في لقاء أجراه التلفزيون الألماني الناطق بالعربية مع رئيس المجلس الوطني السوري، صرح برهان غليون رداً على سؤال بخصوص تطمينات يطالب بها الكرد تضمن عدم إقصاءهم في سوريا المستقبل، بأن هوية الدولة السورية عربية كون أغلبية السكان من العرب، معتبراً في الوقت نفسه المكونات القومية الأخرى في سوريا جماعات أو تجمعات قومية، مشبهاً وجودها بتواجد المسلمين و المهاجرين الأسيويين في فرنسا. هكذا لخصت الكتلة الكردية في المجلس الوطني السوري تصريحات الدكتور غليون، وأدانتها في بيان بتاريخ27.10.2011 ومعتبرة أياها ذات نزعة عنصرية اقصائية.
وتتالت ردود من كتاب ومثقفين وسياسيين كوردا سوريين، على الدكتور برهان بدأت بنقده وانتهت بتخوينه، وانقلب الدكتور برهان بين ليلة وضحاها، إلى عدو مبين للشعب الكردي. واستخدمت ألفاظ مهينة بحق الدكتور غليون والمجلس الوطني وجماعة الإخوان المسلمين وصلت عند بعضهم لشتم العرب والعروبة، وكأن العرب ليسوا شركاء لهم في بلدين هما العراق وسورية، وكأنها أصبحت القضية موضة العصر..مفادها اشتم العرب لكي تكون ليبراليا وغير شوفيني!! وتنتهي بلمحة بصر كل منجزات الشعب السوري وثورته، ووقوف معارضته الدائم مع القضية الكردية.
وكما قلت لأحد الأصدقاء الكرد: لأول مرة في تاريخ القضية الكردية، في الدول الاربعة يخرج شعب بكامله تحت الرصاص والشهداء ويهتف آزادي آزادي..إنه الشعب العربي في سورية والذي يشكل اغلبية مطلقة باعراف النسب الحسابية والسياسية، ومع ذلك يشتم هذا الشعب مباشرة بعد تصريح غليون أو تصريح السيد البيانوني المراقب العام السابق للإخوان المسلمين. وعندما يخطأ ناشط سياسي في التعبير عن وجهة نظره أو يخونه التعبير في شرحها كما حدث مع الدكتور غليون في شرحه لمثال فرنسا، مع انه في نفس المقابلة أكد أكثر من مرة أنه مع الحقوق القومية للكرد. يصبح كل العرب هم من احتلوا كردستان وهم من قسموا المنطقة، وهم من يجب أن يبادوا...أهذه لغة تجمع أم لغة تفرق؟ لاأعرف ماذا تعني هذه الشتائم، وينقلب الحلفاء إلى إعداء نتيجة لتصريح عابر..؟ وماذا أبقيتم للحوار والتفاعل الذي حدث بين مكونات الشعب السوري على الارض والتي عمدها بالدم وعشرات الألوف من المعتقلين؟ ماذا تركتم لبناء مستقبل مشترك؟ وبدأت تخرج اصوات الآن تطالب بالانفصال النهائي، مع أن الجميع يعرف أن الوضع العياني في سورية مختلف كليا عن غيره في كردستان العراق وتركيا وإيران..وكنت كتبت كثيرا عن القضية الكردية وأنا لااساندها تحسبا لكتاب أو ناشطين كرد، بل إنني مؤمن بعدالة القضية الكردية، لكن لديها أسوا المدافعين عنها في سورية. المعارضة العربية تتغير بفعل الحوار وتتطور مواقفها، الأصدقاء الكورد يزدادون تعنتا ولغة شقاقية لماذا؟ لا اعرف في الواقع هنالك امر مستغرب، وصلت عند بعضهم لتبرير موقف ما: انهم يفضلون بشار الأسد على المعارضة السورية، التي عندما كانت تدفع أثمانا باهظة من أجل الحرية لكل سورية كان معظم الحراك الكردي، خارج السجون أو مع حزب العمال يذهب لتركيا..هل تريدوننا أن نكتب بهذه اللغة؟ ونستمر في شتم بعضنا أو التبخيس ببعضنا؟ لا أعرف في الحقيقة هنالك شيئا لم يعد مفهوما، إنني أدنت رسالة المجلس للحكومة التركية بعد عملية حزب العمال، وكغيري من الكتاب والناشطين السوريين. لماذا لم تروا الجانب الملآن دوما ومما قاله برهان غليون أنه مع الحقوق القومية للكورد، وركزتم على شرحه غير الموفق لمثال فرنسا، وكأنكم تنتظرون هفوة أو تنتظرون مادة لكي تبدأوا الهجوم..!! ليس كل من له وجهة نظر لاتناسب بعض الاحزاب وبعض النشطاء والكتاب الكرد في مستقبل سورية لا تتفق مع رؤيتهم يصبح عنصريا وبعثيا ويجب تحطيمه!! أليس مستغربا ذلك؟ على فرض ان ما يقوله بعض النشطاء أن اتفاقية سايكس بيكو قسمت كردستان، مع ان التاريخ أنتم تعرفون والجميع يعرف، لم يكن هنالك خارطة لكردستان لتتبناها عصبة الامم المتحدة 1919في ذلك الوقت، والتي منحت فرنسا وانكلترا حق الانتداب على سورية وغيرها.. ولم يكن هنالك دولة كردية جرى احتلالها وتقسيمها، ومع ذلك هذا التاريخ لاينقص من حق أي شعب من الشعوب في تقرير مصيره القومي. ماهذا الخلط في المفاهيم والقراءة التاريخية المشوهة لتجارب التاريخ!! ماذا يعني أن تقول الجمهورية العربية السورية، وبنفس الوقت يكون الكرد قد حصلوا على كامل حقوقهم القومية داخل الدولة السورية مثلهم مثل بقية المكونات السورية؟ اشرحوا لنا، مع أنني منذ زمن بعيد وأنا اتبنى مفهوم الدولة السورية فقط. كيف يحق ل15% من سكان الدولة فرض هويتهم على 75% من سكان تلك الدولة؟ أليس من حق هؤلاء ان يستفتوا على أسم دولتهم؟ إنني اطرح هذه الأسئلة استنكارا لما رأيته من تشبيح هذه الأيام من بعض الاطراف في المعارضة كردا ضد العرب وعربا ضد الكرد. وكردا ضد الكرد وعربا ضد العرب..ثم مادامت سورية موجودة كدولة، فيجب أن يتم كل شيئ تحت سقفها، وهذا يتم بالحوار والتفاعل واللغة الجامعة والتأسيس الدستوري الحقوقي وفق تجارب التاريخ والمعطيات الراهنة. وللناشطين العرب أقول الكرد جزء من سورية ومنهم من يعيش على أرضه التاريخية ومنهم من جاء من تركيا، لكن كل هذا لايغير في الحقوق الشيئ الكثير..وكنت اقترحت سابقا الاستفادة من النموذج السويسري والاستناد عليه، وليس البلجيكي أو العراقي رغم ما فيهما من ايجابيات، في محاكاة مستقبل سورية بعد آل الأسد. وليتذكر بعضنا أنه نتيجة لهذه الثورة عقد مؤتمر هيئة التنسيق بالداخل واليافطة كتب عليها بالعربي والكوردي، مع أن هيئة التنسيق تضم تيارات أكثر تشددا بالمعنى القومي العربي!! لماذا لاترون هذا التطور في الوضعية السورية؟ ليس لدينا سوى الحوار المثمر أما الشتائم فلا تؤدي لأية نتيجة، ولا تمنح صاحبها لقب أنه أكثر نضالا من غيره. وبفضل هذه الثورة هذه الاحزاب الكردية تعقد مؤتمرها الجامع في صبيحة يوم الأربعاء المنصرم 26 تشرين الأول 2011م وتتويجاً لسلسلة اجتماعاتٍ متتالية وجهودٍ مخلصة قامت بها أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا، وبُعَيدَ انتهائها من عملية انتخاب المندوبين في المناطق الكردية: الجزيرة، عفرين(كرداغ) وعين العرب(كوباني)، وكذلك في مدن كبيرة: حلب، الرقة، الحسكة والعاصمة دمشق، وبحضور عشرة مسؤولين من كل حزب(عشرة أحزاب) من ضمنهم سكرتيرو الأحزاب، وكذلك شخصيات وطنية بارزة ومناضلين قدامى.. وتم انتخاب قيادة كردية وسيصدر عنها بيان ختامي لاحقا...السؤال كيف نطور هذه المنجزات ونحافظ عليها، وكيف نستطيع أن نخرج بسورية نحو بر الامان..هذا ما يجب أن يتم التركيز عليه في تفاعلنا اليومي، لا الحديث عن تخوين وشتم وماشابه..الشتم أسهل أنواع الكتابة...مستقبل سورية أمانة في اعناق الجميع عربا وكردا وآشوريين...الخ
وتصبحون على حرية..
- آخر تحديث :
التعليقات