باراك أوباما يختار فريقاً امنياً يجمع بين البراغماتية والحزم

واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما اسماء ابرز المسؤولين في مجالي الخارجية والامن، والذين سيعملون معه بعد توليه الرئاسة في 20 يناير/كانون الثاني 2009. ومن ابرز ما اعلنه اختيار هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، وسوزان رايس سفيرة لواشنطن بالامم المتحدة، واستمرار روبرت جيتس وزيرا للدفاع، واختيار جيمس جونز مستشارا للامن القومي. وكان اوباما اعلن من قبل اختيار تيموثي جثنر وزيرا للخزانة.

وفيما يلي نبذة عن اهم هذه الشخصيات:

هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية

تمارس هيلاري كلينتون، المولودة عام 1947، العمل السياسي منذ سنوات طويلة، فقد شاركت عندما كانت طالبة تدرس القانون بجامعة ييل الأميركية في الدعاية لمرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة. كما شاركت في الحملات الانتخابية لزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون اثناء سعيه لتولي منصب حاكم ولاية اركنساس، وهو المنصب الذي احتفظ به منذ عام 1979 الى 1992.

وبعد ان وصل كلينتون الى البيت الابيض في عام 1992، كانت هيلاري عضوا بارزا في ادارته، فقد شاركت في برامج لاصلاح نظام التأمين الصحي، وحملات لتحسين اوضاع النساء. ولم تتخل هيلاري عن العمل السياسي بعد خروجها من البيت الابيض عام 2000، فقد نجحت في الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، واصبحت من ابرز الشخصيات في الحزب الديمقراطي.

وطمحت هيلاري لان تكون اول امرأة تترأس الولايات المتحدة، وحاولت الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، لكنها خسرت امام باراك اوباما. واختلفت هيلاري مع اوباما حول عدد من القضايا من بينها الحرب في العراق التي صوتت تأييدا لها. لكنها ستعمل الآن مع اوباما ومع نائب الرئيس جوزيف بايدن الذي يمتلك خبرة طويلة في السياسة الخارجية.

سوزان رايس، سفيرة واشنطن في الامم المتحدة

يعد اختيار سوزان رايس سفيرة لواشنطن في الامم المتحدة مؤشرا على اتجاه باراك اوباما الى التعاون بشكل اوسع مع اعضاء المنظمة الدولية مقارنة بما كان عليه الوضع مع ادارة الرئيس جورج بوش. فقد عملت رايس مع الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون في الفترة من 1997 الى 2001 كمساعدة وزير الخارجية للشؤون الافريقية، وكانت اصغر من تولى هذا المنصب في تاريخ الخارجية الأميركية. وكانت سياسة ادارة كلينتون الخارجية تختلف كثيرا عن سياسة بوش.

وايدت رايس ترشيح اوباما للرئاسة عن الحزب الديمقراطي بسبب موقفه المعارض لحرب العراق، وتعد من اقرب مستشاري اوباما في الوقت الحالي. غير ان رايس تؤيد اتخاذ اجراءات قوية لمواجهة الازمة في دارفور. وقالت في شهادتها امام لجنة الكونجرس للشؤون الخارجية عام 2007 انها تؤيد القيام بعمل عسكري في دارفور لاجبار الحكومة السودانية على وقف عمليات القتل في الاقليم.

تخرجت سوزان رايس من قسم التاريخ بجامعة ستانفورد الأميركية، ثم حصلت على دكتوراه من جامعة اكسفورد في في العلاقات الدولية. ورغم انها أميركية من اصل افريقي مثلها مثل وزيرة الخارجية الامركية الحالية كوندوليزا رايس، الا انها لا تمت لها بصلة قرابة.

روبرت جيتس، وزير الدفاع

عين الرئيس جورج بوش روبرت جيتس في منصبه عام 2006، واشرف اثناء توليه المنصب على تغيير الاستراتيجية الأميركية في العراق. وكانت مصادر في الحزب الديمقراطي قد اشارت الى ان اوباما ينوي ابقاء جيتس في منصبه طيلة السنة الاولى من فترة حكمه على الاقل. ويرى الخبراء ان اختيار جيتس لهذا المنصب يعود لكونه محترما لدى كلا الحزبين، وانه الاقدر على عكس ادارة ثنائية الاحزاب في عمله.

وكان جيس قد اعلن خلال جلسة تعيينه في هذا المنصب امام مجلس الشيوخ انه quot;لم يكن يرغب بتولي هذا المنصب لكن حبه لوطنه جعله يقبل بذلكquot;. وقبل توليه هذا المنصب كان ضمن فريق quot;تقييم الاوضاع في العراقquot; الذي ترأسه وزير الخارجية الأميركية الاسبق جيمس بيكر وهو الفريق الذي اقترح تغيير الاستراتيجية الأميركية في العراق بشكل جذري.

يبلغ جيتس من العمر 65 عاما، وانضم الى وكالة المخابرات المركزية عام 1966 وعمل خلال ادارات ستة روؤساء أميركيين وكان الضابط الوحيد الذي ارتقى الى ان وصل الى منصب مدير الوكالة. عمل جيتس مديرا للوكالة قبل توليه وزارة الدفاع وله خبرة في مجال العمليات السرية حيث لعب دورا اساسيا خلال حرب الخليج الاولي وازمة الرهائن الأميركيين في ايران عقب تولي الخميني السلطة عام 1979 ومحاربة الوجود السوفييتي في افغانستان. كما كان عضوا في ادارة الرئيس بوش الاب ومن انصار العودة الى السياسة البراغماتية لتلك الادارة بدلا من سياسات المحافظين الجدد والتي كان وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد احد ابرز رموزها.

مستشار الامن القومي، جيمس جونز

يبلغ جيمس جونز من العمر 63 عاما وقد نشأ في فرنسا التي يتحدث لغتها بطلاقة. وعلى مدى نحو أربعين عاما من الخدمة العسكرية شارك جونز في حرب فيتنام وتقلد عدة مناصب كان أهمها قيادة قوات مشاة البحرية (المارينز) بين عامي 1999 و2003 ، وقبل ذلك كان قائدا لمهام الأغاثة الأميركية في شمال العراق والبوسنة.

وفي عام 2003 اختاره وزير الدفاع السابق دونالد رمسفيلد لقيادة قوات حلف شمال الأطلسي( الناتو) التي استمر فيها حتى عام 2006 وخلال مدة قيادته حاول إعادة صياغة رؤية امنية جديدة للحلف إضافة إلى دعم مهمته في افغانستان حيث تولى الناتو قيادة قوات المساعدة على إرساء الأمن( إيساف). واشتهر جونز بشخصيته القيادية القوية وحضوره المتميز إضافة إلى قدرات خطابية عالية لاتخلو من صراحة شديدة قد تثير التذمر أحيانا.

وتردد كثيرا أنه لم يكن راضيا عن مستوى التخطيط العسكري الأميركي للحرب في العراق، كما انه كان جريئا للغاية في رفض تولى قيادة أركان القوات الأميركية خلال تولي رمسفيلد وزارة الدفاع. تقاعد جونز في فبراير/شباط 2007 لكنه لم يبتعد عن الأضواء فقد كلفه الكونجرس الأميركي بالعمل ضمن فريق quot;تقييم الاوضاع في العراقquot; الى جانب جيتس وبيكر. كما رأس جونز بعد تقاعده مؤسسة الطاقة في القرن الواحد والعشرين التي شكلتها غرفة التجارة الأميركية بهدف إيجاد وسائل لتوفير ما يسمى بمصادر الطاقة النظيفة وهي أحدى الأهداف التي وضعتها إدارة الرئيس جورج بوش لتقليل الاعتماد على النفط.

وزيرة الامن الداخلي، جانيت نابوليتانو

انشأت ادارة الرئيس بوش الابن وزارة الامن الداخلي في الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر/ايلول 2001 على الولايات المتحدة وستتولى بوليتانو هذا المنصب في ادراة الرئيس اوباما. انتخبت بوليتانو عام 2002 حاكما لولاية اريزونا حيث كانت قبل ذلك اول امرأة تتولى منصب المدعي العام في الولاية ثم اعيد انتخابها عام 2006 حاكما للولاية ونالت لقب افضل حاكم ولاية عام 2005 حسب استطلاع قامت به مجلة التايم الأميركية واصفة اياها بمتسلقة الجبال الصاعدة.

لعبت بوليتاتو دورا كبيرا في قضايا الهجرة الى الولايات المتحدة كون اريزونا مجاورة لولاية مكسيكو التي يدخل عبرها معظم المهاجرين غير الشرعيين الى الولايات المتحدة. كما كانت اول امرأة تتولي منصب نائب رئيس اللجنة الوطنية لحكام الولايات في أميركا عام 2005 قبل ان تتولى رئاسة اللجنة عام 2006.

المدعي العام، اريك هولدر

يبلغ هولدر من العمر 57 عاما وهو اول أميركي من اصول افريقية يتولى منصب المدعي العام الذي يعادل منصب وزير العدل في الدول الاخرى. ومن اولى مهام هولدر العمل على اغلاق معسكر جوانتانامو في جزيرة كوبا والذي يضم حاليا حوالي 300 معتقلا ممن تتهمهم الولايات المتحدة بالضلوع في اعمال ارهابية ضدها، ومن بينها هجمات سبتمبر/ايلول على الولايات المتحدة.

وكان هولدر قد تولى منصب نائب المدعي العام خلال ادارة الرئيس الأميركي الاسبق بيل كلينتون ويعمل حاليا في شركة استشارات قانونية. وكان هولدر قد اثار الجدل عندما اعلن انه ليس ضد اصدار الرئيس كلينتون خلال الايام الاخيرة من حكمه عفوا عن رجل الاعمال مارك ريتش الفار حينذاك مما دعا معارضي كلينتون الى القول ان العفو انما كان بسبب تبرع زوجة ريتش لحملة كلينتون الانتخابية. وهولدر من اوائل وكبار داعمي حملة اوباما خلال المراحل الاولى منها للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي .

تيموثي جتنر، وزير الخزانة

لعب تيموثي جتنر، الذي يشغل حاليا منصب رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي في نيويورك، دورا اساسيا في صياغة سياسة الحكومة الأميركية لمواجهة الازمة المالية. وشارك جتنر، الذي يبلغ من العمر 47 عاما، في المفاوضات مع بنك ليمان برازرز الذي تعرض للافلاس، وفي المفاوضات مع شركة :ايه اي جيquot; العملاقة للتأمين التي اشترت الحكومة الأميركية اغلب اسهمها لانقاذها.

وطالب جتنر مرارا بادخال اصلاحات واسعة بالقطاع المالي لتجنب المزيد من المشكلات. وعمل جتنر بصندوق النقد الدولي، كما عمل مساعدا لوزير الخزانة للشؤون الدولية في الفترة من 1999 حتى 2001. وتخرج جتنر من جامعة دارتموث الأميركية بعد ان حصل على درجة في السياسات العامة، كما حصل على دراسات عليا في الاقتصاد من جامعة جون هوبكنز.