يبدو ان قدر العراق البلد ان يكون ضعيف وتابع quot; في نظر حكامه quot; منذ ثمانية عقود وحتى يومنا هذا باستثناء مرحلة الزعيم الوطني quot; العراقي فعلا quot; عبد الكريم قاسم، قد لاتتشابه الوجوه وتختلف الانظمة والاحزاب والهئيات من السدارة الى العقال الى الزي العسكري الى الزيتوني الى العمائم والى جماعة quot; مع او بدون رباط عنق quot; لكن النتيجة واحدة حتى و ان اختلفت الشعا رات بين القومية والوطنية والاسلامية وذات اليمين وذات اليسار كل ذلك لم يغير نتيجة العراق التابع مع الاسف الشديد.

والا ماهو التفسير المنطقي الصحيح لهذا التكالب الغريب لاصحاب القوائم الفائزة والخاسرة على دول الجوار وفي هذه المرحلة بالذات دون غيرها؟ ليس هناك اي تفسير وبدون تجميل لهذا التشوه القبيح فان هذه الزيارات هي نوع من الاستجداء المغمس بالذل والهوان لكسب تأيد هذه الدولة او تلك من دول الاقليم العراقي، بل وصلت الامور ببعض الظواهر الصوتيه السياسية في عراق اليوم ان تقبل دور الدلال في الاعلان الصريح على وسائل الاعلام ان تلك الدولة او هذه تريد لها دور واضح في تشكيل الحكومة العراقية كما فعل احدهم وهو يقف على منصة الاعلام في اسطنبول!

اننا امام مأزق حقيقي يتعدى حدود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، جوهر هذا المأزق ان غالبية الواجهات الاساسية من عمال السياسة في العراق يضعون مصلحتهم الشخصية فوق مصلحة العراق البلد بل ويقدمون مصالحهم الشخصية على دماء العراقيين فيتحول المتهم بقتل العراقيين الى قبلة يركع عندها المتسولون والمتوسلون لكسب دعمهم في تشكيل الحكومة!

والوجه الاخر للمأزق أثبتته كل المفاصل الاساسية التي جرت في العراق منذ نيسان 2003 وحتى يومنا هذا ويتلخص quot; بان كل عمال السياسة في العراق لايعرفون قيمة العراق البلد ولايقدرون مكانة الشعب العراقي quot; فنزل كل شيء درجات أضافية في الدرك الاسفل الذي انطلق من ايام الصنم الساقط ليتواصل بشكل مخجل وعيب.

ان صدام بكل شعاراته الفارغة وعنترياته الورقية منح كل دول الجوار العراقي دون أستثناء اراضي عراقية في سابقة خطيرة، فحارب ايران ثماني سنوات ليمنحهم بعدها شط العرب وزين القوس وسيف سعد وجزء من الشلامجة والكثير من الاراضي العراقية!

وصدام دخل الكويت على بئر نفطي واحد وخرج مهزوما وموقعا على تسليم ميناء ام قصر وابار نفطية تعادل كل نفط الكويت وحقوق على الارض لو عرف تفاصيلها العراقيين لماتوا حزن وحسرة !! وصدام اعطى الى الاردن منطقة الروشيد وتوابعها دون أدنى مقابل واعطى الى سوريا مناطق فيها مكامن نفطية وغازية دون أدنى تفسير ومنح السعودية منطقة الربع الخالي او quot; قطعة البقلاوة quot; كما كانت تسمى دون أدنى مبرر وصدام منح تركيا اربعين كيلو متر مربع دون ذمة منه او ضمير!! كل تلك الجرائم الكبرى اقترفها الصنم الساقط لانه كان يريد ان يحصل على الدعم العربي والاقليمي لاستمرار خلل معادلة حكم الاقلية في العراق.

فمالذي حدث بعد 2003.... الذي حدث ان عمال السياسة الجدد وصلوا للحكم بطرق ديمقراطية وان اختلفت quot; المحفزات quot; تارة بالتهيج الطائفي والقومي واخرى بالتخويف من وصول بقايا الصنم الى الحكم مرة اخرى.ومع وجود الحالتين فان ذلك لايلغي الدور الجوهري للعملية الديمقراطية والدستورية في عراق اليوم كما لايلغي الدور المميز للمواطن العراقي وهو يتوجه بكل حماس لصناديق الاقتراع ويؤدي دوره الوطني والانساني ويسجل تقدم كبير باشواط كثيرة على عمال السياسة. لكن يبقى السؤال الاكبر وفي ظل هذا الانتخاب العراقي الشعبي لهولاء، لماذا أذن هذا الخوف من دول الاقليم حتى وصلت الامور عند البعض الى حالة من التودد والتنازل المشين بحق العراق والعراقيين قبل غيرهم !! ان معادلة الحكم في عراق اليوم تسجل لاول مرة في التاريخ العراقي نوع من العدالة التي كانت مفقودة منذ وجود العراق وحتى نيسان 2003 لذلك يجب ان يكون هذا الدعم الشعبي العراقي هو الرصيد الحقيقي لهولاء العمال الذين تجاهلوا كل طموحات وامال ومكانة العراقيين وعبروا الحدود طلبا لدعم هنا او تحشيد هناك، وكان المتوقع منهم المطالبة بحقوق البلد المفقودة مع كل دول الجوار وايقاف النفط المهدور مجانا الى بعض دول الجوار، وكان المتوقع منهم ان يلهثوا خلف الشركات الغربية العالمية المتطورة لبناء البلد وليس عرض مشاريع في السوق الاقليمي المتخلف طمعا في تأيد الحكومات الاقليمية لااكثر.

يجب ان يكونوا على يقين جميعا ان احترامهم عند غالبية العراقيين في تدهور وتراجع تام وان الانتخابات القادمة ستشهد صفعات كبيرة لتغير هذا الواقع المشين. كما ان هولاء الذين يستجدون دعم دول الجوار هم لاينتمون للعراق الذي نعرفه بل هم ابناء العراق التابع الذي لانحترمه ولانحترم رموزه.. اما العراق الحقيقي فاكبر من ذلك بكثير وهو أهل للاحترام والتبجيل وهذه هي فعلا المكانة التي يستحقها العراق.

[email protected]