في الذكرى الأولى لاحتلال تنظيم "داعش" لمدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى العراقية الشمالية، وصف نائب الرئيس العراقي النجيفي هذا الاحتلال بأنه يوم أسود، منتقدًا عدم الاهتمام بتحريرها، مؤكدًا أن تخليصها من الإرهاب لن يتم الا من قبل ابنائها.. فيما أعلنت لجنة التحقيق بالسقوط أن تقريرها سيعلن الشهر المقبل.. بينما حذر رئيس البرلمان العراقي من خطورة الاستقطاب الاقليمي في بلاده، والذي جعل منها ساحة لصراع اقليمي.
لندن: قال نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي، وهو من أبناء الموصل، إن احتلال المدينة الذي تصادف ذكراه الاولى غداً الاربعاء "يوم كارثي أسود فيه طغى وتجبر وأفسد في الأرض من حمل راية الإسلام كذبًا&وأمعن في طعن ثوابت الدين الحنيف".
وأضاف ان داعش طاقة عدوانية على الأرض والإنسان، لم يسلم من شرورها شاخص حضاري، ولا مقام لنبي، ولا جامع أو كنيسة، ولا آثار يمتد زمنها إلى ما قبل التاريخ، ولم يسلم شيخ أو طفل أو امرأة، فكانت تدميرًا حقيقيًا لذاكرة الإنسان وهويته" كما قال في بيان صحافي اليوم لمناسبة ذكرى احتلال المدينة، حصلت "إيلاف" على نصه.
وأشار إلى أنّ فعل داعش التدميري لم يكن مختصًا بنينوى بل امتد إلى ديإلى وصلاح الدين والأنبار وكركوك، إنه فعل يستهدف الإنسان العراقي في أية بقعة من أرض العراق وحتى يتجاوز ذلك إلى استهداف القيم والمبادئ الإنسانية في العالم أجمع".
وشدد بالقول انه "في هذا اليوم ولمناسبة ذكرى اليوم المشؤوم، لابد من وقفة شجاعة عمادها معالجة الأخطاء والانطلاق بعزم نحو التحرير".
وأضاف أن الآمال كانت كانت كبيرة بعد تشكيل حكومة حيدر العبادي (في ايلول - سبتمبر الماضي) وكانت تتسع لتحيط بما يأمله المواطن العراقي في تحقيق نهضة تستجيب لنداء التحرير وتلبي طموحاته في وطن آمن ومستقبل مشرق، لكن الآمال الكبيرة سرعان ما خبت وتلكأت عبر مسوغات أساسها عدم توفر الثقة والتردد وهواجس أطراف سياسية وضعت العصي في دواليب حركة الحكومة بهدف منعها من تحقيق انجازات على وفق حسابات تبتعد عن حاجات المواطنين وأهدافهم.
وأشار إلى أنّه لذلك عانت فقرات وبنود الاتفاق السياسي، الذي تشكلت الحكومة في ضوئه، من ولادة عسيرة لبعضها، وما زالت غالبية الفقرات تخضع إلى عمليات جوهرها الالتفاف على المضمون الأصلي لها، وفي هذا ضربة للمصالحة الوطنية، وتقوية للاتجاه المضاد لمصالح المواطنين.
وقال إنه من المؤسف إن بعض سياسات الحكومة السابقة بالاستهداف السياسي ما زالت قائمة، وما زالت أجواء القلق وعدم ثقة مواطني المناطق المحتلة بما ستؤول عليه الأمور قائمة أيضًا، ولابد من تطمينات تضمن عدم عودة المظالم السابقة التي شهدتها هذه المناطق، وأن يكون قرار المستقبل بيد الحكومات المنتخبة وبما يتفق مع الدستور، وتوفير مستلزمات التحرير كافة لأبناء المناطق المحتلة، فالتحرير حق وواجب، وهم أقدر من غيرهم على تحقيقه لأنهم من اكتوى بنار داعش، وعاش يومها الأسود.
وأكد النجيفي على أن معركة تحرير نينوى لم تلقَ للأسف الاهتمام المطلوب، ما دفع أبناء الموصل إلى الاعتماد على أنفسهم في تهيئة المتطوعين وفتح معسكرات التحرير ومواصلة التدريب، دون دعم يرتقي إلى الأهمية الاستثنائية التي تشكلها نينوى، وبرغم الأصوات التي تعلو ليل نهار بضرورة التسليح والدعم، فلا يزال التقصير قائمًا، بل أن هناك بعض الأصوات الموتورة تحاول التشكيك بالفعل القتالي والاستعدادات لمعسكرات تحرير نينوى، ما يقدم خدمة مباشرة لأعداء الوطن.
وشدد على أن تحرير نينوى لن يكون إلا بيد أبنائها، فهم يمتلكون من القوى البشرية ما يشكل فخرًا لتاريخ من المآثر والبطولات، وهم متحدون في كتائب جاهزة للدفاع عن أرضهم ودحر قوى الظلام التي يمثلها داعش، إنهم بانتظار السلاح، بانتظار ما يقوي زندهم في المواجهة المصيرية، وهي مسؤولية الحكومة، ومسؤولية قوى الخير التي أجمعت أن داعش تهديد للجميع.
واوضح أن مسؤولية سقوط الموصل يتحملها من كان مكلفًا بحمايتها، أما ترك شعب نينوى الأعزل ليواجه قوة سوداء في الوقت الذي تخلت عنه فرق وألوية وأفواج، فهو أمر يفوق قدرة التفكير السليم على استيعابه أو تبريره بأي شكل من الأشكال، ولم يكن الأمر مقتصرًا على الموصل فما حدث في صلاح الدين والأنبار هو استمرار لذات المنهج الفاشل، ما يوجب على الحكومة وعلى القائد العام للقوات المسلحة تداركه سريعًا، والعمل على هيكلة الجيش بما يؤهله لأداء واجباته الوطنية المقدسة.
ونوه النجيفي إلى أنّه "في هذه الذكرى الأليمة، تبرز مأساة النازحين والمهجرين بأقسى صورها، فهم ضحايا أبرياء يدفعون ثمنا باهظًا لرفضهم لداعش، ويشهدون تقصيرًا واضحًا من قبل أجهزة الدولة، وتقصيرًا من المجتمع الدولي تجاه ما يعانونه من ظروف صعبة في حياتهم اليومية التي تفتقد أبسط شروط العيش الكريم".
وقال إن الحل النهائي يكمن في عودتهم إلى مدنهم وقصباتهم بعد دحر داعش، وإعادة تأهيل البنى التحتية وشروط الحياة لهم، وهذا يدعونا جميعاً إلى التكاتف من أجل القضاء النهائي على الإرهاب وفي الوصول إلى هذا الهدف الوطني الكبير لابد من رعاية استثنائية للنازحين للتخفيف من مأساتهم ومعاناتهم".
ونوه بأن تحرير نينوى يعني كسر ظهر الإرهاب، وسقوط الهالة المزيفة التي صنعت حول داعش،& لذلك فإن أمام أبناء نينوى الأصلاء مهمة تاريخية سينحني العالم أمامها وهي تخليص المجتمع الدولي من شرور منهج معادٍ للإنسانية.
وخاطب نائب الرئيس العراقي مواطني محافظة نينوى قائلاً "يا أبناء نينوى الكرام، يا حاملي راية التحرير، يا من قبضتم على جمرة النار بأياد مكشوفة، وقلوب عامرة بالايمان بأن الموصل تمتلك من الأصالة والعزة ما سيخيب آمال داعش، فقد شهدت مدينتكم في تاريخها العريق، ما أجبر أعداءها على احترام عزم آبائكم وأجدادكم في الذود عنها.. يومكم الأغر ليس بعيدًا وسيتحقق بعزمكم وإرادتكم إن شاء الله".
نتائج التحقيق بسقوط الموصل الشهر المقبل
ومن جهتها اعلنت لجنة الامن والدفاع البرلمانية العراقية أن لجنة التحقيق في سقوط الموصل ستعرض نتائج تقريرها النهائي رسميًا خلال جلسات الاسبوع الاول من الفصل التشريعي المقبل في تموز (يوليو) المقبل.
وابلغ رئيس اللجنة حاكم الزاملي الوكالة الوطنية العراقية للانباء أن لجنة التحقيق ستقدم خلاصة نتائج التقرير النهائي في الاسبوع الاول من الفصل التشريعي المقبل بالاتفاق مع هيئة رئاسة مجلس النواب. وأوضح& ان فريق التحقيق يعكف حاليًا على مناقشة صياغة التقرير النهائي لعرض نتائج مهمة توصلت لها التحقيقات تتناسب مع مستوى الحدث الامني.
وأضاف الزاملي أن لجنة التحقيق انهت استدعاء معظم الشخصيات العسكرية والامنية والمحلية ذات الصلة بقضية سقوط الموصل، او الاخرى التي ورد ذكرها ضمن مجريات التحقيق.
وأكد أن الجزء الاخير المتبقي لانتهاء عمل لجنة التحقيق رسميًا واغلاق ملف سقوط الموصل، هو تسلم اجابات الاسئلة التحريرية الموجهة إلى القائد العام السابق للقوات المسلحة نوري المالكي ورئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، التي لم تصل حتى الان. ولفت إلى أنّ اللجنة لاتزال تنتظر اجابة الرئاسات لتضمينها في التقرير النهائي.
وكانت لجنة التحقيق في سقوط الموصل اعلنت الشهر الماضي عن تقديم تقريرها النهائي قبيل حلول الذكرى السنوية الاولى لسيطرة تنظيم داعش على الموصل العام الماضي لكنها تراجعت عن ذلك وقررت توجيه لائحة اسئلة تحريرية إلى المالكي والنجيفي وبارزاني لتدوين افاداتهم ضمن ملف التحقيق.
ولم تستطع اللجنة استدعاء أي من المسؤولين السياسيين الكبار وفي مقدمتهم رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي&لدى احتلال المدنية، والذي تؤكد مصادر عسكرية وسياسية متعددة انه لايمكن لاي تشكيل عسكري الانسحاب دون امر من القائد العام للقوات المسلحة، والذي كان يشغله المالكي.
ولا يزال العراقيون بانتظار نتائج التحقيق في سقوط الموصل، وسط شكوك بقدرة اللجنة على تحديد المسؤول عن العملية أو محاسبة المقصرين فيها.
الجبوري يحذر من مخاطر الاستقطاب الاقليمي في العراق
أكد رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري أن إصلاح العملية السياسية في العراق لا يمكن أن ينجح دون التخلص من سياسة الاستقطاب الإقليمي. وقال الجبوري متحدثًا في محاضرة القاها بمركز السلام الاميركي في واشنطن الليلة الماضية إن سياسة الاستقطاب هذه&جعلت العراق ساحة للصراع الإقليمي يخوضه بالنيابة عن الفرقاء في العملية السياسية.
وأكد أن إصلاح العملية السياسية يتطلب التخلص من هذه السياسة بمعونة الاصدقاء في الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية المؤثرة في المنطقة للضغط على الفرقاء ودول المنطقة من أجل الكف عن تدخلها في الشأن العراقي الداخلي ودعم العراق في مواجهة الإرهاب،&وقال إن الإرهاب أصبح أداة للتدخل في شؤون العراق عبر إدامة زخم تنظيم داعش وتكرار نموذج محدد من العمليات الإرهابية التي تستهدف الشعب العراقي.
واوضح الجبوري ان الاجتياح الذي قام به التنظيم لم يكن مفاجئًا لأنه جاء نتيجة سياسة الإقصاء والتهميش وكبت الحريات التي مورست خلال أعوام، اضافة إلى أنّه جاء نتيجة طبيعية لظاهرة الفساد الإداري والمالي التي وصلت أذرعها الأخطبوطية إلى المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة الأخرى.
وأشار الجبوري إلى أنّ" السكان في المناطق الخاضعة للتنظيم الإرهابي هم وحدهم القادرون على تحرير أراضيهم، وليسوا بحاجة إلى الآخرين.. ونوه إلى أنّ العراق انتج نحو 3 ملايين نازح، مبينًا أن هؤلاء تم اتهامهم ومنعهم من الوصول إلى بر آمن.
وفي كلمة اخرى امام اعضاء غرفة التجارة الاميركية، حيث التقى كبار المستثمرين الاميركيين والعراقيين، قال الجبوري إن العراق انتج حوالي ثلاثة ملايين نازح من سكان المناطق التي سيطرت عليها داعش.. مبينًا انه "في إطار الجدل الذي انتجته تحربتنا العرجاء، تحولنا إلى اتهام هؤلاء النازحين وربطهم بملفات فشلنا في حسمها". وأضاف انه "بدلا من احتواء النازحين واعادة توجيه أفكارهم، اتهمناهم ومنعناهم من الوصول إلى بر آمن" مشيراً إلى "اننا خلقنا جيشًا جديدًا من المجندين المحتملين الذين يستهدفهم داعش".
وحذر الجبوري من أن مستقبل النازحين قد ضاع بين جدل السياسة العراقية المحكومة بتوازنات داخلية وخارجية، وبين خشيتنا من توفير وقود مجانيّ لداعش".. وقال "اننا نتفرج على تخريب ذهنية جيل كامل خلقته بيئة النزوح، من دون أن نقدم شيئًا حاسمًا في هذا الملف".
وبحث الجبوري مع المستثمرين العراقيين والاميركيين سبل الارتقاء بالاقتصاد العراقي ومواجهة التحديات الحالية.. اضافة إلى ضرورة حماية المستثمر من خلال سن مجموعة من التشريعات التي تسهم في تحريك عجلة الاستثمار وازالة العراقيل التي تحول دون ذلك.
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وصل إلى العاصمة الاميركية واشنطن السبت الماضي بعد انتهاء زيارة اوروبية قادته لحاضرة الفاتيكان في ايطاليا ومقر الاتحاد الاوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل حيث تم اطلاق حملة اوروبية لجمع نصف مليار دولار لدعم الاحتياجات الانسانية للنازحين العراقيين.
وكان تنظيم داعش قد سيطر في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014 على مدينة الموصل ثاني كبرى مدن البلاد بعد اقل من 24 ساعة على بدئه هجومًا شارك فيه حوالي 300 مقاتل لداعش فقط وواصل التنظيم في حينه بدعم من فصائل مسلحة موالية التقدم جنوبًا، ما اثار مخاوف من قدرته على الوصول إلى بغداد.
وانهارت امام تقدم التنظيم العديد من قطعات الجيش، وترك الضباط والجنود مواقعهم واسلحتهم الثقيلة صيداً سهلاً للتنظيم الذي استحوذ على آلاف العربات المدرعة والبنادق والتجهيزات، ما كشف مستوى العجز والفساد الذي تعاني منه القوات الامنية رغم استثمار مليارات الدولارات فيها.
التعليقات