اتخذت الدول العربية جميعها موقفا رافضا لقرار المحكمة الدولية تجاه الرئيس السوداني عمر البشير، وأعلنت وقوفها معه.
جميل ان تساند الدول العربية بعضها البعض، ولعلها تنطلق في ذلك من حديث الرسول عليه السلام: انصر اخاك ظالما او مظلوما.
لكني لست اعلم من هو الظالم والمظلوم هنا، الرئيس السوداني ام اهل دارفور؟
الرئيس السوداني متهم لا مذنب حتى الآن، والدول العربية القت بثقلها وراء الفريق البشير. كل هذا جيد، لكني اسأل:
كيف تتخذ الدول العربية موقفا مؤيدا بالمطلق للرئيس السوداني دون ان تعلم حقيقة ما حدث في دارفور؟ ولتسمح لي الجامعة العربية، وأمينها العام، ولتسمح كل القيادات العربية بأن اسألها: من منها قام بزيارة لدارفور ومعرفة ما حدث هنا، على ارض الواقع؟ أين هو امين عام جامعة الدول العربية، ونائبه، بل واين هي الجامعة العربية كلها من المجازر التي حدثت على مدى اعوام في دارفور، ام ان دارفور ليست بيروت، حيث يسكن الأخيرة بشر متحضرون ويسكن الأولى بهائم سائبة؟
أنا لست أتهم الحكومة السودانية او الفريق البشير على ما حدث في دارفور، ولست املك حقا في ذلك، لكني اقول للدول العربية جميعها كيف يمكن ان تبني موقفا على جهل لا معرفة؟ كيف لها ان تعلم ما حدث فعلا في ذاك الاقليم البعيد وهي لم تزره، ولا كلفت مندوبا واحدا لزيارته؟
هل لأن اهل دارفور ليسوا عربا فاهملناهم؟ ليكن، أوليس كلهم مسلمون؟
لننسى انهم كذلك، أليس كلهم بشر يستحقون الحياة التي نحياها سواء بسواء؟
نحن رفضنا موقف المحكمة الدولية. لكن المحكمة بنت قراراها على زيارات ميدانية وشهود عيان. نحن ايضا اتخذنا قرارنا ورفضنا غيره، لكن بلا شهود، وبلا معرفة.
نحن نريد ان نكون منصفين مع السودان حكومة وشعبا، لكن يجب ان نكون منصفين أيضا مع آلاف الضحايا من نساء واطفال قتلوا واغتصبوا بلا تهمة او ذنب.
ويبقى السؤال الذي يجب ان لا ننساه: ان كانت الحكومة السودانية بريئة من دم دارفور، فمن هو المتهم، وما الذي فعلته الحكومة هناك وفعلناه نحن تجاه هذا المتهم؟