السنيورة تسلم الدعوة إلى القمة العربية في دمشق
هل يرأس الجنرال ميشال سليمان الوفد قبل إنتخابه رئيسًا؟

بلال خبيز من بيروت: إختارت الإدارة السورية أن تسلم دعوة رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة إلى حضور القمة في دمشق في الوقت الذي يكون فيه هذا الأخير خارج لبنان. وقام مساعد وزير الخارجية السوري أحمد عرنوس بتسليم وزير الخارجية اللبناني المستقيل فوزي صلوخ الدعوة، على أن يسلمها للرئيس السنيورة عبر البريد كما جرت العادة في المراسلات بين الجانبين منذ استقالة الوزير صلوخ. مصادر الأكثرية إعترضت على الدعوة السورية شكلاً، لجهة تسليمها لوزير مستقيل من الحكومة من وجه أول، ولكون الدعوة صادرة عن رئيس الوزراء السوري خلافًا للعرف الذي يقضي بأن يوجه الدعوة الرئيس السوري نفسه. هذا الإعتراض الشكلي لا بد من أن يشكل مادة للسجال السياسي الداخلي في لبنان، بين معارضة ترى في الدعوة السورية التي تمت بالشكل الذي تمت عليه مخرجًا ذكيًا ولا غبار عليه، فيما وجدته الموالاة تدخلاً سوريًا مباشرًا في الشؤون الداخلية اللبنانية.

السجال الداخلي المرجح إندلاعه في الأيام القليلة المقبلة ليس متعلقًا بالشكل في طبيعة الحال. بل يتعلق اولاً واخيرًا بشد الحبال المتبادل بين المعارضة والموالاة، والصراع المكشوف على حكم لبنان. حيث ترى المعارضة انها تملك الحصن الشرعي الاخير المتمثل في مجلس النواب المقفل، ولا تعترف بشرعية الحكومة، فيما تشن الموالاة حملاتها اليومية على تفرد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بقرار اقفال المجلس النيابي بوصفه في وجه من الوجوه استقالة معلنة وعن سابق تصور وتصميم من حكم البلد. وفي هذا السياق، تحرص المعارضة على عدم اسباغ الشرعية على اي نشاط يقوم به رئيس الحكومة ممثلاً لبنان، إن في القمة الإسلامية او في القمة العربية في دمشق، مثلما تحرص الموالاة على تلبية الدعوات الخارجية كافة، والتصرف والسلوك بما يوحي انها السلطة الشرعية الوحيدة في البلد.

استنادًا إلى هذا المعطى الأساسي من معطيات النزاع الداخلي، تترجح مواقف قوى الموالاة بين الدعوة إلى عدم حضور القمة ما لم ينتخب رئيس للبنان في جلسة الخامس والعشرين من الجاري، وهو موقف عبر عنه بوضوح رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الذي يزور واشنطن، كما ألمح إليه الوزير مروان حماده احد اركان اللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط. والتريث في اعلان موقف حاسم وحازم حيال المشاركة، وهو ما عبر عنه الرئيس الأسبق امين الجميل الذي رأى ان لبنان لا يستطيع تجاهل المشاركة في القمة، وهذا رأي يشق طريقه في صفوف الموالاة بحكم الامر الواقع السياسي. ذلك ان غياب لبنان عن القمة احتجاجًا بعدما بات من شبه المؤكد حضور الدول العربية كافة، يعني انتصارًا رمزيًا سوريًا على فريق الموالاة من خلال تغييب لبنان عن القمة طائعًا مختارًا. وعليه فإن احتمال مشاركة لبنان في القمة امر قد ترتفع حظوظه في المقبل من الأيام، وذلك للأسباب التالية:

من مصلحة الموالاة التي لا مراء فيها ان تتمثل في قمة دمشق بوصفها تمثل لبنان. ولو كان التمثيل ناقصًا. لأنها بهذا التمثيل تكسب نقطتين ثمينتين في صراعها لإثبات شرعيتها. فمثل هذه المشاركة وان كان تثبت قدرة سوريا على تعطيل الاستحقاق الدستوري في لبنان، إلا انها تضعها في مواجهة حكومة هي نفسها تعترف بشرعيتها على ما جاء في التعقيب الذي رافق الدعوة إلى القمة، حين صرح اكثر من مسؤول سوري بأن سوريا ترحب بمن يتوافق الأخوة اللبنانيون على انتدابه لتمثيلهم في مؤتمر القمة. وهي التي حرصت طوال الأعوام الثلاثة الماضية على رفض اي اعتراف بهذه الحكومة والفريق الذي تمثله.

اما على المستوى الداخلي، فإن تمثيل لبنان برئيس حكومة سني في دمشق، امر سيحرج حكمًا العماد ميشال عون الطامح إلى سدة الرئاسة الاولى. ذلك ان تعويد البلد على العيش من دون رئيس ماروني، يضرب اول ما يضرب موقع الرئيس المقبل كائنًا من كان، وهذا ما يجمع عليه المسيحيون عمومًا موالين ومعارضين. وبسبب من هذه الحساسية المسيحية، برز في الأيام الماضية اقتراح يدرس بجدية بعيدًا عن الأضواء، ويقضي بأن يترأس قائد الجيش العماد ميشال سليمان وفد لبنان إلى القمة بوصفه المرشح الوحيد للرئاسة والذي توافق على انتخابه اللبنانيون والعرب والعالم اجمع. وبذلك يكون العماد ميشال سليمان قد خطا خطوة حاسمة في الطريق إلى قصر الرئاسة في بعبدا، جاعلاً حظوظ الجنرال ميشال عون في الوصول إلى الرئاسة شبه معدومة. ومثل هذا التدبير الذي قد تلجأ إليه الاكثرية إذا ما وافق الجنرال سليمان على السير فيه، يضع سوريا في موقف حرج، لجهة انها ستظهر بمظهر الدولة العربية الوحيدة التي تعرقل انتخاب رئيس الوفد اللبناني إلى القمة رئيسًا، كما يحرج مسيحيي المعارضة الذين سيجدون انفسهم امام ضرورة شنّ هجوم على المرشح التوافقي معلنين بذلك رفضهم المبادرة العربية من دون مواربة بوصف التوافق على الجنرال ميشال سليمان رئيسًا يشكل عماد هذه المبادرة واول بنودها.