أستغرب كيف إنخدع البعض من كتابنا، بل ومعهم أوساط سياسية وعربية متعددة بالكذبة الكبرى الى روجها النظام البعثي الأسدي بوجود عناصر تنظيم القاعدة في سوريا، وتحميلهم مسؤولية التفجيرات الأخيرة التي وقعت في العاصمة دمشق. وأندهش كيف تنطلي مثل هذه الكذبة الكبرى حتى على وزير الدفاع الأمريكي الذي صرح بوجود أصابع للقاعدة في بعض التفجيرات داخل سوريا!
ومبعث إستغرابي وإندهاشي هو إعتقادي بعدم وجود أية ثأرات لتنظيم القاعدة مع النظام السوري الذي يرأسه الإرهابي بشار الأسد، وهو رفيقهم وزميلهم وكان على الدوام معينا لهم. فالنظام السوري لم يطلق رصاصة واحدة ضد عناصر تنظيم القاعدة منذ أن تشكل هذا التنظيم الى يومنا هذا، بل كان خير معين له أثناء الإحتلال الأمريكي للعراق، يقدم لعناصره كافة التسهيلات من الإقامة في أفخم الفناداق وتدريبهم أفضل تدريب، وتموينهم بآلات التفجير والإرهاب قبل أن يوصلهم معززين مكرمين الى حدودها المشتركة مع العراق ليدخلوا منها لقتل الآلاف من العراقيين في الشوارع والأسواق.
وسوريا ليست دولة محتلة حتى يجاهد فيها عناصر القاعدة،ويفجرون أنفسهم بالقوات الغازية لتحريرها، ويأتوا من دول المغرب العربي بمجاهدين مخدوعين بالشعارات القومية والدينية لتخليصها من أيدي الغاصبين المحتلين، كما برروا تواجدهم في العراق،وتخريبه بحجة طرد القوات الأمريكية والتي ما خرجت إلا بإرادة قيادتها السياسية، وليس تحت ضغط ضربات القاعدة.
ولم نسمع يوما تصريحا أو تنديدا من دكتاتور سوريا بجرائم الإرهاب التي يقترفها أعضاء القاعدة لا في العراق ولا في أي منطقة أو دولة بالعالم، ورغم أن الرئيس السوري ما كان يتجرأ بإبداء تعاطفه معهم خوفا من ردود الفعل العالمية، فأنا على يقين بأنه في سره كان يبارك عملياتهم الإرهابية بدليل سكوته عن جرائمهم في العراق وغيرها من البلدان.
وكذلك لم نسمع يوما لا من زعيم القاعدة السابق ولا خلفه الحالي إن كانت لديهم مطامع في سوريا حتى يبعثوا يعناصرهم يفجرون أنفسهم فيها، ويستهدفون البنية الأمنية للنظام بهدف إسقاطه والحلول مكانه.
ولم نلحظ من بين صفوف المعارضة كلها وجود جماعة أو تنظيم إسلامي متطرف،أو فرع من فروع القاعدة في سوريا يواجه النظام الحالي، حتى نبرر أن تهب القاعدة لنجدتهم ونصرتهم، فالثورة المندلعة في الشارع هي ثورة شعبية سلمية تهدف الى التحرر من الدكتاتورية والتخلص من نظام قمعي يحكم البلد بالحديد والنار منذ أربعين سنة.ومتى كانت القاعدة تنصر الإنتفاضات والثورات الشعبية حتى تأتي اليوم لتحارب النظام الأسدي لتحرير الشعب السوري.
كل هذه الأمور تدفع بالمراقب السياسي أن يتأمل المشهدا جيدا، وأن يقف طويلا إزاء محاولات النظام السوري بإلصاق التهم بتنظيم القاعدة لكي يصور نفسه ضحية من ضحايا القاعدة وإرهابه ليكسب بذلك مزيدا من الدعم الدولي، خاصة وأن حرب الإرهاب أصبحت حربا عالمية تستقطب أهتمام الرأي العام العالمي.
لا أرى أي مصلحة لتنظيم القاعدة بتوريط نفسه بفتح جبهة جديدة مع النظام السوري، ومن الغريب حقا أن ينخدع البعض بمثل هذه الأكذوبة التي لا تنطلي على الأطفال فكيف بكتاب وسياسيين.
إذا كانت القاعدة تريد مساعدة الثوار المنتفضين بوجه النظام الدكتاتوري الأسدي،كما تدعي الإجهزة الدعائية الجوبلزية للنظام، بدليل أن تفجيراتها تستهدف مقرات الإستخبارات والمراكز الأمنية التابعة له، أي ضرب البنية التحتية للنظام القمعي، وهذا من إختصاصات المعارضة المسلحة لأي نظام وليس من طبائع عناصر القاعدة ومخططي عملياتها، فلماذا لا تعلن القاعدة وقوفها الى جانب الثورة السورية، وتتحالف مع المعارضة المسلحة التي تناضل الآن على الساحة ضد النظام، كما فعلت ذلك بتحالفها مع فلول البعث في العراق ومع تنظيم أنصار السنة وغيرها من الأحزاب المعارضة المسلحة في العراق؟
لماذا لم نسمع يوما بوجود فرع للقاعدة في سوريا، أو دولة إسلامية سورية تابعة للقاعدة كما حصل في بعض البلدان، وتأتي أجهزة إعلام النظام الأسدي لتتحف العالم بوجود تنظيم القاعدة في سوريا، بل ونجاحه بالوصول الى قلب النظام الأسدي وعقر داره في دمشق؟
أدعو تنظيم القاعدة الى الرد على هذه الإدعاءات الفارغة للنظام السوري، لكي تفضح رؤوس هذا النظام الدموي وإعلامه الكاذب، وتقف ولو لمرة واحدة الى جانب الشعوب المستضعفة والمضطهدة التي تعاني من القتل اليومي على أيدي طواغيت العصر.
- آخر تحديث :
التعليقات