الحکم سوف لن يکون بمقدوره مواجهة التصعيد ولاسيما حين تتکلم الاغلبية الصامتة في الجنوب و تحسم موقفها بالرفض التام لوحدة قسرية لم تذق من ورائها غير الهوان و الفقر و الحرمان.

نظام الرئيس علي عبدالله صالح مازال يصر على أن سکان الجنوب متمسکون بالوحدة و يسعى لربط الحراك الجنوبي کله بنظرية المٶامرة وهو أمر دأب عليه في مختلف وسائل الاعلام المرکزية التي يسيطر عليها، فيما تٶکد مختلف اوساط و قوى الحراك الجنوبي بأن المسألة أساسا نابعة من عمق جماهيري و ليست لها أدنى علاقة بالمٶامرة او بجهات خارجية، ومن هنا، فإنه ودفعا لأي إشکال و لإظهار الحقيقة الناصعة بعيدا عن کل الشبهات، فإنه من المستحسن جدا إجراء عملية إستفتاء لأهالي الجنوب کي يحسموا أمر بقائهم ضمن دولة الوحدة او تفکيك ارتباط الجنوب بها، وهو أفضل طريق لحل الازمة و معالجتها جذريا، والسٶال المطروح: هل سيأخذ نظام حکم الرئيس صالح بهذا الخيار السلمي لحل مشکلة الجنوب؟