الياس توما من براغ : لقيت دعوة قمة الناتو التي عقدت في ريفا لصربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك للانضمام إلى برنامج الشراكة من اجل السلام ترحيبا كبيرا من قبل قيادات صربيا التي رأت في هذه الدعوة تخليا للغرب عن سياسة فرض الشروط وفي نفس الوقت على أن صربيا تنجح في تواصل عملية تكاملها مع الأطر الأوربية. ورأى رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيسا بان وجود بلاده في برنامج الشراكة سيوفر لها ضمانة أكبر بأنه سيتم الحفاظ على وحدة صربيا وأن إقليم كوسوفو سيبقى في صربيا مع تمتعه بحكم ذاتي جوهري بمعايير عالية .

وشدد كوشتونيستا على ضرورة التصرف بنفس الطريقة بالنسبة لوضع المفاوضات الخاصة بالاستقرار والشراكة مع الاتحاد الأوربي المجمدة منذ عدة أشهر بسبب عدم تعاون بلغراد حتى الآن وفق النيابة العامة في محكمة لاهاي مع المحكمة في ملف كبار المتهمين الصرب بارتكاب جرائم حرب ولاسيما القائد العسكري السابق لصرب البوسنة رادكو ملاديتش .

من جهته اعتبر رئيس صربيا، بوريس تاديتش بأن قبول صربيا في برنامج الشراكة من أجل السلام يمثل خبرا ممتاز للمواطنين وللجيش وللدولة في بلاده لكنه ذكّر بأن عدم تنفيذ الالتزامات تجاه محكمة لاهاي الدولية هو السبب الذي من أجله تأخر قبول صربيا حتى الآن . و أشار تاديتش إلى أنه لا يجوز لأحد أن يفكر بأنه بقبول صربيا في هذا البرنامج تكون قد سويت مسألة التعاون مع محكمة لاهاي الدولية داعيا إلى إنهاء هذه المشكلة وإلى مثول جميع المتهمين بارتكاب جرائم حرب أمام هذه المحكمة.

وبدوره رأى زوران ستانكوفيتش، وزير الدفاع بحكومة صربيا بأن قبول صربيا في برنامج الشراكة من أجل السلام سيعجل بقية عمليات التكامل وسيزيد من الاستثمارات الأجنبية في الدولة فيما أعرب فوك دراشكوفيتش، وزير خارجية صربيا عن توقعه بأن قبول صربيا في برنامج حلف الناتو quot;الشراكة من أجل السلامquot; سيفتح الباب أمام بلغراد لمواصلة المفاوضات الخاصة بالاستقرار والالتحاق بالاتحاد الأوروبي.

وأشار دراشكوفيتش إلى أن هذا ليس سوى رسالة واضحة للقوى السياسية الرجعية في صربيا بأنه لن تحصل بعد الآن عودة إلى الماضي. وعبر دراشكوفيتش عن توقعه بأن قرار قمة حلف الناتو في ريغا بقبول صربيا سيكون له أهمية كبيرة بالنسبة لمستقبل المنطقة بكاملها، وأنه سيحفز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذلك تحديث جيش صربيا .

في هذه الاثناء صرح برانيسلاف ميلينكوفيتش، سفير صربيا لدى حلف الناتو بأنه يتوقع في الأسبوع المقبل أن يقوم quot;المجلس الأورو-أطلسي للشراكةquot; وهو الهيئة السياسية الأساسية لبرنامج الشراكة من أجل السلام بتوجيه الدعوة لمشاركة ممثلين عن صربيا في أجهزة هذا البرنامج . وقال ميلينكوفيتش لوكالة بيتـا إنه من الضروري الآن توقيع وثيقة الأطر العريضة للشراكة، لكي تصبح مشاركة صربيا في البرنامج رسميا .

وكان قادة دول الحلف قد أكدوا في البيان الذي اقروه في ختام اجتماعهم أن الحلف سيواصل تقديم المساعدة في بناء المؤسسات في إقليم كوسوفو وتقدم العملية السياسية فيه، وأنه يدعم بالكامل مارتي أهتيساري، مبعوث الأمم المتحدة في الجهود التي تُبذل لإنهاء عملية تسوية الوضع القانوني للإقليم. كما أُكدوا في البيان أن قادة حلف الناتو قد قيّموا بأن بعثة قوات كيفور قد لعبت دورا مصيريا في إقامة الأمن في الإقليم، كما أن حلف الناتو سيكون مستعدا لاحقا ليبدي رد فعل سريع ضد أي تهديد للأمن. و أُكدوا أيضا بأن الحلف يولي أهمية خاصة لتطبيق المعايير المتعلقة بحقوق الأقليات وحماية المعالم التاريخية والدينية ومكافحة الإجرام والفساد. .

وتنص الوثيقة الختامية للقمة على أن عضوية صربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك في البرنامج ليست مشروطة بشكل رسمي. و أن رؤساء دول حلف الناتو اتخذوا مثل ذلك القرار آخذين بالاعتبار أهمية استقرار منطقة غبر البلقان لأمد طويل وكذلك التقدم الذي أُحرز حتى الآن. كما جاء في الوثيقة الختامية لقمة حلف الناتو أنه يُنتظر من هذه البلدان الثلاثة التعاون الكامل مع محكمة لاهاي الدولية وأن هذه القمة ستتابع باهتمام جهودها فيما يخص هذه المسألة. وأعلن أمين عام الحلف ياب دي هوب شيفير في ختام القمة بأن قرار الحلف لدعوة صربيا للدخول في برنامج الشراكة من أجل السلام هو خطوة سياسية في غاية الأهمية و أن قادة دول الحلف أرادوا بذلك أن يرسلوا رسالة قوية إلى دولة صربيا بأنهم يعتبروها عاملا مهما في المنطقة وأن الحلف يرغب في إقامة علاقات قوية معها، وشدد على أن حلف الناتو يتوقع من صربيا والبوسنة والهرسك إنهاء تعاونها مع محكمة لاهاي بشكل ناجح .