ف
يينا: بدأت بعد ظهر اليوم بمقر الأمم المتحدة في فيينا سلسلة مشاورات غير رسمية بين مندوبي دول الترويكا في مجموعة التجارة النووية (المانيا وهنغاريا وجنوب افريقيا)، بمشاركة عدد من رؤساء المجموعات الجغرافية، بالإضافة إلى مندوبي الهند واليابان، وتركزت حول سبل تذليل العقبات والتحفظات التي ما تزال تعترض إمكانية التوصل إلى حل توافقي بشأن المقترحات الأميركية لرفع الحظر عن الهند.اميركيون يحذرون من الاتفاق النووي مع الهند
وتوقع المراقبون هنا أن تعمد بعض الدول الاعضاء في مجموعة التجارة النووية إلى رفض المقترحات الأميركية، لاعتقادها أنها لا تحتوي على ضمانات كافية تُلزم الهند بعدم تحريف المواد أو الانشطة النووية لأغراض عسكرية، ما دامت ترفض التوقيع والمصادقة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ونظام الضمانات النووية الشاملة للوكالة الذرية.
ويرى المراقبون أنه إذا وافقت دول المجموعة على المقترحات الأميركية تحت وطأة الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية، فإن ذلك سيؤدي إلى انتهاك المبادئ الأساسية، ويسمح لبعض الدول الاستفادة من تجارة الوقود والتكنولوجيا النووية مع الهند، ولذلك فهي تتمسك بالحد الأدنى لفرض الحظر النووي اللازم في حال عدم وفاء الهند بالتزاماتها.
من جهة ثانية، نفى مصدر دبلوماسي روسي أن يلجأ الاتحاد الروسي إلى ممارسة ضغوطه السياسية أو الاقتصادية لمنع تبني مقترحات أميركية تقضي برفع الحظر الذي تفرضه مجموعة الدول المصدرة للمواد والوقود والتكنولوجيا النووية إلى الهند، وأكد أن النزاع القائم في منطقة القوقاز هو نزاع سياسي وأمني، لا علاقة له بالجهود المبذولة لتكريس استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتنموية.
واستبعد المصدر الدبلوماسي الروسي أي احتمال للجوء مندوب الاتحاد الروسي خلال الاجتماع الطارئ الذي ستعقده مجموعة دول التجارة النووية يومي الخميس والجمعة إلى عرقلة أي حل توافقي بشأن رفع الحظر عن الهند نظراً لعدة اعتبارات أهمها أن روسيا استكملت بناء مفاعلين نوويين في الهند، وهي بصدد انشاء أربع مفاعلات نووية أخرى. ولكن مصدراً دبلوماسياً ينتمي إلى مجموعة الـ 77 والصين، أكد وجود خلافات بين مجموعة دول التجارة النووية (45 دولة) حول صيغة المقترحات التي قدمتها الولايات المتحدة إلى ألمانيا التي تترأس الدورة الحالية للمجموعة، وهي المقترحات التي ستتصدر جدول أعمال الاجتماع الطارئ الذي سيعقده مندوبو الدول الأعضاء على مرحلتين بمقر البعثة اليابانية والأمم المتحدة في فيينا.
من جهة ثانية، علم أن المقترحات الأميركية التي تتألف من خمسة بنود رئيسية و16 فقرة فرعية، وتتضمن سلسلة تدابير يمكن أن تلجأ إليها مجموعة الدول المصدرة للتجارة النووية في حال عدم وفاء الهند بالتزاماتها وأهمها: وضع آلية مشتركة تأخذ في الاعتبار احتمال استئناف الهند لعمليات التفجير النووي، أو انتهاك اتفاق الضمانات مع الوكالة الذرية، وإعادة كميات الوقود والمواد النووية في حال التأكد من تحريفها من قبل الهند؛ حظر ومنع أي تحويل للمواد النووية الحساسة ولا سيما تلك التي تدخل في عملية إعادة المعالجة، وتخصيب اليورانيوم، وتشغيل أجهزة التكنولوجيا النووية المتصلة بإنتاج الماء الثقيل؛ التحرك الفعلي ورفض كافة الترتيبات التي يمكن أن تعطي الهند أي استثناء او اعفاءات خاصة، تتعارض مع المبادئ الأساسية والدائمة لنظام الضمانات النووية على كافة المواد والقدرات النووية؛ وينبغي على دول المجموعة أن لا تتخذ أي قرار إلا بعد توقيع كل من الهند والوكالة الذرية على البروتوكول الإضافي المكمل للاتفاق الأساسي بين الطرفين؛ وقبل منح الهند أية اعفاءات تندرج في إطار الضمانات النووية، ينبغي على مجموعة الدول المصدرة للوقود والتكنولوجيا النووية دعوة الهند للانضمام إلى أربع أو خمس دول رئيسية تملك أسلحة نووية من أجل إتاحة الفرصة لها للتأكد من أنها قد أوقفت بالفعل إنتاج المواد النووية الحساسة، ومطالبتها بتحويل تجاربها النووية إلى إجراءات قانونية ملموسة وموثوق بها، مثل المبادرة إلى التوقيع والمصادقة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
في غضون ذلك طالبت عدة منظمات وشخصيات دولية معروفة وزراء خارجية مجموعة الدول المتخصصة بالتجارة النووية بعدم الموافقة على الاتفاق القاضي باعفاء الهند من إجراءات حظر استيراد الوقود النووي. فقد أعرب كلٌ من جوناثان غراندوف رئيس المركز الدولي للأمن، ودوغلاس روشيه رئيس مبادرة الوساطة الدولية عن اعتقادهما أن الاتفاق الجديد بين الهند وكل من الوكالة الذرية والولايات المتحدة يشكل انتهاكاً للمبادئ والأهداف الأساسية لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي ما تزال الهند ترفض الانضمام إليها.
وحذر غراندوف وروشيه في رسالة مشتركة إلى وزراء الخارجية والدفاع في دول التجارة النووية من مغبة أن يؤدي المصادقة على الاتفاق إلى احتدام سباق التسلح النووي. أما العالم النووي الهندي الدكتور سرينيفاسان، الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية الهندية، فقد أكد أنه quot;إذا لم تعط دول مجموعة التجارة النووية موافقة واضحة وصريحة للهند بشأن ضمان حصولها على كافة المواد والوقود والأجهزة النووية اللازمة التي تحتاجها، فإن نيودلهي ستلجأ إلى الانسحاب من المجموعةquot; حسب قوله.
التعليقات