سواء كنت من محبي النظام الإيراني أو من معارضيه وكارهيه، فإن بعض أعماله لا علاقة لها بالنظرة الشخصية للنظام، بل بالنظرة الأخلاقية لمعايير الحياة الإنسانية التي شوهتها ممارسات هذا النظام الذي يقدم نفسه أنه يحكم باسم الإسلام، ويعلن عن تصدير تجربته هذه أينما يستطيع استنادا لمبدأ (تصدير الثورة) الذي أعلنه الخميني عقب وصوله للسلطة عام 1979. والمخزي في هذه الممارسات أنها تمارس ضد أبناء الشعب الإيراني الفرس وغيرهم من القوميات الأخرى خاصة (عرب الأحواز) الذين يحتل النظام الإيراني وطنهم وأرضهم العربية منذ عام 1925 أي قبل احتلال فلسطين ب 23 عاما. من أبشع هذه الممارسات للنظام الإيراني تلك الإعدامات العشوائية غالبا لمعارضيه ومنتقديه وأحيانا ضد أطفال يتم احتجازهم في السجون لحين بلوغ سجن الرشد، ثم يقتادون لحبل المشنقة كما حدث مع:
بهنود شجاعي
أليس مدعاة للاستهجان والاستنكار المحلي والعالمي حادثة إعدام الشاب الإيراني quot; بهنود شجاعي quot; يوم الحادي عشر من أكتوبر 2009 وعمره 21 عاما، بينما هو في السجن منذ عام 2004 أي وعمره 17 عاما، وظلّ سجانوه المجرمون يحتجزونه حتى يوم إعدامه. وكافة القوانين البشرية الدولية تعامل القصر ضمن ظروف خاصة أيا كانت الحوادث التي ارتكبوها، خاصة إرسالهم للمؤسسات الإصلاحيةالتي تتولى تعليمهم وإصلاح ما طرأ على سلوكهم من انحراف أو خطأ، ولا أعتقد أن هناك نظاما منذ العصور الحجرية وحتى اليوم يحتجز القصر لحين إعدامهم غير نظام الملالي فيما يسمى (الجمهورية الإسلامية في إيران). لذلك كانت الإدانات لهذه الجريمة البشعة من غالبية دول العالم خاصة رئاسة الاتحاد الأوربي التي أعلنت ضمن إدانتها (تجدد معارضتها منذ فترة طويلة لعقوبة الإعدام في جميع الظروف، تؤكد أنّ أي خطأ أو فشل في تحقيق العدالة في تطبيق عقوبة الإعدام يمثل خسارة لا يمكن تعويضها ولا رجعة فيه للحياة البشرية. إنّ رئاسة الاتحاد الأوربي تواصل دعوتها للسلطات الإيرانية إلى إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي).
والمثير للفزع في تصرفات هذا النظام أنه أصرّ على إعدام الشاب بهنود شجاعي رغم عشرات المناشدات المحلية والدولية، وقد تم تنفيذ الإعدام الوحشي أمام أعين تجمهر مئات من المواطنين الإيرانيين بمن فيهم أمهات شهداء ومعتقلين خلال المظاهرات الأخيرة، حيث تجمعوا أمام سجن quot; ايفين quot; الرهيب منذ منتصف الليل للحيلولة دون إعدامه، ورغم ذلك أصرّ نظام الملالي على تنفيذ الإعدام أمام أعين المتظاهرين والمحتجين الإيرانيين. لذلك وكما وصفت السيدة مريم رجوي زعيمة المعارضة الإيرانية: (إن تنفيذ حكم الإعدام الوحشي بحق بهنود شجاعي الشاب البالغ من العمر 21 عاما والذي كان عمره أثناء الاعتقال دون 17 عاما، وغداة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام بأنه جريمة وحشية وهمجية نفذها نظام الولي الفقيه). وتحذر السيدة مريم رجوي من (أنّ المفاوضات ومنح التنازلات لهذا النظام الذي يعتبر وصمة عار على جبين الإنسانية المعاصرة أمر غير مقبول اطلاقا، وسيعتبره الملالي الحاكمون في إيران ضوءا أخضر لمواصلة القتل وإراقة مزيد من الدماء في إيران).
الإعدامات في صفوف عرب الأحواز المحتلة
وضمن نفس الممارسات الوحشية لنظام الملالي لا تتوقف الإعدامات الوحشية في صفوف عرب الأحواز المحتلة منذ عام 1925، خاصة في وسط المناضلين المقاومين لهذا الاحتلال البشع الذي يحرم المواطنين الأحوازيين العرب من استعمال لغتهم العربية، وهو الحق الإنساني الذي سمحت به دولة إسرائيل منذ عام 1948 للفلسطينيين العرب الذين بقوا في أرضهم ووطنهم. وغير ذلك قامت سلطات الاحتلال الإيراني بتغيير الأسماء العربية لكافة القرى والمدن والأماكن، وعلى سبيل المثال: المحمرة أصبحت خرمشهر، والفلاحية أصبحت شادكان، والخفاجية تحولت إلى سوسنكرد، وعبادان صارت آبادان، هذا فضلا عن فرض اللغة الفارسية إجباريا على العرب وغيرهم من القوميات.
وبالنسبة لموجة الإعدامات التي لم تتوقف فقد كان آخرها بداية أكتوبر الحالي، حيث صدرت أحكام إعدام على سبعة عرب أحوازيين كانوا في السجون من عام 2007، وقد كشف المركز الأحوازي للإعلام عن أسمائهم: علي الساعدي 25 عاما، وليد نيسي 23 عاما، ماجد فرادي بور 26 عاما، ودعير مهاوي 50 عاما، ونجله ماهر مهاوي 21 عاما، و أحمد ساعدي 28 عاما. وهولاء المعدومون السبعة من عرب الأحواز هم آخر دفعة من إعدامات متواصلة منذ عام 1979 عند وصول الملالي للحكم، ولن تكون الأخيرة طالما هناك رفض ومقاومة للاحتلال الإيراني الذي يقمع ويصادر حريات كافة القوميات بما فيها الفارسية.
ابنة مستشار للملالي تطلب اللجوء
من يصدق أن هذا القمع من قبل نظام الملالي يجعل حتى أبناء المتنفذين يهربون من وطنهم طالبين اللجوء في الدول الأوربية والأمريكية؟. من يصدق ما تناقلته وكالات الأنباء الأسابيع القليلة الماضية من أن (نرجس كهلور) ابنة مهدي كهلور أحد مستشاري الرئيس الإيرني أحمدي نجاد، وصلت إلى ألمانيا وطلبت حق اللجوء فيها، وهي سينمائية سبق أن أخرجت فيلما ينتقد ممارسات النظام الإيراني. وكما نقل راديو سوا: فهذه الفتاة البالغة من العمر 25 عاما، أعلنت أنها تخشى من العودة لإيران كي لا تتعرض للمشاكل، خاصة أنها عرضت في مهرجان للفيلم في مدينة نورمبيرج فيلما استغرق عشرة دقائق، استوحت فكرته من رواية الكاتب التشيكي quot;فرانز كافكا quot; المسماة quot; مستوطنة العقاب quot; للتعبير عن التعذيب الذي يمارس في سجون الملالي.
فإذا كانت ابنة مستشار من مستشاري الرئيس الإيراني، لم تتحمل السكوت على القمع والسجون ومصادرة الحريات داخل سجن الملالي الذي اسمه (الجمهورية الإسلامية)، فلنا أن نتخيل حجم عذاب ومعاناة المواطنين الإيرانيين من كافة الأعراق والقوميات. ورغم كل هذا هناك من العرب من ينظّر لهذا النظام ويريد استيراده لبلادنا وكأنه لا يكفينا ما نحن فيه، خاصة أن خطورة هذا النظام أنه يحكم باسم الإسلام، أي من المحرمات مناهضته والنضال ضده.
ورغم ذلك تبقى هذه الجرائم موضوعا للإدانة أينما ارتكبت ومن أي نظام، أيا كانت هويته واسمه وصفته...والله المستعان!!.
[email protected]
التعليقات