الطريق إلى الجحيم يكون أحيانا مفروشا بالأمنيات الطيبة، ومن علقوا الآمال الكبيرة على التقارب quot;السعودي السوريquot; الذي توج بمبادرة لحل قضية المحكمة الدولية وحماية لبنان من الأخطار المحدقة ذهبت أمالهم أدراج الرياح، ليس هذا تقليلا من الدور السعودي السوري، فالكل يعلم أن الرياض ودمشق بذلتا جهودا مخلصة للحفاظ على استقرار لبنان، وإنما لان حل مشاكل لبنان ينبع من الداخل أولا، ولان هذا الأمر يكاد يكون مستحيلا في بلد تلعب فيه أطراف إقليمية ودولية، فإن السؤال الآن هو إلى من تتجه أنظار اللبنانيين، الواضح أن وجهتهم الإقليمية ستكون قطر ووجهتهم الدولية ستكون فرنسا.
الدوحة تملك علاقات جيدة مع الطرف القوي في لبنان quot;حزب اللهquot;، صاحب المطالب التي تعجز حكومة quot;سعد الحريريquot; عن تنفيذها،والذي قد يكون المتهم الرئيس المحتمل في قضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل quot;رفيق الحريريquot; في فبراير شباط عام ألفين وخمسة، كما أن قطر هي مهندسة quot;اتفاق الدوحةquot; الأخير الذي نجح في إخراج لبنان من أزمة تشكيل حكومة بعد فراغ دستوري استمر من نوفمبر تشرين الثاني ألفين وستة وحتى مايو أيار ألفين وسبعة على خلفية انسحاب ستة وزراء من حكومة quot;فؤاد السنيورةquot; خمسة شيعة وأخر مسيحي بسبب خلافات حول إقرار نظام المحكمة الدولية ووصفت حينها بحكومة الوحدة الوطنية.
فرنسا ينظر لها على أنها وسيط غربي نزيه، وقد تقبل أن تكون شاهدة على quot;اتفاقquot; يجنب لبنان الانزلاق إلى الهاوية، وربما تكون دول أخرى مثل تركيا وإيران مراقبة لما يحدث وربما لا تقبل أطراف أخرى القيام بهذا الدور على اعتبار أن ذلك يعد سيرا على الأشواك وان لبنان لن يمكنه العيش بدون أزمات، فالأزمة الحالية في لبنان لم تكن وليدة اللحظة بل أن بدأت بوادرها في تشكيل الحكومة السابقة الذي شكلها سعد الحريري وحملت في داخلها عوامل انهيارها بعد حصول المعارضة على الثلث المعطل.
المعارضة تستطيع استغلال هذا الثلث جيدا، وبدا ذلك حين كشفت المحكمة الدولية عن احتمال توجيه الاتهام في جريمة اغتيال quot;رفيق الحريريquot; لإفراد من حزب الله، وقرب صدور القرار الظني، حينها قال حزب الله على لسان زعيمه السيد quot;حسن نصر اللهquot; انه لن يُسلم أحدا من رجاله أيا كان موقعه، وأن المحكمة يغلب عليها الطابع السياسي، وأنها أداة لتحقيق مصالح إسرائيلية أمريكية، وطالب فريق الثامن من آزار الذي يمثل المعارضة، وقف التعاون مع المحكمة لأنها ستؤدي إلى انقسامات وستفتح باب المشاكل في لبنان، في حين أعلن فريق الرابع عشر من آذار تمسكه بالمحكمة ورفض أي تسوية على حسابها، وإن نجحت quot;الدوحةquot; في إقناع فريق المعارضة التعامل مع الحقائق الخاصة بالمحكمة، والبحث عن حل عملي ربما يحدث الاختراق المنشود، لكن الأمر هذه المرة مختلف تماما، فالفريقان يتبادلان مسؤولية فشل المساعي السعودية السورية من أجل احتواء التوتر الناجم عن احتمال صدور القرار الظني. ولا احد يتمنى أن تتطور الأزمة إلى معارك في الشوارع بين أنصار فريقي حزب الله، وفريق quot;سعد الحريريquot; كما حدث في السابق، فالقضية قائمة وهذه حقيقة، ولا يملك أي طرف أن يلغي المحكمة باتت في ذمة مجلس الأمن، وتستند إلى البند السابع في ميثاق الأمم المتحدة، بل يمكنه البحث عن حلول، خاصة وان من سيحاسب على هذه الجريمة أفراد وليس منظمات أو دول، وعلى الجميع تقديم حلول عاجلة تؤدي إلى صيانة الأمن والسلم الأهلي في لبنان قبل فوات الأوان.
إعلامي مصري
- آخر تحديث :
التعليقات