تقول مجلة تايم الأميركية إن رهان باراك أوباما على علاقات طيبة مع إيران محفوف بالمخاطر، يذكر برهان ريتشارد نيكسون على انفراجة سياسية مع السوفيات.

القاهرة: بدأت تُعقَد بعض المقارنات خلال الآونة الأخيرة بين الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع إيران وتفاؤله بشأن بدء مرحلة منفتحة جديدة مع الخصم طويل الأمد لواشنطن وبين انفتاح الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون التاريخي مع الصين والانفراجة التي نجح في التوصل إليها مع الاتحاد السوفياتي. لكن هنري كيسينجر، مهندس السياسة الخارجية للرئيس نيكسون، أوضح الربيع الماضي أن الانفتاح مع إيران، وفقًا للشروط الحالية، ليس كذلك الذي عمل عليه من قبل.

رهان محفوف بالمخاطر

علقت على ذلك مجلة تايم الأميركية بقولها: "يتعين على أوباما أن يتذكر أنه بينما قد تبدو المقارنات التاريخية مع الصين وروسيا مغرية، فإن الأحداث قد لا تسير بالطريقة التي يتوقعها".

وتابعت المجلة: "أوباما يعمل على رهان محفوف بالمخاطر، مفاده أنه مع انفتاح إيران اقتصاديًا وتقوية العلاقات الدبلوماسية بينهما، فإن قيادة طهران ستنحرف بعيدًا عن مواجهتها الإيديولوجية التي تلت العام 1979 مع الولايات المتحدة، وستمضي بجدية نحو تعزيز أوجه التواصل والتعاون مع واشنطن".

ورأت تايم أن ذلك الانفتاح سيمنح القوة لقيادات إيرانية مماثلة للزعيمين الصيني دنغ شياو بينغ والروسي ميخائيل غورباتشوف، ممن سيخلصون إلى أن التضحية بعملية اندماج إيران في الاقتصاد العالمي تشكل ثمنًا باهظًا بالنسبة لطهران لكي تواصل سياسات زعزعة الاستقرار في المنطقة وامتلاك سلاح نووي في المستقبل. أما متشددو إيران فسيبقون في الظل، وسط توقعات بأن يتصدر المشهد جيل جديد عما قريب.

تغيير في سياسات طهران

ومضت تايم تقول إن مراهنة أوباما على تحول داخلي أمر خطر. فبعد ذلك كله، لا يتسم آية الله خامنئي ومن يحيطون به من مسؤولين في تلك الدولة المظلمة بالمرونة التي تتيح لهم إمكانية التغير بشكل واقعي. ويجب أن تُذَكِّر ثورة إيران الخضراء التي حدثت عام 2009 واشنطن بقدرة النظام القديم على الانكماش.

ورغم الدعم الذي يحظى به الرئيس الإيراني حسن روحاني من قِبل النخبة، الطبقة المتوسطة والأجيال الشابة ممن يسعون لمزيد من الانفتاح والتواصل الاقتصادي مع إيران، إلا أنه مقيد بشدة من قبل القيادة المحافظة والعوامل القسرية للجمهورية الإسلامية.

وإن حدثت تغيرات داخلية، فلن تتضح التأثيرات الناجمة عن ذلك ولن تكون هناك إمكانية للتنبؤ بها. والمشكلة الأخرى، على حد قول تايم، هي أن آية الله خامنئي نجح في تأمين تخفيف العقوبات الاقتصادية في مقابل تأجيل تطوير البرنامج النووي لبلاده حتى بعد العام 2025. بالإضافة إلى أن بنود الاتفاق لم تتطرق إلى باقي أوجه الاختلاف مع واشنطن، بما في ذلك قضية حبس المواطنين الأميركيين الذين لا يزالون يقبعون في السجون الإيرانية، أو إحداث تغيير في سياسات طهران في المنطقة.

حوافز ايجابية قليلة

وأعقبت تايم بقولها إنه من غير الوارد أن يسعى خامنئي إلى إبرام شراكة مع الولايات المتحدة، بينما تحظى واشنطن الآن بنفوذ محدود للتشجيع على حدوث تعاون في المستقبل. ومن أسباب ذلك أن الاتفاق النووي لم يقدم لطهران سوى حوافز ايجابية قليلة لتعزيز التواصل الثنائي، وأنه جاء ليحرر الحكومة الإيرانية تمامًا من القيود الأممية المفروضة على محاولات تطوير أسلحتها وصواريخها في غضون 10 سنوات، كما أنه سيسمح لإيران بتوسيع برنامجها النووي بعد 15 عامًا.

وختمت تايم بقولها إنه سيكون من الحكمة لصناع القرار في واشنطن أن يستغلوا الأعوام العشرة المقبلة في دعم حلفاء أميركا الاقليميين، وايجاد طرق جديدة لاحتواء إيران وسياساتها في المنطقة، قبل أن يتم التخلي عن كل القيود المفروضة على سياساتها.&