رغم كل مشاغله ومسئولياته الكثيرة بصفته رئيس الجمهورية ورئيس وزراء جمهورية شيلى الا انه عندما علم بامر احتجاز عمال المناجم الثلاثة وثلاثين على مسافة 800 متر تحت سطح الارض نتيجة لانهيار المنجم يوم 5 اغسطس الماضى.. لم يتردد للحظة واحده في الاخذ على عاتقه شخصيا مهمة انقاذ هؤلاء العمال وتخصيص الجزء الاعظم من وقته لمتابعة عمليات الحفر والانقاذ طلب العون من دول اخرى مثل امريكا والمانيا والارجنتين وجنوب افريقيا واستراليا بحكم ان هذه الدول لديها التكنولوجيا والخبره فى مجال المناجم.

منذ اللحظة الاولى ذهب الرئيس التشيلى quot; سيباستيان بينيراquot; بنفسه الى موقع المنجم وعه وزير المناجم وليس وزير الداخلية او الجيش لطمأنة اسر العمال الغاضبيين الثائرين بان حكومته سوف تبذل كل الجهود الممكنه لانقاذ احبائهم.. واعطى اوامره باطعام اسر العمال على حساب الدولة خلال الفترة التى كانوا مقيميين فيها بجوار المنجم واحضار مدرسين لتعليم تلاميذهم حتى لا يتخلفوا عن بقية تلاميذ المدارس بسبب غيابهم.

وبعد ان وفقت فرق الانقاذ فى تحديد اماكن العمال المحتجزين تحت الارض والتأكد من انهما لايزالون احياء ذهب الرئيس بنفسه وشارك الاهالى فرحتهم وسعادتهم.. وتكرر نفس الشىء مرة اخرى عندما حان وقت اخراجهم من تحت الارض وجدنا الرجل يذهب بنفسه ومعه زوجته وعدد من الوزراء ولا يبرح المكان لمدة 24 ساعة كاملة رغم البرد الشديد الى ان تم انقاذ اخر واحد من العمال.

لقد رايناجميعا فى كل انحاء العالم على شاشات محطات التلفزيون كيف كان الرئيس التشيلى يحتضن فى بساطة واتضاع وفرح كبير كل عامل فور خروجه من محبسه تحت الارض كما لوانهم جميعا كانوا اولاده او اقاربه.. كان الرجل يبدوا صادقا فى ابتسامته وفرحته ومشاعره وعناقه للعمال بعد انقاذهم وصعودهم الى سطح الارض فى الكبسولة التى صممت خصيصل لهذا الغرض.. لم يكن يبدو عليه الاصطناع او التمثيل او او المبالغة او استغلال الموقف لتحقيق شعبية له او هدف سياسى.

من ناحية اخرى وعد الرئيس التشيلى العمال بمساعدتهم جميعا للعثور على عمل بعد ان قرر غلق هذا المنجم لعدم توافر عناصر الامان فيه والاستجابه لمطلبهم بفرض شروط سلامة مشدده من قبل الدولة على جميع المناجم فى كل انحاء شيلى حتى لا يتعرض غيرهم لما تعرضوا اليه.
هذا وقد تكلفت عملية انقاذ العمال الثلاثة وثلاثين ما يقرب من 28 مليون دولار تكفلت بها الدولة عن طيب خاطر من اجل انقاذ مجموعة من ابناءها الفقراء المعدومين رغم ان شيلى لا تعتبر من الدول الغنية.

حقا لقد هز مشاعرنا ومشاعر الملايين فى كل انحاء العالم ونال اعجابنا واحترامنا سلوك رئيس شيلى المتحضر وقدوته العظيمة وقيادته وانسانيته التى ساهمت بدرجة كبيرة فى تسهيل واتمام عمليات الانقاذ بسلام ونجاح يوم 14 اكتوبر بعد اكثر من شهرين من العمل المتواصل ليل ونهار..ويكفى ان الرجل ظل موجودا هو وزوجته ووزير المناجم وسط اهالى العمال لمده اربعة وعشرين ساعة متواصلة لكى يتأكد بنفسه من انقاذ جميع العمال الذين كانوا محتجزين تحت الارض واحتضانهم الواحد تلو الاخر.

ما حوج البشرية وشعوب العالم هذه الايام لحكام بشر مثلنا جميعا.. زعماء من نوعية الرئيس التشيلى بسطاء متواضعين يسهرون على راحة الفقراء والغلابة ويتواجدون وسطهم وقت المحن والكوارث وليس حكام متكبرين متعجرفين يتعاملون مع شعوبهم كما لو انهم حشرات او حيوانات او عبيد ويتصورون انفسهم الهة يعيشون فى ابراجهم الذهبية ولا تحركهم سوى مصالحهم الشخصية وما يعود عليهم بالنفع هم واسرهم واقاربهم والمحظوظين المقربين منهم.. !!

استراليا
[email protected]