quot;It was the best of times; it was the worst of timehellip;.quot;
quot;كانت أفضل الأوقات، وكانت أسوأ الأوقات...quot;

بهذا السطر الشهير بدأ ldquo;تشارلز ديكنزrdquo; روايته الرائعة:quot;قصة مدينتينquot; والتى تحكى قصة الثورة الفرنسية...
.......
قال لى صديق عزيز: إذا كتبت مقال يبرز أى من حسنات حسنى مبارك فسوف تواجه بهجوم كاسح، وسوف يتم إتهامك بأنك من أعداء الثورة ومن أنصار الثورة المضادة وبأنك من فلول النظام السابق وربما يتم إتهامك أنك قمت بتدبير موقعة الجمل بميدان التحرير وربما يتهمك السلفيون بالكفر وبأنك عدو الله ويوقعون عليك حد الردة!
فقد كنت فى زيارة سريعة للقاهرة الأسبوع الماضى وهالنى كمية الإتهامات والتلفيقات والبلاغات والمليارت التى تنتشر يمينا ويسارا فى أجهزة الإعلام، ولم يسلم من ذلك أى فرد رأى فى حياته حسنى مبارك، وتعجبت إلى أنه لم يصدر حتى الآن بلاغات ضد طباخ الرئيس (الحقيقى وليس الممثل)، وجناينى الرئيس وسائق الرئيس ومراة أخو إبن خالة الرئيس بالرضاعة! حمى الإنتقام المحمومة التى تنتشر فى مصر اليوم (البلد والجريدة) فاقت الحمى التى أعقبت 23 يوليو 1952 فى الإنتقام ممن أسماهم الضباط الأحرار quot;برموزالعهد البائدquot; وعندها بدأت حركات التطهير ومحاكم الثورة، وتم تلويث سمعة وشرف الملك فاروق وأسرته، وبعد أكثر من نصف قرن بدأ الناس يفيقون وإكتشفوا أن الملك فاروق لم يكن بالملك quot;الفاسدquot; كما أدعى الضباط الأحرار ولم يكن قديسا أيضا كما أدعى مشجعو العصر الملكى، ولكنه كان أنسان يخطئ ويصيب.
وأخشى ما أخشاه أنه إذا ما إستمرت حمى الإنتقام والثأر(سواء بحسن أو بسوء نية) بين شباب الثورة وبين أدعياء الثورة وراكبيها فإنها سوف تتحول عن مسارها الأساسى لتحقيق الحرية والعدالة وتصبح دكتاتورية قد تكون من أعنف ما شهدته مصر من دكتاتوريات حيث ستكون دكتاتورية قائمة على الحقد والإنتقام وترتدى عباءة الدين، وتتحول إلى ثورة دموية أو ثورة جياع (أسوأ الأوقات) بعد أن بدأت سلمية رائعة (أفضل الأوقات)، وأنا أكثر واحد فى الدنيا أرجو أن أكون مخطئا فى تشاؤمى وأفكارى.
...
وعندما نشرت جريدة الجارديان البريطانية إشاعة أن حسنى مبارك وعائلته لهم 70 مليار دولار خارج مصر، وتناقلتها قناة الجزيرة بشكل محموم على مدار الساعة فى عز أيام الثورة ثم إنتقلت هذه الإشاعة إلى ميدان التحرير وكانت هذه الإشاعة فى رأئى المسمار الأخير فى نعش حسنى مبارك، وبالرغم من أن جريدة الجارديان إعتذرت (بعد تنحى مبارك عن السلطة) عن ذلك الخبر وذكرت أنها نقلته عن قناة الجزيرة، بينما زعمت قناة الجزيرة أنها نقلت الخبر عن الجارديان وعلاقة رئيس الجزيرة بالجارديان معروفة، ولكن رغم النفى إلا أن الجزيرة بالطبع لم تنشر النفى وثبت بالقطع أن الجموع الغاضبة تفضل أن تؤمن بالإشاعة أكثر من الحقيقة، لأن الإشاعة غالبا ما تكون أكثر إثارة وبمجرد نشر خبر ال 70 مليار دولار وجد الخبر قبولا لدى كل الناس تقريبا مثقفيهم وجاهليهم، وحاولت أن أقول للناس حولى:quot;ياجماعة مش معقول موضوع المليارات ده، إنت عارفين المليار ده أد إيه؟؟quot; ولكن لا حياة لمن تنادى وسقط حسنى مبارك ليس بسبب موضوع ال 70 مليار ولكن هذا الموضوع كان quot;الزقةquot; الأخيرة التى أسقطته.
وبمناسبة المليارت قرأت خبرا وسأسرده لكم كما نشر فى أحد الجرائد المصرية: quot;تظاهر الصياديين فى بحيرة البرلس إحتجاجا على نقابة الصياديين النى تعطى للصياد معاش لا يتجاوز 120 جنيه شهريا بينما موجود فى ميزانيتها 27 مليار جنيه!!quot; لا حظوا أن الرقم 27 مليار وليس27 مليون وإذا كانت نقابة الصياديين لديها 27 مليار فكم يبلغ ميزانية نقابة الأطباء مثلا؟؟، وكأن رقم المليون أصبح لا يثير الناس فتم إستبداله بالمليار.
وتحاورت مع عدد من الإصدقاء المثقفين عن حسنى مبارك وكيف أنه فعل أشياء جيدة لمصر كما أنه فعل أشياء سيئة أيضا ويجب النظر إليه بموضوعية، ولكن أغلبهم لم ير أى خير فى عهد حسنى مبارك، والآن بعد أن أصبح حسنى مبارك فى يد القضاء، فيجب علينا أن ننظر إليه بموضوعية لنرى ماله وماعليه، لأنه شئنا أم أبينا هو جزء من تاريخ مصر ويجب أن ننظر إليه من هذه الناحية، وحين قرأت خبر أنه تم التحقيق معه ووجهت إليه بعض التهم، ولم يتحمل قلبه وصحته كل تلك الضغوط فتم نقله إلى المستشفى فتعجبت كثيرا على حال مصر وتذكرت أقسى هزيمة مرت بها مصر وهى هزيمة يونيو 1967 والتى ضاع ضحيتها الآلاف من خيرة شباب مصر وضاعت خمس مساحة مصر (سيناء) وضاعت القدس والضفة والجولان، ومن سخرية القدر ألا يحاكم عبد الناصر ولا المشير عامر ولا هيكل (ثاثوث الهزيمة) ولم يحاكم أى من زبانيتهم، وفى نفس الوقت يحاكم الآن مبارك (أحد أبطال نصر أكتوبر) وكل أعمدة حكمه على مخالفات وجرائم أقل كثيرا من جريمة هزيمة 1967.
ماعلينا ففى الوقت الذى تنهمر أعمدة من التراب والإشاعات والإفتراءات (بحق وبدون حق) على رأس مبارك وحكمه وأسرته ولا يتجرأ أى شخص أن يقول كلمة حق فى هذا الوقت، فإنى أجد لزاما علىّ أن أحاول أن أقول كلمة حق فى رجل لطالما نقدته وسخرت منه أثناء حكمه وسطوته بدون أن يوقفنى أحد أثناء دخولى مطار القاهرة أو يرسل ورائى رجل مخابرات فى الخارج لكى يعيدنى فى صندوق إلى القاهرة، الآن وهو فى محنته أحوج إلى العدل منه إلى الرحمة ولا أقول هذا من منطلق:quot;إرحموا عزيز قوم ذلquot; ولكن من منطلق العدالة.
...
شاهدت حسنى مبارك مرة واحدة عن قرب عندما كان قائدا للقوات الجوية عندما إجتمع بنا لما زارنا فى الجيش الثانى فى الجبهة بصحبة المشير أحمد إسماعيل (رحمه الله) قبل حرب أكتوبر 1973 وكان معروفا عنه حزمه وجديته ومساهمته الكبيرة فى إعادة بناء القوات الجوية بعد أن تم تدميرها بالكامل أثناء هزيمة 1967، ولن أتحدث عن موضوع الضربة الجوية الأولى، لأن هذه الضربة كانت نتيجة لإعادة بناء القوات الجوية.
...
لقد ساهم حسنى مبارك مع الجيش المصرى فى إعادة تحرير الكويت بعد غزوها من قبل صدام حسين، وكان من نتيجة هذا أن تم إلغاء 7 مليار دولار من ديون مصر الخارجية.
...
لقد جنب مصر الدخول فى مغامرات عسكرية كثيرة فى منطقة مليئة بالقلاقل، وخاصة أثناء مغامرة حسن نصر الله فى جنوب لبنان، وأيضا أثناء مغامرة حماس فى حرب غزة ووقف صامدا رغم كل دعاوى القومجية والإسلاموية للدخول فى الحرب، ولكنه حافظ على حدود مصر ونأى بها عن أى مغامرة عسكرية. وحافظ على مصر كدولة محترمة تحترم تعهداتها وإلتزاماتها وإتفاقياتها.
...
لقد إستطاع مبارك أن يحمى مصر من الإرهاب الذى أجتاح مصر فى التسعينيات والى كان من الممكن أن يحول مصر إلى باكستان أو أفغانستان أخرى، وضرب بيد من حديد على الإرهابيين الذى روعوا مصر وزوارها وصلت زروتها فى مذبحة الأقصر الشهيرة، حتى أضطر الإرهابيون أخيرا إلى نبذ العنف، إلى أن عادوا مؤخرا فى الساحة بعد ثورة 25 يناير وبدأوا مرة أخرى فى ترويع المصريين.
...
وصلت حرية التعبير فى مصر فى السنين الأخيرة من حكم حسنى مبارك فى الجرائد والتليفزيون مستوى غير مسبوق ولا حتى أيام الملكية، وسمعنا وقرأنا الصحفيون والكتاب والشعراء يهاجمون مبارك وإبنه جمال شخصيا، وسمعنا قصيدة quot;بأحبك ياحمارquot; من الشاعرة إيمان بكرى، وسمعنا أحمد فؤاد نجم يقول فى قصيدة (عريس الغفلة) مهنئا جمال مبارك بزواجه:quot;حتكمل دينك .. وتطلع دينناquot; و قصيدة quot;كأنك ما فيشquot; موجهه إلى حسنى مبارك وأحمد فؤاد نجم نفسه سجن فى عهد عبد الناصر والسادات لقصائد أقل حدة وأقل صراحة من ذلك بكثير، وسمعنا قصائد هشام الجخ وغيرهم من الشعراء على شاشات التليفزيون والإنترنت ولم يسجن أى من هؤلاء بسبب رأيه حتى لو كان جارحا، وخرجت مظاهرات مجموعة التغيير وحركة كفاية ومجموعة 6 أبريل تهتف (كفاية) و(لا للتوريث) بصفة دورية وكانت حرية التعبير هذه هى أحد العوامل المساعدة التى قامت عليها ثورة 25 يناير.
...
تضاعف عدد السياح الذين زاروا مصر بشكل غير مسبوق ووصل إلى أكثر من 8 ملايين سائح سنويا قبل ثورة 25 يناير، وشكلت السياحة واحدة من أهم مصادر الدخل فى مصر وأكبر جهة لتوظيف الشباب.
...
واصل الإقتصاد المصرى صعوده للأمام بالرغم من الازمة المالية العالمية فى السنوات الأخيرة، وقالت مجلة الإيكونوميست (أكثر مجلة إقتصادية إحتراما فى العالم) بالنص فى 15 يوليو 2010،:quot;المصريون تحت أى مقياس إحصائى أفضل كثيرا من أى وقت مضى بالرغم من تضاعف عددهم فى خلال 30 سنة...الفلاحون يستخدمون الآن طلمبات لرفع المياه وجرارت للزراعة، إرتفاع متوسط العمر من 52 سنة عام 1960 إلى 72 سنة فى عام 2010، ثلثى سكان مصر لديهم الآن دش لإستقبال القنوات الفضائية، %87 من سكان مصر لديهم ثلاجات كهربائية، %97 من سكان مصر لديهم مياه صالحة للشرب، %99 من سكان مصر لديهم كهرباء، يوجد فى مصر 57 مليون تليفون موبايل، وتضاعف عدد مالكى السيارات عدة مرات...إلخ .quot; ومن يريد قراءة باقى المقال فعليه الضغط على الرابط التالى
اضغط هنا...
فى تقرير المخابرات الأمريكية عن مصر، ذكر أن مصر شهدت نموا إقتصاديا غير مسبوق بالرغم من الأزمة المالية العالمية، وبلغ مستوى النمو أكثر من %5 عام 2010، وكان من المتوقع أن يبلغ معدل النمو %7 فى عام 2011 لولا وقوع ثورة 25 يناير.
...
وفى تقريرعام 2009 إختار البنك الدولى مصر كواحدة من أفضل بلدان العالم لإجتذاب الإستثمارات الأجنبية للسنة الرابعة على التوالى، كما يتضح فى الرابط التالى.
اضغط هنا....
ولن أتحدث عن سلبيات نظام حسنى مبارك العديدة لأن الصحافة والتليفزيون المصرى العام والخاص يتكفلون بهذا بعد أن كان يتغنون بمنجزات مبارك من ثلاث أشهرفقط، ولكنى فقط أذكر أن حسنى مبارك قد بدأ فى السقوط سياسيا منذ أن دفع بإبنه جمال إلى الواجهه السياسية وأصبح جمال وجماعته الحاكم الفعلى لمصر.
...
فى مصر يقولون:quot;العجل وقع هاتوا السكينةquot;!!
[email protected]