على الرغم من انقياد مقتدى الصدر وراء أسياده الإيرانيين في مساعيهم لإجهاض الحراك الشعبي العراقي، تبدو ثورة العراقيين مستمرة وبزخم كبير، غير عابئة ببطش السلطة وبأساليب الصدريين وفتنهم.

إيلاف من بيروت: ما عاد الكلام عن مساعي إيران، بوساطة عملائها في العراق، إلى إطفاء نار الحراك الشعبي جديدًا أو مفاجئًا، خصوصًا أن هذا الحراك هو الأخطر على النفوذ الإيراني في المنطقة، كونه يحصل في حديقة طهران الخلفية، وخصوصًا أيضًا أن لطهران من هو متطوع ليلتقط عنها جمرات العراق.. مقتدى الصدر الذي يلقب نفسه "عاشق العراق".

"هل ينجح الصدر بدعم إيراني في إنهاء الحراك الشعبي في العراق؟". كان هذا هو السؤال الذي وجهته "إيلاف" لقرائها في الأسبوع المنصرم. أجاب عنه ٤٠٣ قارئًا، اختار ١٢٪ منهم الإجابة بـ "نعم"، فيما اختار ٨٨٪ منهم الإجابة بـ "لا".

اتفاق الصدر - إيران

يبدو أن الصدر لا يتوقف عن تقديم خدماته لأسياده الإيرانيين، ويقول مراقبون إن التوافق على محمد توفيق علاوي رئيسًا للحكومة العراقية لم يتم في العراق بل في إيران، وإن الصدر طلب اختيار علاوي كي يوافق على إنهاء الحراك الشعبي. وتقول تقارير صحفية إن علاوي وافق على تحقيق بعض مطالب المنفضين مثل مكافحة الفساد وتقديم مسؤولين عن قتل المتظاهرين إلى العدالة، وإلى أن الإيرانيين وافقوا عليه لأنه ضعيف أمام الصدر الذي لن يسمح له بفتح ملفات فساد بوجه رجال إيران في العراق.

تؤكد هذه التقارير أن اتفاق الإيرانيين – الصدر حصل في اجتماع حضره الصدر وقادة في الحشد الشعبي، تم فيها إعلان هذه القيادات ولاءها لـ "جبهة موحدة للمقاومة" يقودها الصدر ضد الولايات المتحدة، والتأكيد أن على رئيس الوزراء الجديد وقف التظاهرات، واستعادة السيطرة على أمن البلاد، والتأكد من عودة مؤسسات الدولة، بما فيها المدارس والجامعات إلى الدوام المنتظم، والحجة كما هي دائمًا: التهديد الأميركي لأمن العراق.

بعد انكشاف أمر الاتفاق بين الصدر وعلاوي، دخل آلاف من "سرايا السلام" المعروفين بالقبعات الزرق وهم من أنصار الصدر إلى منطقة الاعتصام فاشتبكت مع المتظاهرين، وسعت إلى السيطرة على إذاعة "الحراك". ترافق ذلك مع تغريد الصدر على تويتر مؤكدًا ضرورة "تنقية" المتظاهرين من المحرضين، وفتح الطرق، وعودة التلاميد إلى المدارس والجامعات.

لم يؤثر

لكن خروج التيار الصدر من ساحات الاعتصام والانقلاب على المتظاهرين والسعي الحثيث لإجهاض ثورتهم لم يؤثر في زخم الحراك الشعبي الإيراني، إذ شهدت هذه الساحات تصعيدًا غير مسبوق ومشاركة شعبية واسعة النطاق عززت صمود المنتفضين.

توافد طلبة الجامعات إلى ساحات التظاهر بمئات الآلاف ليؤكدوا أن ثورة الطلاب العراقيين مستمرة، وأن الصدر سيخفق في إجهاضها. إلى ذلك، تجاهل المنتفضون فتاوى صدرية تحرم اختلاط النساء والرجال في التظاهرات، وقوى تعرض بعض الناشطات للاعتداء من أتباع الصدر حماسة المشاركات في الحراك، فنظمن تظاهرات ضخمة في بغداد والناصرية والبصرة رافعات شعار "بناتك يا وطن" ردًا على تجاوزات أعوان مقتدى الصدر.

تدابير حراكية

على الرغم من تصاعد البطش وتفشي ظاهرتي الاعتقالات والاغتيالات، شهدت التظاهرات العراقية تطورًا مهمًا، تمثل في الأتي: توجيه تنسيقيات الثورة والناشطين رسائل إلى أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، تدعوه فيها إلى حمايتهم بوصفهم متظاهرين سلميين من قمع السلطة العراقية وميليشيات إيران التي تحمي الفساد والفاسدين؛ تشكيل قوى سياسية وحقوقية عراقية عن تشكيل فريق من محامي الثورة يرصد الانتهاكات التي يتعرض لها حراك الشعب العراق وأعمال العنف ضد المتظاهرين، ويوصلها في تقارير متتابعة إلى المحاكم الجنائية المحلية والدولية؛ التعويل على الإدانات الصادرة عن إطراف دولية لأعمال العنف ضد المتظاهرين، ومطالبة هذه الأطراف الحكومة العراقية بحماية المتظاهرين؛ وتعزيز القدرات الشعبية على الصمود في الساحات، والحد قدر الإمكان من اختراق أنصار الصدر للساحات، لمنعهم من زرع الفتن بين المتظاهرين أو إثارة الشغب في هذه الساحات.