قالت إيران عشية اجتماع جنيف اليوم مع القوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن + ألمانيا) إنها ستذهب إلى الاجتماع بنيّة حسنة،معتبرة إياهفرصة واختبارًا للقوى الست، في حين تلوح القوى الست بعقوبات جديدة في حل فشلت هذه المفاوضات في الوصول إلى نتيجة. ويجتمع مسؤولون من الدول الست مع كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي اليوم لمناقشة برنامج إيران النووي المثير للجدل. ويشارك في الاجتماع خافيير سولانا مفوض الشؤون السياسية والدبلوماسية بالاتحاد الأوروبي.

عواصم: تلتقي الدول الست الكبرى المكلفة بالملف النووي الإيراني مع طهران الخميس في جنيف لاعادة اطلاق المباحثات التي ستشكل اختبارًا مهمًا بعد الكشف عن وجود موقع ثانٍ لتخصيب اليورانيوم في إيران. وسيقود الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا المحادثات باسم الصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا، مع المفاوض الإيراني سعيد جليلي الذي سيلتقيه للمرة الاولى منذ تموز/يوليو 2008 في سويسرا.

ويرى الخبراء على غرار العواصم الغربية ان العنصر المجهول المهم في هذا الاجتماع هو موقف إيران التي لم تكف منذ اسبوع عن ابداء مواقف متقلبة. ولخص سولانا الثلاثاء الوضع بقوله ان اختبار (نوايا طهران الحقيقية) سيكون في الاول من تشرين الاول/اكتوبرquot;. واكد كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي من جهته اليوم الاربعاء قبل ان يتوجه الى جنيف للمشاركة في المحادثات الخميس انه سيعتمد نهجًا quot;ايجابيًاquot; في هذه المحادثات.

إقرأ أيضا:
المواقع النووية الايرانية
أبرز المحطات في الأزمة النووية الإيرانية

وقال جليلي للصحافيين في مطار طهران قبل ان يغادر الى سويسرا quot;اننا متوجهون الى اوروبا لخوض هذه المفاوضات بنهج ايجابي وآمل ان تكون هذه فرصة للاخرين للقيام بالامر نفسه ايضًاquot;. لكن طهران لم تكفَّ عن تصعيد الضغوط في الايام الاخيرة منذ الكشف الجمعة عن وجود موقع إيراني ثان لتخصيب اليورانيوم مخفي تحت جبل بالقرب من قم (وسط) لم تبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن وجوده الا في 21 ايلول/سبتمبر.

كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي

وأعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ان بلاده ستقترح قيام طرف اخر بتخصيب اليورانيوم بالدرجة المطلوبة لتغذية مفاعلها النووي للابحاث في طهران بالوقود بدلا من ان تقوم بهذه العملية بنفسها، كما نقلت عنه وكالة الانباء الطالبية. وقال الرئيس الإيراني quot;من المواضيع المطروحة في هذه المفاوضات معرفة كيفية حصولنا على الوقود لمفاعل طهرانquot;.

ولمح أحمدي نجاد الى ان بلاده قد تضطر الى تصنيع هذا الوقود بنفسها اذا لم يوافق اي بلد اخر على بيعها اياه. ويتيح البرنامج الحالي لإيران تخصيب اليورانيوم بنسبة خمسة في المئة، علمًا ان تصنيع قنبلة نووية يتطلب استخدام وقود يشكل اليورانيوم المشع نسبة تسعين في المئة منه.

بدوره اعلن مسؤول كبير في الادارة الاميركية ان الولايات المتحدة مستعدة لان يجري ممثلها في المحادثات المتعددة الاطراف محادثات ثنائية مع ممثل الجمهورية الاسلامية. واللقاءات من هذا النوع استثنائية بين البلدين اللذين قطعا علاقاتهما الدبلوماسية في العام 1980.

وقال المسؤول طالبًا عدم كشف هويته ان فترات الاستراحة بين جلسات العمل quot;ستتيح لمختلف الوفود بما فيها دول 5+1 كمجموعة واحدة عقد اجتماعات للتشاور، كما سيتيح ذلك فرصة في حال كان الامر مفيدًا للمناقشات، لاجراء محادثات ثنائية بين اعضاء في مجموعة 5+1 والوفد الايرانيquot;. واوضح ان فحوى المحادثات التي يمكن ان تجري بين مساعد وزيرة الخارجية الاميركي وليام بيرنز وكبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي، يبقى مفتوحا. واشار مسؤول اخر الى ان مثل هذا اللقاء في حال عقد سيشكل حدثًا نادرًا ولكن هناك سوابق في هذا المجال لأن محادثات ثنائية جرت في الماضي على مستوى رفيع حول افغانستان والعراق في ظل الادارة الاميركية السابقة.

والاحد، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي ان بلاده لا تنوي تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على خمسة في المئة، وهي النسبة المطلوبة للقيام بانشطة نووية مدنية. واضاف صالحي كما نقلت عنه وكالة ايلنا شبه الرسمية quot;لو كنا نريد التخصيب بدرجة عالية، لما كنا ابلغناquot; الوكالة الذرية بوجود المصنع القريب من قم.

واثار الاعلان عن الموقع الاستياء لانه ملائم برأي الخبراء لاستخدام عسكري مما يعزز شكوك الغربيين بشأن نوايا طهران لامتلاك السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني، الامر الذي تصر طهران على نفيه. وبعيدا عن خفض اللهجة قامت طهران الاثنين باطلاق صواريخ طويلة المدى قادرة على بلوغ اسرائيل واكدت مجددًا الثلاثاء انها لن تتخلى عن quot;حقهاquot; في التكنولوجيا النووية المدنية.

واثار عرض العضلات هذا الاستنكار لدى الغربيين فيما عمد الأميركيون منذ اشهر عدة الى تغيير استراتيجي كبير في موقفها من إيران. واقتناعا منه بان سياسة العقوبات لم تنجح مد الرئيس الأميركي باراك أوباما يد الحوار تجاه إيران. ولدعم هذه السياسة الجديدة سعى الرئيس الأميركي جاهدا لكسب ود موسكو القوة الكبرى الوحيدة القادرة على التحدث الى إيران.

أطلقت إيران صواريخ طويلة المدى قادرة على بلوغ اسرائيل

الا ان مجريات الاحداث الاخيرة دفعت واشنطن الى التهديد مجددًا بفرض عقوبات جديدة في حال فشل المحادثات في سويسرا، مما يشدد الضغوط. وتبدو المحادثات شائكة خصوصًا وان الاطراف المعنية لا تعبر عن الاهداف نفسها. فطهران تريد مناقشة رزمة مقترحاتها الاخيرة لبحث مشكلة الانتشار النووي بشكل عام بدون الاشارة الى برنامجها المثير للجدل ولا مسالة تخصيب اليورانيوم الحساسة.

اما مجموعة الدول الست فتريد الحصول على توضيحات بشأن موقع قم وتجديد اقتراح مبدأ quot;التجميد مقابل التجميدquot;، اي تعليق العقوبات مقابل تعليق تخصيب اليورانيوم. وحذر خافيير سولانا الثلاثاء من انه quot;لن يكون سهلاquot; الحصول من إيران على ضمانة بان برنامجها النووي يكتسي طابعًا سلميًا.

وقال محمد رضا جليلي البرفسور في معهد الخريجين بجامعة جنيف quot;ذلك سيدهشني كثيرا ان يعلن المفاوضون امورا هامة في جنيفquot;. وراى ان الاستراتيجية الإيرانية ترتكز على دعامتين منذ سبع سنوات quot;عدم التخلي عن اي شيء وكسب الوقتquot;.

إلى ذلك قال مصدر أمني بريطاني يوم الاربعاء ان مسؤولين بريطانيين يعتقدون أن إيران ظلت تسعى لصنع أسلحة نووية خلال السنوات القليلة الماضية على خلاف الرأي الأميركي القائل بأن طهران أوقفت العمل في التصميم والتسلح عام 2003. وقال محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية انه ليس لديه أدلة تدعم التقييم البريطاني. وأضاف المصدر الأمني البريطاني أن كشف إيران في الأسبوع الماضي عن محطة نووية ثانية أدى الى تعزيز الشكوك الدولية في أن إيران تضمر نوايا لامتلاك أسلحة نووية.

وتوصل تقرير للمخابرات الوطنية الأميركية نشر في ديسمبر كانون الثاني عام 2007 بدرجة كبيرة من الثقة أن إيران أوقفت برنامج الأسلحة النووية في خريف 2003 ولم تستأنفه حتى منتصف 2007. وحدد التقرير عبارة quot;برنامج الأسلحة النوويةquot; على أنها العمل في تصميم الأسلحة والتسلح والأنشطة السرية المرتبطة بتحويل اليورانيوم وتخصيبه.

اثنان من الفنيين الايرانيين في محطة في أصفهان

وأضاف المصدر البريطاني quot;لم نتفق مع التقييم الأميركي وما زال هذا هو موقفنا.quot; ومضى يقول quot;هذا ما شعرنا به في 2003. لذلك فان قلقنا يعود الى ذلك الحين. ما زلنا غير مقتنعين ودعمت تطورات الأسبوع الماضي هذا التشكك.quot; وأردف قائلا quot;أريد أن أوضح أننا لا نخوض معركة مخابراتية مع الولايات المتحدة. بل انه مجرد اختلاف في التقييم. الأمر يتعلق بالتحليل لا المعلومات.quot;

وأدى تقييم المخابرات الأميركية المتعلق بعام 2003 في ذلك الوقت الى تقلص المساندة الدولية لفرض المزيد من العقوبات على إيران التي تنفي وجود أي خطط للأسلحة النووية وتقول ان الغرض الوحيد من أنشطة تخصيب اليورانيوم التي تقوم بها هو توليد الكهرباء.

وتم تجاهل الادلة التي قدمها البرادعي الى مجلس الامن واشار الى عدم صحة هذه التقييمات. ولم يتم العثور أبدا على هذه الاسلحة. وظهرت في الاسابيع الاخيرة اختلافات واضحة في تقييمات المخابرات الاجنبية للنشاط النووي الإيراني بشكل متزايد. وقال البرادعي ان تحقيقًا مستمرًا من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المعلومات المخابراتية الغربية بان إيران اجرت ابحاثًا على الاسلحة النووية لم تظهر اي ادلة عليها حتى اليوم.

وقال البرادعي في مقابلة مع تلفزيون سي.ان.ان.-الهند اثناء زيارة الى نيودلهي quot;لم أر ادلة يمكن ان يعول عليها تشير الى ان إيران لديها برنامج تسليح نووي مستمر اليوم.quot; واضاف quot;سواء أكانوا اجروا بعض الدراسات على التسليح كما تقول الولايات المتحدة واخرون فهذه واحدة من القضايا التي ما زالت عالقة.quot;

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان المواد المخابراتية التي تشير الى ان طهران في الماضي عمليات معالجة اليورانيوم وتجارب جوية لمواد شديدة التفجير ومساع لتعديل الجزء المخروطي من أحد الصواريخ بحيث يستوعب رأسا نوويا كانت هي مواد يعول عليها ولكن لم يتم التحقق منها.

وجاء في تقرير للوكالة في 28 أغسطس اب ان إيران يتعين عليها ان توضح المسألة بدلا من مجرد نفي المعلومات ووصفها بأنها مختلقة. لكنها أضافت أن التقرير لم يضم دليلا جديدا ملموسا على أن إيران لديها نية لصنع أسلحة نووية. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر ان الوكالة لم تنشر بعد ملاحق للنتائج التي توصلت اليها بشأن إيران التي قال انها quot;مهمةquot; للتوصل الى تقييم quot;لابعاد عسكرية محتملةquot; لحملة تخصيب اليورانيوم التي تقوم بها إيران. وقال دبلوماسيون مقربون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان لديها تحليلاً داخليًا لنتائجها يتم تحديثه من ان لآخر بمواد جديدة ولكن المحققين لم يتوصلوا الى نتائج بعد.

التطلعات الاميركية للتفاوض مع الايرانيين، وهي:

- إدراج البرنامج النووي الايراني في طليعة المحادثات

- ان يسمح الايرانيون للمفتشين الدوليين بالوصول بشكل quot;سريع جدا وتام وبدون قيودquot; الى المنشأة التي كشفت ايران مؤخرًا عن بنائها قرب مدينة قم

- ان تجري محادثات بشأن تدابير اخرى يترتب على الايرانيين اتخاذها لاعطاء ضمانة حول الطابع المدني لانشطتهم النووية

- ان يلتزم الايرانيون بعملية تفاوض حقيقية تسمح بتحديد جدول زمني للقاءات جديدة.