أفادت صحيفة (لا فيغارو) الفرنسية بأن إسرائيل طلبت من دول الغرب وقف حملتها الدبلوماسية ضد النظام السوري خشية سقوط أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها النظام في أيدي حزب الله وحماس. وقالت الصحيفة إن رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي أفيف كوخافي قد نقل الموقف الإسرائيلي خلال زيارته لمقر الأمم المتحدة في نيويورك قبل بضعة أسابيع. وبحسب دبلوماسي فرنسي فقد حذر كوخافي من أن ترسانة الأسلحة السورية قد تُوجَّه إلى إسرائيل حال سقوط نظام بشار الأسد. وعلق خبير فرنسي في مجال المخابرات على ذلك بالقول إن إسرائيل تفضل التعامل مع عدو تحسن معرفته على مواجهة المجهول الذي يقتضي أيضاً إعادة تكوين شبكة مصادرها الاستخباراتية.
هل في هذا الموقف الإسرائيلي من جديد؟
إسرائيل أظهرت خلال الأربعة عقود الأخيرة تقريبا، ومنذ اتفاقيات الفصل على جبهة الجولان 1974 أنها خير ظهير للنظام السوري، ولقد حافظت طيلة هذه الفترة من الزمن على الحدود المرسومة بعناية من أجل استمرار الشرط الإقليمي والدولي، الذي فرضته اتفاقيات الفصل هذه، والتي تمخضت عنها حالة من اللاحرب واللاسلم، هذا على صعيد ما يسمى مسار الأمن الإسرائيلي، أما على صعيد المسار الجغراقتصادي فقد استطاعت أن تجعل من الجولان السوري المحتل، مصدر ثروة لا يستهان بها زراعية وسياحية وخاصة السياحة الداخلية، وعلى صعيد استزاف ثروات الجولان المائية كما هو معروف للجميع. وعلى صعيد الملكية، إسرائيل تريد الجولان أن تموت قضيته بالتقادم ويصبح ذو ملكية إسرائيلية، تحت عنوانquot; نظام ضعيف وهش على الحدود، ولا يهمه لا الجولان ولا غيره المهم الحفاظ على سلطته في دمشق، حتى ولو أدى ذلك لذبح الشعب السوري برمته. على الصعيد الفلسطيني إسرائيل استفادت من هذا النظام بأنها دوما تجده يساعدها من خلال وجوده وبنيته في تهربها من استحقاقات المسار الفلسطيني، لأنه ساعدها ويساعدها دوما على ضرب أجندة النضال الفلسطيني لأنها ليست جاهزة للسلام الشامل في الشرق الأوسط، وثمة أمر أكثر أهمية من كل ذلك أن إسرائيل لا تريد دولا طبيعية وديمقراطية وخاصة على حدودها الشمالية والشرقية، لأن الجغرافيا السياسية والبشرية متداخلة بطريقة يصعب الفكاك منها على عكس مصر التي تفصلها عنها صحراء سيناء، والتي أجبرت على السلام معها تحت ضغط عوامل كثيرة لسنا بصددها الآن، مع ذلك سعت إسرائيل وتسعى لكي تحجم الدور المصري في المنطقة. وهنالك أمر آخر معنية به القوى الدولية، وهي استمرار إسرائيل كما ترغب أن تصور نفسها بوصفها الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط، ولما يدره هذا العامل من أموال عليها من القوى الغربية.

ومنذ بداية الثورات العربية وإسرائيل وحتى اللحظة لم يخرج موقف واحد منها مساندا لمطالب هذه الثورات، ولم تدن أي نظام من الأنظمة التي انهارت أو التي في طريقها للانهيار كحال النظامين السوري والليبي. لم تدن الجرائم التي يرتكبونها بحق شعوبنا، وهنالك ملاحظة جديرة بالاهتمام، أنه حتى قوى المجتمع المدني الإسرائيلي، لم يصدر عنها موقف حقوقي يدين مرتكبي هذه الجرائم. إسرائيل كلها مع استمرار النظام السوري الذي ارتكب أبشع المجازر بحق شعبنا الاعزل، والملاحظة هنا، لو كانت مصر هي من سمحت أو أرسلت مجموعات شبابية فلسطينية إلى الحدود بمناسبة يوم النكبة والعودة كما فعل النظام السوري، لأقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها، بينما كل ما فعلته في الجولان أنها قتلت قسما من الشباب السوري والفلسطيني على الحدود ولم تقم حتى بتحريك أي فعل سياسي على المستوى الدولي!!

ورغم ذلك لايزال النظام السوري ممانعا، هو ممانعا فعلا لأي سلام كما هي إسرائيل بالضبط وهذا هو سر من أسرار التناغم بين الطرفين. والفارق أن نظام آل الأسد ضعيفا لدرجة أن الطائرات الإسرائيلية تسرح وتمرح فوق دمشق، وهو لا يملك سوى الرد بالوقت المناسب، وإسرائيل دوما حريصة على تقليم أظافره التي يمكن أن تخرج هنا أو هناك دون علم منها.

إسرائيل وقفت مع النظام دوما ولكن كلما سقطت حجة من الحجج التي تطرحها لتبرير سلوكها المشين هذا، تخرج علينا بحجة جديدة، كانت الحجة قبل الثورات العربية، هي خوفها من أن يأتي بديل إسلامي!! وهذه الحجة أسقطتها الثورات العربية والثورة السورية بشكل خاص، والآن باتت حجتها أنها تخاف على النظام السوري من السقوط، بحجة خوفها على أن تستولي حركة حماس وحزب الله على أسلحة الدمار الشامل التي لدى النظام السوري، هذا هو الجديد فقط بالموقف الإسرائيلي، فأية سخرية هذه؟
كيف ستقع هذه الأسلحة إن وجدت!! بيد حركة حماس فليقل لنا الإسرائيليون كيف؟

لكن شعبنا بشبابه الذين خرجوا بوجه كل آلة القتل هذه، لن يتوقفوا مهما فعلت إسرائيل، ومهما حاولت أن تفعل من أجل حماية نظام قاتل، ومن يحمي المجرم ليس سوى مجرم مثله.

الكرة الآن لم تعد بيد آل الأسد الكرة الآن هي بيد شبابنا السوري...والنظام سيسقط...وستسقط معه كل البنية الإقليمية المعادية للسلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط.