طلال سلامة من روما: انفجرت في أيدي سيلفيو برلسكوني قنبلة الاستفتاء الموجودة حالياً تحت منصة التشكيلة الحكومية. ولا يستبعد المحللون أن تنفجر هذه القنبلة المؤقتة في الربيع القادم. وما يقلق سيلفيو برلسكوني ليست إصلاحات العدالة والنظام الفيدرالي فحسب إنما الاستفتاء الانتخابي الذي يؤرق أحلام أومبرتو بوسي، زعيم حزب رابطة الشمال التي بدأت زرع المتاريس حولها طالبة الدعم السياسي من قوى الأغلبية الحاكمة. في الحقيقة نحن لا نتحدث عن استفتاء شعبي واحد إنما ثلاثة تم إنجازهم قبل عام أي عندما كانت حكومة البروفيسور رومانو برودي تحتضر. في حال وافقت المحكمة العليا على نتائج هذه الاستفتاءات فان النظام الانتخابي هنا سينقلب رأساً على عقب ليصبح مكوناً فقط من لائحتين. الأولى تضم حزب برلسكوني، أي حزب quot;قوة ايطالياquot;، والثانية حزب فلتروني أي الحزب الديموقراطي اليساري. هكذا، تتبخر رابطة الشمال بالكامل من تشكيلة برلسكوني الحكومية مما لن يتسبب في هزة في البنى التحتية السياسية فحسب إنما سيكون الضوء الأخضر القضائي على هذه الاستفتاءات الثلاثة زلزالاً بكل معنى الكلمة ما يجعل ايطاليا تقترب من سلسلة من الانقلابات الحكومية(وربما العسكرية) على غرار ما يحصل في بعض الدول الأفريقية!

الغريب في الأمر أن حزب الاتحاد الوطني اليميني يقف وراء هذه الاستفتاءات قبل أن يدخل ليشكل جزء من الائتلاف الحاكم الذي يضم ثلاث أحزاب هي حزب quot;قيم ايطالياquot; والاتحاد الوطني اليميني ورابطة الشمال التي تطلب اليوم من حلفاؤها إبطال مفعول هذه الاستفتاءات ان شاء مروجيها أم أبوا. فتلقي ضربة سياسية تطيح بها من الحكومة عملية جنونية لم يدرك حزب جان فرانكو فيني(زعيم حزب الاتحاد الوطني اليميني ورئيس البرلمان الحالي في الوقت ذاته) أبعادها. فقبل عام، لم تكن المخططات السياسية واضحة بعد.

الى جانب غضب أومبرتو بوسي، يعبر روبرتو ماروني(وزير الداخلية) وروبرتو كالديرولي(وزير تبسيط القوانين الإيطالية) عن الرغبة في الطعن بأي قرار يتخذه القضاة. فاعتراف القضاة بتيارين سياسيين فقط، الأول تابع لبرلسكوني والثاني لفالتر فلتروني، يعني أوتوماتيكياً انضمام جميع الأحزاب الأخرى(مهما كان حجمها ونفوذها) الى أحد هذين التيارين. لذلك، ستتعرض طبيعة الأيديولوجية الحزبية هنا للاختراق من عدة جوانب بما فيه انصياع الصغير للكبير القادر على quot;الدوس على رقبتهquot; حينما يشاء.

تجنباً لتسونامي سياسي، قد يطيح ببرلسكوني شخصياً ان خسر دعم رابطة الشمال في البرلمان ومجلس الشيوخ، يسعى رئيس الوزراء الى طمأنة بوسي حول الضمانات التي قدمها جان فرانكو فيني في هذا الصدد. فكل شيء يجري في الائتلاف الحاكم، أي حزب الحرية الذي يجمع الأحزاب الثلاثة المذكورة في الأعلى تحت سقف واحد، سيكون الدفة التي ستقود الإصلاحات والاستفتاءات نحو الاتجاه الصحيح. مما لا شك فيه أن الحزب الديموقراطي اليساري سيسعى جاهداً الى غرز خنجر نتائج هذه الاستفتاءات في صدر بوسي وبرلسكوني معاً. فهذه فرصة ذهبية للثأر من الخونة، اليمينيين واليساريين معاً.