مؤكداً إستمرار دعم الفلسطينيين.. لكن الأولوية تظل لمصالح مصر
مبارك يرفض إبتزاز القوى الإقليمية والوجود الدولي على الحدود

نبيل شرف الدين من القاهرة: في إشارة إلى تنامي الدور الإيراني على الصعيد الإقليمي، حمّل الرئيس المصري حسني مبارك قوى إقليمية ـ لم يسمها صراحة ـ المسؤولية عما وصفه بمحاولة فرض واقع عربي وفلسطيني جديد من أجل أجندة خاصة، كما حذر مبارك من محاولات المساس بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية. وجدد مبارك رفض بلاده القبول بوجود قوات دولية على حدودها، وأشار إلى أن الجيش المصري مستعد للدفاع عن حدود بلاده ومصالحها، لكنه استدرك مشدداً على رفضه لأي استدراج نحو خطوات غير محسوبة العواقب.

وأضاف مبارك أن لمصر جيشا قوياً قادراً، لكنه لن ينجرف وراء من يقامر بأرواح أبنائه، إلا دفاعا عن ارض مصر وسيادتها ومصالحها العليا، وحذر مبارك في كلمة ألقاها خلال الاحتفال بعيد الشرطة، من الحديث عن مرجعية جديدة للشعب الفلسطيني، متسائلا لصالح من نهدر الشرعية التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية ؟، أليس من الأولى العمل على اصلاحها؟، أو لم تتفق كافة الفصائل على ذلك في القاهرة عام 2005 ؟ .

وأكد مبارك أن مصر لاتخضع للابتزاز، وقال: quot;لن اسمح لأحد باستدراجنا لخطوات غير محسوبة العواقب، تنساق وراء مخططات قوى اقليمية معروفة ، وتخدم أهدافها ومصالحهاquot; .

وأشار الرئيس المصري إلى أن الأزمة التي شهدتها المنطقة أخيراً بسبب الحرب في غزة، كشفت محاولة إستغلال الأمر لفرض واقع جديد على الوضع الفلسطيني والعربي، وقال quot;واقع جديد تغيرت معادلته ويعاد ترتيب أوراقه لصالح قوى إقليمية معروفة ولخدمة أجندتها ومخططاتها، كان الهدف سحب الشرعية من السلطة الفلسطينية ومنحها للفصائل، والهدف تكريس الانفصال القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزةquot; .

استهداف مصر

وتساءل الرئيس المصري حسني مبارك مستنكراً: هل كانت مصر بدورها ومواقفها هي المستهدفة منذ بداية العدوان على غزة، وقال: quot;إن هذا التساؤل المشروع تعززه المتابعة المدققة لتسلسل الأحداث، قبل العدوان وخلاله وبعد توقفه، لقد ترددت الدعوة لسحب مبادرة السلام العربية على مدار العام الماضي، وعادت لتتردد بقوة خلال العدوان على غزة، وخلال إجتماع quot;الدوحةquot; والقمة العربية في الكويت، فهل كان هذا هو القصد من تصعيد الوضع في غزة ؟ .

ومضى مبارك متسائلاً: وبفرض سحب المبادرة أو تجميدها فما البديل؟، هل هو مجرد قطع العلاقات وإغلاق السفارات، أم هي الحرب إلى آخر جندي مصري؟ .

وهل كان الهدف النهائي هو إبتزاز مصر وإستدارجها وتوريطها؟، مؤكدا أن المقاومة ليست شعارات تستخف بأرواح الشهداء، وتتاجر بدماء الجرحى ومعاناة المدنيين الأبرياء .

وشدد مبارك على أن المقاومة لابد أن تخضع لحساب الأرباح والخسائر وهي مسؤولة أمام الشعوب تحاسبها بقدر ماتحققه من مكاسب لقضاياها أو ماتؤدي إليه من ضحايا وآلام ودمار.

ولفت الرئيس المصري إلى أن المحرضين على القتال وقفوا مكتوفي الأيدي أمام العدوان على غزة ولم يحركوا ساكنا وإكتفوا بالخطب والشعارات، وقال إن تاريخ عالمنا العربي حافل بأمثلة عديدة لمن علا صوتهم وتضاءلت أفعالهم، ولمن عرّضوا شعوبهم لمعاناة الحروب ومهانة الاحتلال بسياسات غير محسوبة، وعلينا أن نتذكر كيف استدرجت مصر لحرب وهزيمة 1967، وعلينا ألا ننسى أن المشهد العربي والفلسطيني الراهن هو بعض من تداعيات هذه الحرب وتلك الهزيمة .

الأنفاق والمصالحة

وتطرق مبارك لمسألة التهريب والأنفاق على الحدود، قال مبارك: quot;إن تهريب البضائع هو نتيجة للحصار، وإن الاتفاق الإسرائيلي -الأميركي لمراقبة تهريب السلاح لا يلزمنا في شيء، وكأي دولة مسؤولة قادرون على تأمين حدودنا، ولن نقبل بأي تواجد لمراقبين أجانب على الجانب المصري من الحدود، ونتمسك بأن تبتعد أية ترتيبات إسرائيلية دولية عن أرض مصر وسمائها ومياهها الإقليمية .

ونوه بأن مصر ستواصل جهودها وإتصالاتها لتثبيت وقف إطلاق النار وإستعادة التهدئة، ومساعيها لفتح المعابر ورفع الحصار وتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني، مشيرا إلى أن مصر ستستضيف الشهر القادم مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار ما دمره العدوان على غزة، وأكد أن مصر سوف تبقى صاحبة الدور الأول والمسؤولية الرئيسة لاعتبارات الجغرافيا والتاريخ والحجم والمكانة، وستظل أكبر بكثير ممن يحاولون النيل منها، من دون أن يقدموا شيئا مفيدا للشعب الفلسطيني وقضيته .

وحول المصالحة العربية قال مبارك quot;إن باب المصالحة العربية الذي فتحناه في قمة الكويت سوف يظل رهنا بسلامة القصد وصدق النية وتطابق الأقوال والأفعال، ومراجعة المواقف والتوجهات من جانب الذين تطاولوا على مصر.. ولايزالون .

واختتم مبارك قائلاً quot;إن فلسطين في قلب شعب مصر وضميره ووجدانه، قدم لها الكثير وضحى من أجلها بالكثير من أرواح شهدائه ودماء أبنائه وقوت يومه، ولولا ماخضناه من حروب متتالية منذ عام 1948 لكان بلدنا وشعبنا اليوم أفضل حالا بكثير، وأقول بكل صدق ومصارحة إننا سنواصل دعم شعب فلسطين وقضيته بأقصى الجهد، إلا أن الأولوية سوف تظل لمصر أولا وأبدا وفوق كل اعتبارquot; .