اتهم المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني الحكومات التي تعاقبت بعد سقوط النظام السابق بتبديد أموال البلاد بالسرقات، وأكد أن الخلافات بين القوى السياسية في معظمها شخصية وفئوية ومناطقية، ودعا إلى حصر السلاح بيد الدولة وطالب بسياسات اقتصادية عملية تنقذ البلاد من أزمتها المالية الخانقة.

لندن: قال السيد أحمد الصافي معتمد المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني خطيب جمعة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، خلال خطبة اليوم، التي تابعتها "إيلاف"، إن العراق يمتلك مقومات الدولة القوية اقتصادياً وماليًا لما فيه من ثروات طبيعية وامكانيات وسواعد وعقول متخصصة، لكن الحكومات المتعاقبة على البلاد ومنذ عدة عقود لم تعمل على تسخيرها لخدمة الشعب وتوفير الحياة الكريمة له وانما اهدرت معظم موارده المالية بالحروب والنزوات الوقتية.

وأشار إلى أنّه خلال الفترة الاخيرة وعلى الرغم من انبثاق حكومات من خلال انتخابات حرة، لكن الاوضاع لم تتحسن إلى الافضل في كثير من المجالات، بل ان معاناة الشعب زادت وتفاقمت نتيجة الحجم الواسع للفساد المالي والاداري والاوضاع الامنية المتدهورة وبشكل منع من استغلال موارد البلاد المالية لخدمة مواطنيها وسعادتهم.

وأضاف أنّ العراق يعاني هذه الايام تحديات كبيرة في مقدمتها الارهاب الداعشي والتحدي الامني الخطير الناتج عن احتضان البعض للارهابيين والفتك بإخوانهم وشركائهم في الوطن عن طريق الاحزمة الناسفة والمفخخات.. إضافة إلى تعديات حاملي السلاح خارج اطار الدولة على المواطنين واموالهم.

تحذير من انهيار أوضاع البلاد المعيشية

وحذر معتمد السيستاني من خطورة التحدي المالي والاقتصادي الذي يواجه العراق حاليًا، وتهديده بانهيار اوضاع البلاد المعيشية بسبب انخفاض اسعار النفط وعدم وجود خطط اقتصادية ناجحة وعدم مكافحة الفساد بخطوات جدية. وقال "لقد بحت أصواتنا بلا جدوى من تكرار دعوة الأطراف المعنية من مختلف المكونات إلى رعاية السلم الأهلي والتعايش السلمي بين ابناء هذا الوطن وحصر السلاح بيد الدولة ودعوة المسؤولين والقوى السياسية التي بيدها زمام الأمور بأن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وأن ينبذوا الخلافات السياسية التي ليس وراءها إلا المصالح الشخصية والفئوية والمناطقية وان يجمعوا كلمتهم على ادارة البلد بما يحقق السعادة والتقدم لأبناء شعبهم، وهذا كله ذكرناه حتى بحت اصواتنا ".

وشدد على السياسيين والقوى السياسية التي بيدها زمام امور البلاد حاليًا إلى تقدير حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونبذ الخلافات السياسية وهي في معظمها شخصية وفئوية ومناطقية وأن يجمعوا على خدمة البلاد وسعادة شعبه الذي قدم ابناؤه كل ما امكنهم من اموال وارواح دفاعًا عن الارض والعرض والمقدسات مسطرًا أروع انواع البطولة في محاربة الارهابيين.. وشدد على ان هذا الشعب يستحق اكثر من حكامه للتصدي لادارة البلاد وتسخير جميع امكاناتها لخدمة المواطنين وتطوير مؤسسات الدولة وتطهيرها من الفساد والمفسدين وايجاد منافذ مالية جديدة ووضع خطط اقتصادية ناجحة لمعالجة اوضاع البلاد المالية المنهارة والخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة الحالية.

وكان وزير المالية العراقي هوشيار زيباري قدم امس صورة قاتمة لاوضاع البلاد المالية خلال العام الحالي متوقعاً أن تكون صعبة وقاسية. وحذر زيباري من ان العام الحالي سيكون صعبًا وقاسيًا، وقال "لقد تجاوزنا عام 2015 بنجاح من الناحية المالية وتجاوزنا المصاعب المالية وأمن رواتب الموظفين على الرغم من وجود أزمة اقتصادية في العراق".

وأشار زيباري إلى أن المصروفات العامة ازدادت في العام الماضي بسبب ما واجهته الحكومة العراقية في الجانب العسكري، في إشارة إلى التكاليف الباهظة للحرب ضد الارهاب.

وأوضح زيباري ان من واجب الحكومة أن تكاشف الشعب بحقيقة الأزمة المالية منوهًا إلى أنّ الدولة ملزمة بدفع حوالي 3 مليارات دولار مرتبات شهرية وعليها توفيرها بمختلف الموارد. وتوقع استمرار انخفاض اسعار النفط محذرًا من مصاعب تواجه البلاد من هذه الناحية، حيث ان سعر برميل النفط في موازنة العراق العامة لعام 2016 هو 45 دولاراً، ولكن يتم بيعه بسعر 20 دولارًا.. داقًا ناقوس خطر محدودية الايرادات النفطية، مشددًا على ضرورة ايجاد بدائل توفر موارد إلى البلاد ومنها طرح سندات بيع في داخل العراق وخارجه.

ويعاني العراق حاليًا أزمة مالية صعبة نتيجة الانهيار الحاد لاسعار النفط الذي تعتمد عليه البلاد بنسبة 90 بالمائة لتأمين مواردها المالية، اضافة إلى نفقات الحرب الباهظة التي تخوضها ضد تنظيم "داعش" في مختلف مناطق العراق منذ حوالي العامين.