بعد تقنين تصدير مدخلات البناء والتشييد
الحكومة السعودية تقر تشكيل لجنة وزارية لدراسة أوضاع المقاولين

خالد الزومان من الرياض
أقر مجلس الوزراء السعودي بالأمس تشكيل لجنة وزارية لدراسة موضوع تأخر بعض المقاولين في تنفيذ المشروعات وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة ووافق على قواعد وإجراءات معالجة التأخير في تنفيذ المشاريع الحكومية .

يأتي ذلك في الوقت الذي قررت فيه الحكومة السعودية المضي قدماً في تقنين صادراتها من مدخلات البناء والتشييد، بما يتماشى مع توجهاتها وخططها الإستراتيجية وفي محاولة لإيجاد حل سريع للسيطرة على انعدم توفر مواد خام أساسية مثل الحديد والاسمنت في السوق المحلية وبالتالي على توقف المشاريع جزئياً.

وبعد أقل من أسبوع من تقنين تصدير الاسمنت وضعت السعودية ضوابط جديدة تهدف إلى الحدّ من تصدير الحديد إلى الدول المجاورة؛ بسبب زيادة الطلب المحلي، وسعيًا من جانبها إلى تجنب التعامل بالسوق السوداء، والتي من الممكن أن ترفع أسعار الحديد لمستويات أعلى مما هي عليه في الوقت الحالي.

القرار ينهي جدلية توقف البناء
وأعتبر عضو مجلس الشورى محمد القويحص لـ quot;إيــلافquot; إن إقرار تشكيل اللجنة الوزارية لدراسة هذه الظاهرة جاء في وقته، لينهي مسلسل التوقف الذي سرى في شريان القطاع، مشيراً إلى أن السبب الأهم في إيقاف عمليات البناء والتشييد من قبل المقاولين هو حصولهم على عقود في أوقات سابقة تزيد على سنتين كانت دراسات جدواهم لإتمام هذه المشاريع متربطة بأسعار ذلك الوقت وهو ما لم يتوافق مع المرحلة الحالية وما يمر بها من عوامل التضخم وزيادة فوائض الميزانية والسيولة الكبرى التي وجهّت إلى إنشاء مشاريع ضخمة حكومية وخاصة إلى جانب المدن الصناعية.

تقنين تصدير مدخلات التشييد
وطالب رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية عبدالله العمار في حديثه لـ quot;إيــلافquot; بتنفيذ كامل مقترحات اللجنة التي قدمت إلى وزير التجارة السعودي عبدالله زينل، والاستمرار في تقنين تصدير مدخلات التشييد المصنعة محلياً وخاصة الحديد، حتى ينعكس ذلك على وفرة مواد البناء ومن ثم يمكن الحد من ارتفاع الأسعار وإنهاء المشاريع الحيوية في وقتها المحدد.

تخوف من شلل سوق المقاولات
ويؤكد المستثمر العقاري سلطان اللويحق لـquot;إيــلافquot; أن ارتفاع أسعار الحديد أدى إلى انخفاض نسبة البناء لبعض المواطنين ذوي الدخل المحدود الذين تلاشت أحلامهم في بناء مساكنهم الصغيرة لذويهم وأطفالهم، في الوقت الذي تشهد فيه أسواق الحديد السعودية ارتفاعاً هائلاً في أسعار الحديد مما يؤدى بشكل كبير إلى انخفاض نسبة النمو العقاري بسبب ارتفاع أسعار المواد التي يتم استيرادها لعملية التصنيع بالإضافة إلى زيادة تكلفة أجور الشحن التي أدت إلى تعطل العديد من المشروعات، مشيراً إلى أن ارتفاع تكاليف البناء وتقلص فرص التملك في الوقت الراهن هو نتيجة لهذا الارتفاع الملموس في مواد البناء مع العلم بأنه يتوفر كميات كبيرة في مستودعات الشركات الموردة والمصنعة.

ونادى بسرعة التدخل العاجل لوضع حد لهذه الزيادة في أسعار الحديد والتي أثرت سلباً على دخل المواطن من خلال تسعيره موحدة مراقبة ومحاولة إغلاق التصدير خارج البلاد حتى نزول سعره.

وقال اللويحق إن من الإضرار الناشئة عن ذلك لجوء عدد من شركات المقاولات السعودية في الفترة الماضية إلى إيقاف نشاطها، والخروج من السوق مما اثر على المواطنين الراغبين في البناء والتملك، وأرجع الأسباب إلى الخسائر الفادحة التي تكبدتها بسبب الارتفاع الحاد في أسعار مواد البناء والحديد خلال الفترة الماضية والحالية، معتبراً الزيادة ستؤدي لإيقاف البناء تحت الإنشاء، محذراً من شلل سوق المقاولات بسبب عدم توقف هذه الزيادة المتواصلة في الأسعار، في الوقت الذي لم يستفد به المواطنين من قروض صندوق التنمية العقاري كونه لا يغطي حتى تكاليف سعر الحديد وبالتالي يضطر المواطن الذي حصل على قرضه بالبقاء في شقق مستأجرة مما سيكبده العديد من الأعباء المالية التي تفوق دخله.

شح الحديد يقترب بالأسعار من 400 دولار
وأشاد المستثمر في سوق الحديد طارق النشمي لـ quot;إيــلافquot; بقرار مجلس الوزراء الذي يأتي في الوقت الذي تعاني فيه السوق من شح مدخلات البناء، مفيداً أن قرار تقنين صادرات الحديد كان ينتظر منذ مدة لإيقاف العقبات التي بدأت تتهاوى على سوق الإنشاءات مشيراً إلى أن القرار كان يجب ألا يحتوي على استثناءات في الوقت الراهن، ملمحاً إلى ضعف إمدادات سابك ومورديها خلال الفترة الماضية ما انعكس على ندرة الحديد الذي وصلت سعر كتله (البلت) إلى 1270 ريال ما يعادل 339 دولار، محذرا من أن استمرار الأزمة سيرفع الأسعار إلى ما فوق 1500 ريال ما يعادل 400 خلال الأسابيع المقبلة.

وأضاف بأن الطلبات المضاعفة فوق الحاجة للمرحلة الإنشائية لكميات الحديد بسبب التخوف من ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى من أسماهم بتجار الشنطة في السوق السوداء ساهم بشكل كبير في تأجيج المشكلة.

التقنين يرفع الأسعار ويؤخر التسليم في الخليج
من جهته بيّن رئيس تحرير مجلة بلد إن العقارية مطيع الداهوك لـ quot;إيــلافquot; أن التأثير الرئيسي للقرارات الجديدة بوقف تصدير المواد الأولية للبناء على السوق الخليجي يتمثل في عنصرين هما تقليل زمن الانجاز وارتفاع الأسعار أمام شركات المقاولات، وهو ما سيؤثر بالضرورة على المنشآت الصغيرة والمتوسطة في سوق المقاولات، موضحاً أن التأثير لن يضر الشركات الكبرى بسبب هوامش الربحية العالية التي تحققها والتي يفترض أن لا تزيد عن 12 في المئة.

وقال إن أحد بنود العقود الحالية للمقاولين تعتمد على التحكيم والذي يعفيها حال وجود ظروف قاهرة خارجة عن إرادتها من أي تعويضات تجاه الجهات المنفذ لها المشروع.

وكان مدير عام التموين في وزارة التجارة والصناعة قال في وقت سابق quot;أعددنا ضوابط جديدة للحدّ من تصدير الحديد، وبدأنا فعليًا في تطبيق هذه الضوابط التي تستلزم حصول المصدرين على شهادة تصديرٍ من وزارة التجارةquot;.

وأكد أن الضوابط الجديدة تأتي في إطار الإجراءات التي تنفذها الجهات المعنية لتوفير مواد البناء داخل السوق السعودية الذي يشهد طلبًا متزايدًا أدى في الآونة الأخيرة إلى تصاعد الأسعار إلى مستويات قياسية وعجز في السوق المحلي.

وحسب مراقبين فإن أزمة الإسكان إلى تعود إلى زيادة الطلب على الوحدات الإسكانية ونقص المعروض منها وزيادة معدل النمو السكاني وهجرة العوائل من القرى والأرياف إلى المدن والتضخم الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط عالميا. وكانت المملكة قد خفضت الرسوم الجمركية إلى 5 في المئة بدلا من 20 في المئة على وارداتها من الحديد لتحد من ارتفاع الأسعار، والذي اثر بشكل كبير في قطاع المقاولات، وفي تكلفة البناء على المواطنين، غير انه لم يؤد إلى تحسن الأسعار، حيث إن الحديد المستورد لا يمثل نسبة كبيرة من حجم استهلاك السوق السعودية التي تعتمد على إنتاج شركة سابك بحوالي 60 في المئة وبعض المصانع الوطنية.

وتعتمد السوق السعودية في وارداتها من خام الحديد على السوق البرازيلية في مجال كريات الحديد، التي تعتبر المدخل الرئيس في منتجات شركة (حديد)، وعلى كتل الحديد الجاهزة التي يتم استيرادها من السوق التركية.

وعادة ما يعود الارتفاع إلى عدد من العوامل الداخلية والخارجية، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار خردة الحديد في السوق المحلية، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الخام للحديد في الأسواق الخارجية، حيث لا تظهر نتائج الأسعار العالمية على السوق المحلية قبل ثلاثة أشهر، وفي ظل ما تشهده أسواق مواد البناء خلال الأربع سنوات الماضية من ارتفاعات مطردة تجاوزت حدود المعقول سيما في ما يتعلق بأسعار الأدوات والأسلاك الكهربائية التي قفزت بنسبة وصلت إلى 450 في المئة، وكذلك الارتفاع الكبير جدا في المواد البلاستيكية والسباكة.