دعا خبراء إقتصاديون إلى الإستفادة من الزكاة في إنعاش الإقتصاد المصري، مشيرين إلى ضرورة إشراف الدولة على جمعها وإنفاقها في مصارفها الشرعية، بدلاً من اللجوء إلى الإقتراض من الخارج.


الزكاة تخفف العبء عن الموازنة

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: وصل الأمر إلى حد دعوة كل الدول الإسلامية والعربية للإستفادة منها، وتحقيق الإكتفاء الذاتي والإستقلال الإقتصادي عن الغرب، غير أن الخبراء أنفسهم يرون أنها لن تغني عن الضرائب، بل سوف تعمل على تخفيف العبء عن موازنة الدولة.

5.5 مليارات جنيه

ووفقاً لدراسة لمركز المصريين للدراسات الإقتصادية، فإن المبالغ المالية التي تم التبرع بها للجمعيات الخيرية عام 2012 تقدر بـ 5.5 مليارات جنيه، مشيرة إلى أن هذا المبلغ يمكن من خلاله انتشال جميع المهمشين في مصر تقريبًا من براثن الفقر.

وأشارت الدراسة إلى أن المسلمين ينفقون سنويًا ما بين 200 مليار دولار على الصدقات الإلزامية والطوعية في كل أنحاء العالم، بما يمثل 15 ضعفًا من المساهمات المقدمة للإغاثة الإنسانية العالمية عام 2012، في ظل تناقص مساعدات المانحين الغربيين التقليديين في أعقاب الركود الاقتصادي.

ووصفت الدراسة مليارات الدولارات المنفقة سنويًا في شكل زكاة وصدقات بأنها quot;ليست فعالة إلى حد كبير، لأن أصحابها لا يهتمون بمتابعة تلك الأموال التي لا يدفعونها إلا لكونها واجباً دينياً، أو لإثبات أنهم طيبونquot;، مطالبة بأن يتم التعامل مع تلك الأموال بذكاء، وفاعلية، من خلال التحول في ثقافة الإنفاق، بدلاً من العطاء التقليدي السخي إلى العطاء الاستراتيجي، وتوجيه المال نحو التنمية.

وأشارت الدراسة إلى أن الزكاة ركن من أركان الإسلام لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: quot;بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاًquot;، كما إنها عبادة مالية جاء الأمر بها قرين الأمر بالصلاة في أكثر من موضع بالقرآن مثل قوله - تعالى -: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة).
وأوضحت أنه بما أن واجب الدولة كما يقرر علماء الإسلام quot;حراسة الدين وسياسة الدنياquot;، فإن إقامة الزكاة في المجتمع تدخل في واجب حراسة الدين، مما يتطلب من الدولة القيام بشؤون الزكاة، وذلك لا يكون إلا بقانون ينظمهاmiddot;

مهمة الدولة
وقال الدكتور عادل عامر، رئيس المركز، إن الحكومة مطالبة بتنظيم جمع الزكاة حسب ما تنص تعاليم الإسلام، مشيراً إلى أن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الحكام في عصر الحضارة الإسلامية نظموا ذلك، وأنشأوا المؤسسات لإدارة الزكاة مثل ديوان الزكاة وبيت مال الزكاة، وفي الوقت المعاصر يوجد الكثير من الدول الإسلامية التي تطبق الزكاة من خلال مؤسسات حكومية تشرف عليها، مثل السعودية واليمن وباكستان وليبيا وماليزيا، فلا أقل من أن تتولى الحكومة المصرية فيها شؤون الزكاة والبداية لذلك إصدار قانون للزكاةmiddot;

مواجهة الفقر
ولفت إلى أن الزكاة تمثل أهم الأدوات المالية لمعالجة مشكلة الفقر والاحتياج، وهذا يظهر في أن 25% من الزكاة مخصص مباشرة للفقراء والمساكين، هذا إلى جانب أن مصارف أخرى مثل المؤلفة قلوبهم والرقاب والغارمين وابن السبيل وهؤلاء لهم 50% من الزكاة، وبالتالي يتبين أن 75% من الزكاة يوجه إلى علاج الفقر، ومن حكمة الله - سبحانه وتعالى - أن جعل الزكاة مورداً إلزامياً ثابتاً ومستمراً لا يتأثر بما يمكن للدولة توفيره من دعم.

وإذا كان الفقر يتزايد في العصر الحاضر على مستوى العالم الذي بلغ فيه مستوى الفقر نحو 50% من عدد سكانه أو على مستوى مصر الذي بلغ حسب الأرقام الرسمية نحو 25% ورغم ما تخصصه الحكومة لعلاج الفقر، وهو نحو 12 مليار جنيه، فإنه لا يكفي، وإنه رغم إخراج بعض المسلمين لزكواتهم طوعاً فإنه يوجد عدد آخر منهم لا يزكون أموالهم مما يخل بالتوازن في مشاركة المواطنين في الأعباء المالية العامة، الأمر الذي يتبين ضرورة قيام الحكومة بشؤون الزكاة.

مؤسسة الزكاة
من جانبه، أعد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين مشروع قانون لإنشاء مؤسسة لجمع وتحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية من أجل تحقيق التكافل الإجتماعي.

الجنيه المصري

وقال الدكتور محمد جودة، رئيس اللجنة الإقتصادية في الحزب، لـquot;إيلافquot;، إن مشروع القانون يهدف إلى تنظيم عملية جمع الزكاة، وتوصيل أموالها إلى مستحقيها وفقاً للشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن الجمع سيكون طواعية، وليس جبراً من الحكومة، ولفت إلى أن المشروع في حال إقراره سوف يعمل على تخفيف العبء عن موازنة الدولة، وتحقيق التكافل الإجتماعي.

لا تغني عن الضرائب
لكن هل تغني الزكاة عن الضرائب؟ يجيب الدكتور جمال عبد الحليم أستاذ الإقتصاد الإسلامي في جامعة القاهرة بالقول لـquot;إيلافquot; إن الزكاة لا تغني عن الضرائب، لاسيما أن الزكاة لها مصارف شرعية، والهدف منها تحقيق التكافل الإجتماعي بين الأغنياء والفقراء، والدعوة إلى الله.

ولفت إلى أن الزكاة والضرائب تختلفان في الأهداف والمقادير والمصارف والنفقات، مشيراً إلى أن الزكاة غير مفروضة على غير المسلمين، وبالتالي فهي لا تصح وحدها لتكون أحد أهم موارد الدولة.

واشار إلى إمكانية إصدار تشريع ينظم عملية جمع الزكاة، وإنفاقها في مصارفها الشرعية من جانب الدولة، بما يخفف العبء عن الموازنة العامة، ويعمل على تضييق الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وفي الوقت نفسه يقلص قيمة الدعم الموجه للفقراء في الموازنة، ويتم توجيهه إلى قطاعات أخرى مهمة، مثل قطاع الخدمات الطبية، والتعليم، بما يعود أيضاً بالنفع على الإنسان في حياته.