طلال سلامة من روما: دخل الحزب الديموقراطي اليساري المرحلة الثالثة من حياته، برغم ولادته قبل شهور معدودة فقط. هذا ما يريده زعيمه، فالتر فلتروني، الذي يربط هذه المرحلة الثالثة بمكافحة التخلف السياسي والاجتماعي للبلاد. مما لا شك فيه أن مرور حزب فلتروني بمرحلتين سابقتين وأخرى جديدة يربك المراقبين ويعطي تفسيرات متعددة الجوانب لأهدافه. هناك من يعزي هذه المرحلة الثالثة الى جهد جهيد منه لإنعاش ثقة الإيطاليين والرأي العام بمنهجه السياسي. اليوم، نجد أن 29 في المئة من الإيطاليين متعاطفين أم مستعدين للتعاطف مع حزب فلتروني وهذا تراجع كبير في شعبية فلتروني وصدمة أثرت على المحرك السياسي اليساري برمته. من جهة أخر، نرى أن بعض المراقبين قرروا مجاراة فلتروني، قبل إصدار أحكام مسبقة وربما ظالمة بحقه. اعتباراً من اليوم، لن يأخذ فلتروني بعين الاعتبار نتائج الاستفتاءات الشعبية إنما يريد تمثيل بديل سياسي أخلاقي بداعي أن ائتلاف برلسكوني يمثل قوة سياسية تدميرية بعيدة كل البعد عن ثمار الحكم السليمة والسلمية.

لا أحد يعلم بعد ان كان موقف فلتروني من الشعبية التاريخية التي يحظى بها برلسكوني هنا حسد أم عدم اكتراث. بيد أن شعبية الفارس برلسكوني باتت خطرة عليه وقد تجلب معها تداعيات quot;ديكتاتوريةquot; عصرية على البلاد التي تتخبط اليوم بأزمات على كافة الأصعدة. لا أحد يعلم كذلك ان كانت حكومة روما قد سخرت مخاوف السكان الأمنية للمضي قدماً في استراتيجيات إعلامية خبيثة هدفها إبراز برلسكوني كبطل لا غنى عنه.

منذ ولادة حكومة برلسكوني شهدت ايطاليا ولادة موازية لمحطتين يساريتين للبث عبر الإنترنت والأقمار الصناعية، هما quot;يوديمquot; التابعة لفلتروني وquot;ريدquot; التابعة لماسيمو داليما، وزير الخارجية السابق. ما يعكس اهتمام اليساريين العصريين في تأسيس إمبراطورية إعلامية تعادل قوتها تلك التي أسسها برلسكوني منذ تسعينات القرن الماضي. بغض النظر عن ولادة المرحلة الثالثة من حزب فلتروني، غير الهامة نسبياً، علينا رؤية ما ستدر عليه محطته التلفزيونية من نفوذ إعلامي(وإذن سياسي). في أي حال، أضحى فلتروني، كما برلسكوني، يعتمد بدوره على قوة الإعلام الجبارة.