فرنسا تعارض انسحابا اميركيا سريعا من العراق
اندريه مهاوج من باريس: تتريث فرنسا في اتخاذ موقف من الجدل الدائر حاليا داخل الدول التي شكلت quot; نواة الحربquot; على العراق أي الولايات المتحدة الاميركية وحليفتها الرئيسية بريطانيا . وفضل المسؤولون الفرنسيون تحاشي التعليق على النقاش الدائر داخل الادارة الاميركية والذي دخل عليه رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير بشان تغيير الاستراتيجية المتبعة في العراق وتجاه الازمات العامة في منطقة الشرق الاوسط وتاثيرها على تصاعد موجة التطرف .

ولكن فرنسا التي كانت منذ البداية ضد الحرب في العراق والتي كانت تنادي دوما بان العنف يولد العنف وان الحل يجب ان يكون دبلوماسيا لا تزال تتمسك ببعض الثوابت السياسية في منطقة الشرق الاوسط ولا ترى موجبا لتغييرها او اعادة النظر فيها تحت تاثير العنف الدائم في العراق . ففرنسا التي تطالب سوريا بالالتزام الكامل بما تفرضه عليها القرارات الدولية الصادرة تباعا منذ القرار 1559 لا تزال مصرة على عدم فتح حوار مع دمشق او على الاقل على عدم اشراكها في أي quot;صفقةquot; على حساب لبنان . واذا كانت الرؤية الفرنسية لسلبيات الدور السوري النافذ في لبنان التقت مع مصالح الولايات المتحدة عام 2004 وانتجت بعدها اتفاقا بين الرئيسين جاك شيراك وجورج بوش على العمل داخل مجلس الامن من اجل اخراج سوريا من لبنان فان باريس ترى ان الوقت بدأ يدهم وان أي تاخير منذ الان في ترتيب اوضاع البيت اللبناني بالكامل قد يهدد بعودة الامور سنوات الى الوراء وهذا يعني عمليا ان باريس لا تؤيد توصيات لجنة بيكر ولا نصائح رئيس الحكومة البريطانية بفتح حوار مع دمشق لتهدئة الوضع في العراق او ان يكون ثمن تجاوب سوريا غض النظرعن احتمالات عودتها مجددا الى الساحة اللبنانية .

وتعتبر باريس ان هناك موقفا اوروبيا من مسالة تجميد الحوار على مستوى عال مع دمشق طالما لم تنفذ ما هو مطلوب منها وفقا للقرارات الدولية وخصوصا في ما يتعلق بانهاء نفوذها كليا في لبنان والتعاون الكامل والايجابي مع المحققين الدوليين في اغتيال رفيق الحريري وترى باريس ان الموقف الاوروبي المذكور لا يزال سار المفعول وانه يجب عدم الالتفاف عليه عن طريق الملف العراقي حتى لا تفهم دمشق الرسالة بشكل خاطئ وتعتقد انها قادرة على المساومة على استعادة جزء من دورها في لبنان مقابل تعاونها في العراق. فلبنان يبقى النقطة المحورية في السياسة الخارجية السورية واستعادة زمام الامور في هذا البلد امر اساسي لسوريا التي لم تتقبل بعد ارغامها على الخروج من لبنان . وبالتالي فان فتح حوار يؤدي الى مساومة سيقلب المعادلة القائمة منذ سنتين بشكل كامل ويعتبر بنظر فرنسا عودة الى الوراء سيدفع لبنان ثمنه .

وبالمقابل فان باريس لم تعارض ابدا فتح الحوار مع طهران لا بل ان المسؤولين الفرنسيين كرروا مرارا خلال الاشهر القليلة الماضية اهمية ترك باب الحوار مفتوحا مع طهران ووصل الحد الى وزير الخارجية فيليب دوستي بلازي الى الاعلان من بيروت خلال زيارته لها في تموز يوليو الماضي ان ايران وان لها دورا مهما في المنطقة . وعلى رغم كل ما ياخذ على طهران من دعمها لحزب الله ومن عدم التزامها بمطالب المجتمع الدولي بشان ملفها النووي فان باريس لم ترد يوما قطع حبل الاتصال بايران معولة على درو ايجابي لها في المنطقة . من هنا يمكن القول ان فرنسا تريد الفصل في هذه المسالة بين سوريا التي بم تعد موضع ثقة وايران التي يمكن ان تشكل شريكا للغرب في حال قبلت بشروطه بشان الملف النووي وفقا لما وعد به طوني بلير .

ووفقا لذلك لا تريد باريس ان تربط بين ما قد يحدث في العراق و على ساحة الشرق الاوسط والعلاقة مع سوريا وايران وهي تعول على ثبات موقف الرئيس جورج بوش لعدم تغيير النهج المتبع حاليا تجاه دمشق وباريس ترى ان الحل في العراق لا يمر عبر سوريا بل عبر اشراك ممثلين عن جميع شرائح المجتمع في عملية الوفاق وعبر جدولة انسحاب للقوات الاجنبية وهذا ما قاله وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوستي بلازي معتبرا ان الاعلان عن روزنامة لنقل المهمات الامنية للسلطات العراقية يشكل رسالة للشعب العراقي مفادها ان هدف المجموعة الدولية هو اعادة السيادة الكاملة للعراق . بينما بشان الشرق الاوسط فان باريس تتمسك باطار اللجنة الرباعية من هنا جاءت اشادة الناطق باسم الخارجية بالاحتماع الذي عقدته اللجنة في القاهرة امس .