تصبح الدولة فاشلة إذا ظهر عليها عدد من الأعراض، أولها: أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها، أو أن تفقد إحتكارها لحق إستخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها: هو فقدانها لشرعية إتخاذ القرارات العامة وتنفيذها. وثالثها: عجزها عن توفير المعقول من الخدمات العامة. ورابعها: عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية. (المصدر: ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).

منذ عام 2005 دأبت مجلة "فورين بوليسي – Foreign Policy) الأمريكية بالتعاون مع "منظمة الصندوق من أجل السلام" على نشر مقياسها السنوي للدول الفاشلة، حيث تقوم بترتيب أبرز الدول الفاشلة في العالم. صنف مؤشر الدول الفاشلة لعام 2014م (187) دولة في العالم بإستخدام 12 معيارا رئيسيا سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا لقياس مدى فشلها، وجاء تقرير عام 2014 الذي غير المسمى إلى (الدول الهشة) ليضع عددا كبيرا من الدول العربية والإسلامية ضمن قائمة الأكثر فشلا وهشاشة.&

أما المؤشرات السياسية التي أشار إليها التقرير فتتمثل في فقدان شرعية الدولة بسبب فساد النخبة الحاكمة وغياب الشفافية والمحاسبة وضعف الثقة في المؤسسات الرسمية، إضافة إلى عدم التطبيق العادل لحكم القانون وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان وفقدان الأمن وإحتمال قيام حرب أهلية. في حين تتمثل المؤشرات الإقتصادية في غياب التنمية الإقتصادية المستدامة لدى الجماعات المتباينة، وتراجع المؤشرات الكبرى كالدخل القومي والميزان التجاري وسعر صرف العملة الوطنية. أما المؤشرات الإجتماعية الدالة على فشل الدولة فتتمثل في تصاعد الضغوط الديموغرافية والحركة السلبية والعشوائية للأفراد واللاجئين.

في التقرير لعام 2014 إحتلت دولة جنوب السودان الترتيب الأول بين دول العالم من حيث الفشل أو الهشاشة، تلتها مباشرة الصومال والسودان. وحل اليمن بالمرتبة الثامنة، والعراق وسوريا في المرتبتين الـ 13 و الـ 15 على التوالي. أما مصر (الدولة العربية الكبرى) فقد حلت في المرتبة الـ 31. أما الدول التي تصنف ضمن المربع الأسود للدول الأكثر فشلا فكانت ليبيا ولبنان من ضمن هذه الدول.

لم تحظ مخاطر الدول الفاشلة على السلم العالمي بالاهتمام الكافي من قبل دول العالم إلا في بداية القرن الحالي، ففي حقبة الحرب الباردة كان ينظر إلى الدول الفاشلة على أنها جزء من الصراع بين القوتين العظميين آنذاك ومن النادر إعتبارها خطرا بحد ذاته. وفي التسعينيات من القرن الماضي بدأت الدول الفاشلة تحظى بانتباه أكبر من قبل الدول الكبرى لأسباب إنسانية ناتجة من تفاقم إنتهاكات حقوق الإنسان في هذه الدول الفاشلة، وكانت منظمات حقوق الإنسان في الدول الكبرى هي المحرك الأساس في هذا الإتجاه، حيث مارست هذه المنظمات وقتها ضغوطا شديدة على حكوماتها مما أدى إلى تدخل الدول الكبرى عسكريا في بعض الدول كالصومال وهاييتي والبوسنة والهرسك.

ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2011 بدأ الإهتمام العالمي بمخاطر الدول الفاشلة بعد أن نجحت هذه الدول في تصدير مخاطرها (الإرهاب الدولي، وتجارة المخدرات، والأسلحة غير الشرعية، واللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين) إلى دول العالم الأخري بما فيها الدول الغربية والولايات المتحدة. ويذكر أن "السيد كوفي عنان" الأمين العام السابق للأمم المتحدة قد حذر في وقت سابق الدول الكبرى من هذه المخاطر، حيث قال: "عدم الإهتمام بالدول الفاشلة يوجد مشاكل كبيرة ترتد في أوقات كثيرة علينا".

الكثير من الدراسات التي ناقشت موضوع الدول الفاشلة أو الهشة تؤكد ان المشاكل التي تعانيها هذه الدول هي اكثر خطورة مما يتصور الكثيرون، وان هناك حوالي 2 بليون إنسان يعيشون في دول غير مستقرة وغير آمنة، وهم عرضة بدرجات متفاوتة للزج بهم في حروب أهلية وإقليمية، وهناك أيضا دول تمزقها الحروب الأهلية وهي عرضة للتفكك والإنهيارالتام.

الشيئ المؤسف، أن التاريخ مليئ بقصص القادة الطغاة والمتوحشين الذين أغرقوا بلدانهم في حروب أهلية عبثية بسبب الجشع والفساد والعنف الممنهج ضد شعوبهم، وأن أكثر حكام الدول الفاشلة قد وصلوا إلى سدة الحكم عن طريق الإنقلابات العسكرية، وسخروا مؤسسات دولهم الإقتصادية والأمنية والعسكرية لإحكام قبضتهم على مفاصل الحكم، والقضاء على أي نوع من المعارضة وتهميش المجتمع المدني. الدراسات تؤكد أيضا أن حل مشاكل هذه الدول يكمن في خلق نظام حكم رشيد نابع من الشعوب عبر الإنتخابات الحرة والنزيهة، وبناء وتعزيز مؤسسات الدولة على أسس وطنية.

آخر الكلام: من مظاهر الدول الفاشلة تفشي الحروب الأهلية فيها. إذا أخذنا هذا المظهر بعين الإعتبار فهناك 6 بلدان عربية تعاني حاليا من الحروب الأهلية هي: العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال والسودان. نأمل أن لا يزداد العدد خلال هذا العام.&

&