الياس يوسف من بيروت : أظهرت نتائج تصويت الفرنسيين المقيمين في لبنان في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسيةأنهم صبوا، كالعادة في لبنان، في اتجاه مرشح اليمين ، وجاءت النتائج كالآتي: عدد المسجلين على لوائح الشطب: 12384، عدد المقترعين : 6311 ، عدد الأصوات المحتسبة : 6200 ، نسبة المشاركة : 50.96 في المئة. ونال نيكولا ساركوزي 3265 صوتا أي نسبة 51.73، وفرنسوا بايرو 1563 صوتا أي نسبة 24.75 ، سيغولان رويال 911 صوتا أي نسبة 14.43 وجان ماري لوبين 281 صوتا.

وبنى الناخبون الفرنسيون في لبنان خيارهم على قاعدة من هو المرشح الأفضل للبنان والشرق الأوسط ومن هو الاكثر فاعلية في حفظ مكانة فرنسا عالميا ومنع انزلاقها نحو الفوضى. وكان واضحا ان مؤيدي quot;الموالاةquot; و quot;المعارضةquot; بين الناخبين الفرنسيين من اصل لبناني تركوا الحرية للناخبين للاقتراع للمرشح الذي يرونه الأفضل، ولكن لم تلتزم هذا الامر غالبية النساء الناخبات اللواتي أعربن عن حماسة كبيرة للمرشحة الى منصب الرئاسة الاولى في فرنسا سيغولين رويال.

ولوحظ أن اللبنانيين تابعوا بشغف انتخابات الرئاسة الفرنسية كما لم يفعلوا مع أي أنتخابات لبلد آخر، ولم يسبق لانتخابات الرئاسة في فرنسا ان كانت موضع ترقب واهتمام في لبنان كما يحصل في انتخابات العام ٢٠٠٧ . وهذا لا يعود فحسب الى العلاقة التاريخية الخاصة التي تربط بين لبنان وفرنسا وانما أيضا وخصوصا الى طبيعة الدور الفرنسي الاستثنائي في لبنان على مدى العامين الماضيين والذي كان له تأثير مباشر وفعال على الوضع في لبنان وتطوره ومساره في مرحلة ما بعد الخروج السوري الذي بدأ العد العكسي له مع صدور القرار ١٥٥٩ .

فهذا القرار الدولي المفصلي والتاريخي للبنان والذي قضى بخروج الجيش السوري منه بعد مضي 30 عاماً من وجوده فيه صدر بتنسيق وتعاون بين الدبلوماسيتين الفرنسية والاميركية، وسرّعت في وتيرته جدريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري . جريمة توجهت بعدها الأصابع بتركيز إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد وأشعلت غضب الرئيس شيراك فجعل لبنان قضيته الأولى ولا يزال يدفع بقوة حتى الأيام الأخيرة من ولايته في اتجاه قيام محكمة دولية تحاكم القتلة بعدما جهد في تنظيم مؤتمر باريس ٣ لدعم لبنان اقتصاديا وسياسيا بقيادة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

لذلك، يبرز الاهتمام اللبناني بانتخابات فرنسا من خلفية الاهتمام بمرحلة ما بعد شيراك . فاللبنانيون يريدون أن يستشفوا ما ستكون عليه الانعكاسات على السياسة الفرنسية في لبنان مع الرئيس الفرنسي الجديد. والمفارقة ان اللبنانيين الذين يحسدونquot; الفرنسيين على ديقراطيتهم ويتمنون انتقالا دستوريا هادئا وحضاريا للرئاسة في بلادهم، يتعاطون مع الانتخابات الفرنسية من منظار وخلفية انقساماتهم ومصالحهم السياسية. هكذا يبدو فريق الأكثرية ( 14 آذار/ مارس) متحمسا في الاجمال لوصول ساركوزي إلى الرئاسة لكونه يشكل امتدادا لشيراك وملتزما السياسة الفرنسية الداعمة بقوة للبنان، ولا يشذ عن القاعدة إلا رئيس quot;الللقاء الديموقراطيquot; النائب وليد جنبلاط الذي يتعاطفquot; لأسباب اشتراكيةquot; مع سيغولين رويال التي استقبلها بحفاوة في بيروت قبل أشهر، والتي يأمل فريق المعارضة في وصولها إلى الرئاسة نكاية بشيراك المتهم بالإنحياز الى فريق لبناني دون آخر، وانه quot;شخصنquot; العلاقة الفرنسية اللبنانية، وبساركوزي الذي اتخذ في الأسابيع الأخيرة مواقف سلبية ومتشددة من quot;حزب اللهquot; داعياً إياه إلى التخلي عن سلاحه quot;فوراquot;.