اندريه مهاوج من باريس: يبدأ الرئيس الفرنسي جاك شيراك اليوم زيارة دولة الى الصين من اربعة ايام برفقة عدد من الوزراء بينهم وزير الخارجية فيليب دوستي بلازي كما يرافقه وفد من رجال الاعمال والصناعييين الفرنسيين الساعين للاستثمار في الصين او للحصول على اسواق جديدة للمنتوجات الفرنسية .

واذا كانت هذه الرحلة هي اخر الرحلات الرئاسية الكبرى لشيراك قبل نهاية عهده فان النتائج التي كان كانت تامل باريس بتحقيقها من خلال quot;التعاون الاستراتيجي quot; الذي تم اطلاقه منذ وصول هو جينتاو الى الحكم لم يكن على قدر الامال . وهذا ما اضطرقصر الاليزيه للدفاع عن هذا الخيار الاستراتيجي باعلانه في بيان رسمي عشية الرحلة ان شيراك مقتنع تماما بان جزءا من المكانة والنفوذ الفرنسيين في العالم يتوقف على قدرتها على بناء علاقة مميزة وقوية مع الصين .

البند الاول والاساسي على جدول اعمال هذه الزيارة يتعلق بالعلاقات الاقتصادية وبسعي باريس لتدعيم موقعها في التبادل التجاري مع الصين وفتح اسواق جديدة للشركات الفرنسية التي زادت صادرتها الى الصين بنسبة 30 بالمة منذ عام 2000 . ولكن شيراك يطمح ايضا للحصول على عقود كبرى تحديدا ف يمجال بناء مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء اذ ان الصين تنوي ان تبنى اربعا من المفاعلات حتى عام 2020 كما ان شيراك يامل بان يتم اختيار شركات فرنسية لبناء خط نقل القطار السريع بين بكين وشنغهاي .

واذا كانت مصادر الاليزيه تتوقع ان تؤدي الزيارة الى زيادة التعاون الاقتصادي على رغم وجود منافسين اقوياء فرنسا ، مثل المانيا ،على السوق الصينية التي يقدر حجم التبادلات فيها ما بين 14 او 18 بالمئة من التجارة العالمية من الان وحتى عام 2020 مقابل 4 فاصل 5 بالمئة فقط حاليا فان الشكوك لا تزال تحيط بعزم بكين على التعاون الكامل مع باريس في الملفات الدولية . صحيح ان فرنسا هي البلد الاوروبي الوحيد الذي استطاع ان يقيم علاقات حميمة مع الصين ولكن على الرغم من ذلك فان شيراك يجد حتى الان صعوبة في اقناع نظيره الصيني بضرورة التعاون التام من اجل بناء عالم متعدد الاطراف مفضلة في بعض الاحيان اعتماد منطق المصالح الوطنية وهذا ما يقف وراء تساهل ايران مع بلدان تمدها بالطاقة مثل ايران او حتى السودان اضافة الى الدعم السياسي الذي يقدمه هو جينتاو لبعض الدول الافريقية
في مواجهة فرنسا من دون ان ننسى فشل لفرنسا في اقناع الصين بتطبيع العلاقة مع اليابان الشريك الوفي للغرب وازالة اسباب التوتر الدائم بين بكين وطوكيو .

قد يجد شيراك نفسه محرجا خلال محادثاته الرسمية بسبب عدم تمكنه من اقناع الاتحاد الاوروبي برفع الحظر عن الاسلحة المفروض على الصين منذ احداث ربيعي بكين في عام 1989 ، وهو حظر لا يرى الرئيس الفرنسي فائدة منه ويعتقد ان الزمن تخطاه وقد وعد المسؤولين الصينيين خلال زيارته السابقة قبل عامين لبكين بالعمل لاقناع تظرائه الاوروبيين بالتخلي عنه . ومقابل هذا الفشل فان الدبلوماسية الصينية سجلت من دون شك نقاطا لصالحها في السياسة الدولية اخرها من خلال قيامها بدور رئيس في معالجة الملف النووي لكوريا الشمالية ومن خلال تعاونها لاتام مع اركان المجتمع الدولي في معالجة هذه المسالة ولكن يبقى السعي الايراني لامتلاك التكنولوجيا النووية من بين الملفات الساخنة التي سيناقشها شيراك مع المسؤولين الصينيين وقد لا تكون مهمته بالسهولة المرتجاة في اقناع بكين باظهار الحزم الكامل تجاه طهران وبالتعاون التام مع اركان المجتمع الدولي وازالة تحفظاتها عن بعض بنود مشروع العقوبات .

يبقى ان شيراك سيثير خلال وجوده في بكين قضايا عالمية مثل الوضع في لبنان نظرا للتاثير الذي يمكن ان تمارسه الصين على سوريا لناحية وقف أي تدخل سلبي في شؤون هذا البلد او عرقلة مسيرة حكومة فؤاد السنيورة او محاولة تعطيل تشكيل محكمة ذات طابع دولي للنظر في اغتيال رفيق الحريري.

الزيارة ستكون مناسبة لمناقشة الحلول الممكنة للوضع الفلسطيني ـ الاسرائيلي واعادة اطلاق عملية السلام من خلال تفعيل دور اللجنة الرباعية كل ذلك في اطار ما يقول شيراك انه quot; ممارسة طبيعية للمسؤوليات المترتبة على عاتق الصين نظرا لمكانتها كقوة كبرى quot; وفي هذا القول احدى مرتكزات سياسة شيراك بمحاربة التفرد الاميركي بالشؤون الدولية وبناء عالم متعدد الاطراف .