تمكين 100 ألف مواطن من امتلاك السكن الملائم خلال السنوات الخمس القادمة
الملك عبد الله الثاني: الإصلاح الاقتصادي يتصدر أولويات الأردن

عصام المجالي من عمّان: قال الملك عبد الله الثاني خطاب العرش السامي في خطاب العرش السامي في الدورة العادية الثانية، لمجلس الأمة الخامس عشر اليوم، إن الجانب الاقتصادي ما زال يتصدر أولوياته، خاصة في بعده الاجتماعي، وذلك بسبب التحديات الاقتصادية، التي نتجت عن موجة الغلاء العالمية.

وأضاف انه بالرغم من كل المعيقات والتحديات الاقتصادية وغيرها، فإن الأردن يسير في الطريق الصحيح، باتجاه نهضة شاملة، مؤكدا التزام الحكومة بتنفيذ جملة من السياسات، في المحاور ذات الأولوية، بالتعاون مع السلطتين التشريعية والقضائية، بتقديم تقارير دورية للسلطة التشريعية، توضح سير العمل، في البرامج التي نفذتها، وإطلاع الجميع على التطورات والمستجدات، واعتماد هذه التقارير، كمؤشر موضوعي، على مستوى الأداء والإنجاز.

وأضاف ملك الأردن قائلا: quot;يتصدر الأولويات الوطنية، في المدى المتوسط الإصلاح الاقتصادي، واستكمال بناء اقتصاد وطني قوي، ينعكس بشكل إيجابي، على مستوى معيشة الأردنيينquot;.

وأكد أهمية التزام الحكومة بتقديم الخدمات الأساسية، بأفضل المستويات للمواطنين، والتدخل بالشكل الذي يلبي احتياجاتهم وأولوياتهم، والعمل لتوحيد مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية، في العاصمة والريف والبادية والمخيمات، وضمان توزيع جغرافي عادل، لعوائد التنمية.كما أشار إلى عزم الحكومة، على تطوير علاقة وزارة العمل، بصندوق المعونة الوطنية، بحيث يتم إشراك أبناء الأسر المستفيدة، في برامج التدريب المهني، التي تؤهلهم لدخول سوق العمل، والمساهمة في النشاط الاقتصادي.

وكشف العاهل الأردني أن الحكومة ستقوم بتنفيذ منظومة للأمان الإجتماعي، تضمن وصول الدعم المالي، إلى من يحتاجه ويستحقه، لتمكينهم وحمايتهم اقتصاديا. وستعمل الحكومة أيضا، على توسيع مظلة التأمين الصحي الشامل، بالتعاون مع القطاع الخاص، وإعداد خارطة للخدمات الصحية في المملكة، لتكون مرجعا لدراسة وتحديد الأولويات والاحتياجات الصحية المستقبلية.

وأضاف انه وجه الحكومة، بأن يكون عام 2008 عاما للإسكان، وهكذا جاءت مبادرة quot;سكن كريم لعيش كريمquot;، وهي الآن تحت التنفيذ، وحكومتي ملتزمة بتمكين مائة ألف مواطن، من امتلاك السكن الملائم، خلال السنوات الخمس القادمة.

وقال إن الوصول إلى الازدهار الاقتصادي يتطلب تنفيذا فوريا، لمجموعة من الإجراءات، التي تضمن الإستقرار المالي، وتعزيز البيئة الاستثمارية. ومن هذه الإجراءات، ضبط مستويات التضخم، لحماية المواطن من زيادة تكاليف المعيشة، وتفعيل سياسات مصرفية، تضمن سلامة الأجهزة المصرفية وسمعتها، وترتقي بوسائل الرقابة على حقوق المودعين والمتعاملين.

وأوضح أن من أهم الإجراءات المطلوبة من الحكومة في هذا المجال ربط مستويات الرواتب بمعدلات التضخم، وذلك من خلال زيادة علاوة تحسين المعيشة حماية للعاملين والمتقاعدين، وترسيخا للعدالة على أساس الجدارة. ولتنفيذ هذه الخطوة ستقوم الحكومة لزيادة الرواتب ابتداء من مطلع العام المقبل، وتثبيت هذه الزيادة في موازنة عام 2009، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور، بما يوفر عيشا كريما لشريحة كبيرة من المواطنين.

وستعتمد أسلوب للتخطيط الوظيفي، في مؤسسات القطاع العام يقوم على مبادئ الجدارة في الترقية، وتعيين الكفاءات والمواهب، والتقييم والتدريب المستمر،واتخاذ الخطوات الضرورية، لتشجيع وجذب الاستثمارات، وخاصة الاستثمارات العربية الخليجية، لما لمسناه من هذه الدول الشقيقة، من الرغبة في الاستثمار في الأردن، وستستمر الحكومة بتوفير كافة متطلبات البنية التحتية، في المناطق التنموية والاقتصادية الخاصة، في كل من العقبة والمفرق واربد ومعان، وفي مناطق أخرى في المملكة.

وأشار إلى إن تحقيق الأمن الغذائي الوطني، هو من أهم الأولويات، وبالتالي ستقوم الحكومة برعاية المزارعين، ومربي الثروة الحيوانية، وكذلك بتوجيه دعم الأعلاف لمستحقيه، وبالتوازي ستعمل الحكومة بشكل حثيث على إخراج مشروع المراعي الطبيعية، إلى حيز التنفيذ، ضمن البرنامج الشامل لتطوير البادية الأردنية، وحكومتي مستمرة في دعم الخبز لجميع شرائح المجتمع.

واكد إن الأمن الغذائي، يتكامل مع الأمن المائي وتوفير الطاقة، ولذلك كلف الحكومة، بالإسراع في تنفيذ إستراتيجية، تهدف إلى توفير نصيب مائي عادل للمواطن، وزيادة القدرات التخزينية، وتطوير المصادر المائية الموجودة، وبناء المزيد من السدود، ومشروعات الحصاد المائي. أما في مجال الطاقة، فإن الارتفاعات والتقلبات المتلاحقة في أسعار النفط، تفرض العمل بسرعة، للبحث عن مصادر متجددة وبديلة، والإسراع في تنفيذ برنامج الطاقة النووية للأغراض السلمية. وستحدد الحكومة الإطار الزمني، لتنفيذ مشروعات الطاقة النووية، والصخر الزيتي والرياح، وتحدد متى سينتهي العمل في هذه المشاريع، وتنعكس الفائدة منها على جميع الأردنيين.

وأوضح إن تحقيق أي تقدم، مرتبط بوجود بيئة قانونية وقضائية، تضمن سيادة القانون ونزاهة القضاء، وانطلاقا من القناعة بمبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ استقلال القضاة، فإن الحكومة، ستبادر بوضع التشريعات اللازمة، لتسريع إجراءات التقاضي.

وقال الملك عبد الله الثاني إن رؤيته للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تسير جنبا إلى جنب، مع رؤيته في التنمية السياسية، التي تهدف إلى توسيع قاعدة المشاركة في عملية صنع القرار وتنفيذه، وتعزيز مبادئ المشاركة والمساءلة وتكافؤ الفرص. كما بين أن المشاركة في صنع القرار وتنفيذه، وخاصة في المحافظات، تستدعي التفكير في أسلوب إدارة محلية، يميل إلى اللامركزية، ويضمن سرعة وكفاءة التنفيذ. وكنا قد شكلنا لجنة ملكية متخصصة، لوضع أفضل تصور، لإدارة الحكم المحلي في مناطق المملكة، على أساس احتياجات وأولويات أقاليمها.

وأضاف أن تفعيل مفهوم الحكم المحلي، هو من أفضل السبل، لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وتعزيز التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبناء على هذه القناعة، فقد أصبح من الضروري اليوم، أن تبادر الحكومة، وبالتعاون مع البرلمان إلى إعادة دراسة توصيات لجنة الأقاليم، ووضع تشريع يستند لهذه التوصيات، يهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية، من تحديد احتياجاتها التنموية وبرامجها ومتابعة تنفيذها.

المشاركة السياسية
وعلى صعيد توسيع المشاركة السياسية، على المستوى الوطني الشامل، أكد العاهل الأردني إن هذا الطموح، يستدعي حث بعض الفئات، على المشاركة والانتخاب، خاصة الشباب والمرأة، وتشجيعهم على دخول ميادين العمل العام وتولي قيادته. وقال إن المكانة التي يطمح أن يحتلها الأردن عربيا وعالميا، على صعيد الحريات والانفتاح السياسي، تتطلب عملا وجهدا رسميا، من جميع الجهات، لترسيخ ثقافة الديمقراطية، واعتماد الحوار وسيلة للتواصل الحضاري، وتعظيم المشاركة الشعبية، في بيئة تسودها قيم التسامح، وحرية الفكر ورعاية الإبداع، وقال إن هذا يتطلب من الإعلام الوطني، بمؤسساته وأفراده، مساهمة أساسية وفاعلة، فهم عيون الناس على الحقيقة، وإحدى ركائز مجتمعنا الديمقراطي. ودعا جميع المعنيين إلى التمسك بمبادئ المهنية والموضوعية، للحفاظ على التوازن الضروري، بين الحريات الصحفية والحقوق الشخصية، مؤكدا أهمية أن يقابل الارتقاء في مستوى النقد، والجرأة والطرح والتعليق، ارتقاء في سبل البحث والتحليل، فالصحافة مهنة رفيعة، هدفها الحفاظ على المصلحة العامة، وخير المجتمع وتشكيل الرأي العام، بعيدا عن التضليل، وتحويل الرأي الشخصي إلى حقيقة عامة.

الصعيد العربي
وعلى الصعيد العربي، أكد موقف الأردن المبدئي الثابت، هو أن العمق العربي، هو المحيط الحيوي الأول، مشيرا إلى حرص بلاده على التواصل والتنسيق مع أشقائنا العرب، وتعميق العلاقات معهم والحرص على العمل العربي المشترك واستثمار علاقات الأردن الدولية وتوظيفها، لخدمة قضايا الأمة الإسلامية والعربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والحفاظ على مصالح الأردن الاقتصادية والسياسية. وقال إن إيجاد توافق وإجماع عربي مؤسسي، هو أفضل السبل لدعم الفلسطينيين، في نضالهم الوطني.

ودعا إلى دعم الشعب العراقي والوقوف إلى جانبه، حتى يعود العراق إلى مكانته الطبيعية، في محيطه العربي والإسلامي، وينعم أهله بالأمن والاستقرار، والتقدم والازدهار، مؤكدا أهمية دعم العراقيين المقيمين في المملكة كأشقاء وضيوف ورعايتهم كإخوة، خاصة وأنهم يمرون بظروف صعبة حتى يتمكنوا من العودة إلى وطنهم وأرضهم.