على ضوء ما يحصل في البلاد منذ عشية الانتخابات العراقية العامة في آذار الماضي وحتى يومنا هذا يقف المرء محتارا في توصيف شكل الحكومة القادمة على ضوء نتائج تلك الانتخابات، بل وحتى شكل مجلس النواب العراقي الجديد؟
فقد انهمكت معظم القوى الرئيسية في الساحة السياسية العراقية ومنذ ما قبل الانتخابات العامة الأخيرة على زيارات مكوكية لعواصم محددة ومؤثرة على الملف العراقي الداخلي وهي بدون تقيد دمشق وطهران وانقرة وأخيرا انضمت القاهرة ايضا الى محطات صنع القرار العراقي، ولا شك ان دول الجوار لها رأيها في الداخل العراقي الجديد جدا على شكل الحياة السياسية في مجالها الحيوي فهي لأول مرة تواجه او تجاور دولة تقر وتعترف بالآخر بل وتمنحه حق حكم البلاد شريكا اساسيا سواء كان عرقا او قومية او مذهبا، ناهيك عن المختلف السياسي صغر أم كبر، الى جانب الاعلان عن قيام دولة اتحادية تؤمن بحقوق المكونات في تشكيل حكوماتهم الاقليمية واختيار اللغة المناسبة والثقافة المطلوبة والعقيدة المرادة الى جانب احترام ثوابت الدستور الذي يجمع كل المكونات في هذه الدولة الاختيارية!
نعترف ايضا ان كثير من الدول الديمقراطية بما فيها الولايات المتحدة او المانيا وانكلترا وفرنسا يهمها ان تعرف رأي دول جوارها في طبيعة وشكل حكوماتها وبالتأكيد تستمع الى تلك الاراء ومدى توافقها مع الثوابت الوطنية لتلك الدول ومدى خدمتها لمصالحها العليا، مع وجود قوانين صارمة واعراف تحرم أي نوع من التدخلات او فرض الاجندات ومنح الرشاوي او الهبات والمساعدات التي تؤثر على شكل واتجاه ونوعية النائب او الوزير او القرار أو شكل الحكومة واتجاهاتها، ومن ضمنها منع ان يشتغل النائب او الوزير او المسؤول وكيلا لأي دولة جوار لسبب بسيط جدا وهو ان هذا التصرف يقع تحت بند العمالة والتجسس لا أكثر ولا أقل!؟
وعلى ضوء ما يحصل الآن ومنذ سنوات هل تقع نشاطات الذاهبين مكوكيا الى طهران وانقرة ودمشق واخيرا القاهرة ضمن هذه المفاهيم والسياقات، ام انهم يذهبون الى هناك لطمأنة الاخوة الجيران بعدم وصول هذا الفايروس الديمقراطي الفيدرالي الى بلدانهم، أم انهم حقا يذهبون الى هناك خدمة لمصالح العراق العليا وثوابته الوطنية والديمقراطية والدستورية والاستماع الى رأي جيراننا ( الاطهار ) الذين لا ينامون الليل والنهار من حزنهم وقلقهم على اوضاعنا ودوامة العنف في بلادنا واسعار النفط وانابيبه واتجاهاتها، وما تنتجه الآبار من بترول وغاز، وبعد ذلك ما يمكن ايصاله الينا من ارتال الشاحنات المعبئة بما لذ وطاب لجيرانهم العراقيين الذين لا يريدون لهم التعب في الزراعة والصناعة وهم سيتكفلون باستبدال ( نفطاتنا ) بقناني المياه المعقمة وشدات الكرفس والطماطة والبصل الاخضر واليابس وغيرها من ملذات الدنيا.
ما يزال المواطن يبحث عن حكومته وما زالت نخبنا السياسية تتصارع و( تتمكوك )* بين بغداد وعواصم تركيا وايران وسوريا والقاهرة لتنتج حكومة لا نعرف ماذا نسميها:
هل هي حكومة عراقية حقا أم حكومة دول الجوار وممثليها الأطهار!؟
* اختصارا للرحلات المكوكية بين بغداد وتلك العواصم!
التعليقات